تعاني مختلف الأندية الجزائرية الناشطة في الرابطة المحترفة الأولى والثانية موبيليس من مشاكل مالية كبيرة ما جعل سقف العجز يفوق ال51 مليار سنتيم ل26 نادي، بينما تمكنت 6 أندية فقط من تخطي الأزمة بسبب وجود رجال المال والأعمال وحتى لسياسة التقشف التي تستعملها لتفادي الأزمة المالية. ومنح الاتحاد الجزائري لكرة القدم بقيادة خير الدين زطشي الذي خلف محمد راوروة الرئيس الأسبق، مهلة أخيرة لفرق أندية القسم الأول والثاني من اجل دفع الديون المترتبة على كاهلها من جراء دخولها عالم الاحتراف دون تطبيق أدنى شروطه ما جعل النوادي تسجل عجزا في القسمين الأول والثاني وصل إلى سقف مرتفع جدا نهاية كل موسم، وسيكون ال26 فريقا من بين ال32 المشاركين في القسم الأول والثاني مطالبين بدفع الديون المتراكمة عليهم من أجور اللاعبين والمدربين الذين مروا على نواديهم قبل تاريخ ال15 ديسمبر القادم الذي حدده المكتب الفيدرالي في وقت مضى، لتفادي العقوبات القاسية التي سنتها الاتحادية والتي ستصل إلى حد سحب النقاط من رصيد النوادي، الحرمان من الانتداب في الميركاتو الشتوي، وحتى السقوط إلى الأقسام السفلى في حال عدم دفع المستحقات.
الإفلاس يهدد الأندية بعد سنوات من دخول عالم الاحتراف وتعود الحالة المالية المزرية التي تعيشها مختلف الأندية الجزائرية، إلى التسيير الفاشل الذي يعمل مختلف رؤساء الأندية، لاسيما وأن الفرق دخلت عالم الاحتراف بعدما فرض الاتحاد الدولي لكرة القدم"الفيفا"، عن طريق "الفاف"، حيث كان الهدف، الرفع من مستوى كرة القدم في الجزائر، فالاحتراف هو نفسه في كل بلدان العالم، من خلال التركيز على زيادة المهارات الفنية والأخلاقية لدى اللاعبين مع كسب عائدات مالية، إلا أنه وبعد مرور 7 سنوات عن هذا المشروع، لم تظهر هذه الأهداف على أرض الواقع، وما زاد الطين بلة هو دخول تقريبا كل الأندية في نفق الإفلاس، بسبب سوء التسيير بالإضافة إلى عدم تطور إمكانيات اللاعبين، كما تفشت وتطورت أكثر فأكثر ظاهرة العنف في الملاعب، ما جعل الرابطة الوطنية تحرم الكثير من الفرق من جمهورها، بدليل العقوبات التي تفرضها من أسبوع لأخر على الفرق..فقوانين الاحتراف واضحة وهي: التزام النادي بعقد اللاعب المحترف والتزام اللاعب بعقد الاحتراف، ليساهم الاحتراف بذلك في كرة القدم في بناء مؤسسات عصرية، كما أنه من الممكن كذلك أن يؤدي إلى انتشار أكبر للفوضى.
قانون الاحتراف "يفشش" اللاعبين ويخنق الاتحادية في وقت كان واجبا على من سن وجوب دخول الفرق الجزائرية عالم الاحتراف، التشديد على تطبيق القانون، من أجل خدمة رياضة كرة القدم من كل الجوانب خاصة ما تعلق برفع المستوى وتحسين إيرادات هذه الرياضة قصد المساهمة في دفع عجلة الاقتصاد الوطني، حدث العكس فقانون الاحتراف مع التحفظ على المصطلح "الإحتراف" يعكس الواقع جليا أنه مجرد شعار لا غير على اعتبار أنه لم يتبنّ أي من معايير الاحتراف بل "وُجه" لخدمة "المافيا" التي تحكم قبضتها على اللعبة منذ سنين من جهة و"تفشيش" اللاعبين و"تقليشهم" كما نقول بالعامية من جهة أخرى، حيث نجد أن القانون يحمي اللاعبين فقط على حساب الفرق، حيث يتلقى اللاعبون رواتب خيالية شهريا دون دفع الضرائب بالإضافة إلى حصولهم على دعم لجنة المنازعات في حال لم يحصلوا على مستحقاتهم العالقة لمدة تفوق 3 أشهر من خلال تسريحهم أليا، مع سحب الاتحادية والرابطة للأموال الخاصة بحقوق البث من النوادي المدانة ومنحهم للاعبين المشتكين. كما تتواجد الاتحادية في عديد المناسبات في وضعية صعبة بعد رفض النوادي دفع مستحقات اللاعبين أو المدربين الأجانب الذين يشتكون إلى المحكمة الدولية ما يلزم "الفاف" بدفع مستحقاتهم واقتطاعها من فرق (حقوق البث التلفزيوني) أو معاقبة النوادي مباشرة بنزع النقاط كما حدث في الموسم الماضي مع أمل الأربعاء و مولودية العلمة.
غياب المستثمرين والتسيير الهاوي يلقيان بظلالهما على البطولة الجزائرية رغم دخول الأندية الجزائرية في الاحتراف سنة 2010/2011 إلا أن فريق اتحاد العاصمة يعد النادي الوحيد في الجزائر الذي تمكنت إدارته بقيادة الإخوة حداد والممثلين في شركة مجمع حداد للأشغال العمومية، من تفادي الأزمة المالية رغم معاناتهم في الآونة الأخيرة بسبب عدم تسديد أجور اللاعبين، بينما تعاني مختلف الأندية بسبب رفض المستثمرين الدخول في غمار الرياضية في ظل معاناة الفرق من كثرة الديون ما جعل المستثمرين يبتعدون عن كرة القدم، بالإضافة إلى خوفهم من الكولسة الذي قد يقوم به الرؤساء السابقون والذين يرفضون التنحي عن مناصبهم ما يزيد من متاعب الفرق، كما حدث في فريق شبيبة القبائل فبعد تنحية حناشي وجلب صادمي لمستثمر ايطالي رفضت الإدارة الاجتماع به في ثلاث مناسبات ما جعل الأخير يغادر دون رجعى بالإضافة إلى رفض رجل الأعمال يسعد ربراب شراء أسهم الشركة رغم مطالبة أنصار النادي بذلك، ونفس الأمر يعيشه شباب بلوزداد، حيث انتخب بوحفص، خلفا لرضا مالك إلا أن الأول لم يقدم شيئا ليزيد من الديون الملقاة على عاتق الفريق بعد الانتدابات المدوية التي قام بها في الميركاتو الشتوي الماضي ورغم التتويج بكأس الجمهورية ودخول خزائن النادي قرابة ال15 ملايير إلا أن اللاعبين يدنون بقرابة 6 أشهر نفس الأمر بالنسبة لفريق بلعباس ودفاع تاجنانت وغيرها الكثير كاتحاد الحراش، وفاق سطيف، شبيبة القبائل..كما يطغى التسيير الهاوي على أغلب إدارة النوادي الجزائرية من خلال جلب لاعبين بأرقام خيالية دون مقدرتها على تغطيتها بالإضافة إلى غياب رجال المال والأعمال والممولين ما يدخل الفرق في حسابات هم في غنى عنها، كما يحدث في فريق مولودية الجزائر، شباب قسنطينة واللذان يستفيدان من دعم شركة سوناطراك والآبار على التوالي، حيث يصرف كل فريق تقريبا 60 مليار في الموسم ورغم هذا لم يتمكنوا من التتويج بالألقاب القارية وحتى المحلية لتغطية المصاريف ما يسيل الكثير من الحبر، خصوصا وان الألقاب المحلية لا تغطي ربع ما تنفقه هذه الفرق بينما القارية قد تصل إلى النصف في حال التتويج برابطة الأبطال سيحصل الفريق على قرابة 30 مليار و15 مليار في حال الظفر بكأس الاتحاد الإفريقي وهي أرقام جد قليلة مقارنة بما يصرفه الناديان كل موسم.
غياب الرقابة ساهم في تضخم الأرقام ساهم غياب الرقابة على مستوى الاتحاد الجزائري لكرة القدم منذ دخول عالم الاحتراف في تضخم الأرقام وارتفاعها إلى مستوى عالي، في وقت كان لابد من تسير النوادي المحترفة على شكل مؤسسات، بمكتب مجلس إدارة وفي حال فشل النادي في بلوغ الأهداف المسطرة على جميع المستويات خاصة المالية منها، يتم بحل الفريق أو إنزاله إلى الأقسام السفلى لإعادة ترتيب أوراقه كما يحدث في الشركات الكبرى والنوادي، على غرار نادي بارما الايطالي، والذي وجد نفسه في الأقسام السفلى مع تغير اسمه وشعاره، بالإضافة إلى نادي غلاسكو رانجرز الاسكتلندي والذي تم تنزيله بسبب مشاكل مالية وغيرها الكثير، وكان من الأجدر سير الفاف على نفس الطريق لتطبيق الاحتراف بحذافيره وتفادي الدخول في تضخم وارتفاع الديون إلى ما يفوق ال51 مليار سنتيم.
عدم بناء ملاعب خاصة ومراكز التكوين سبب رئيسي كما لعب عدم وفاء السلطات الوعود التي قطعتها اتجاه عديد الأندية بمنحهم قطع أراضي لبناء مراكز تكوين ملاعب وكذا فندق خاص بالنادي ما كان سيعود بالفائدة على الفرق، من خلال تفادي القيام بتربصات خارج الوطن، عدم المبيت في الفنادق خلال اللعب داخل الديار بالإضافة إلى عدم جلب لاعبين بأرقام خيالية من خلال تعويضهم بالاعتماد على لاعبين من أبناء الفريق والذي تدرجوا في الفئات الشبانية ما لن يكلف النادي كثيرا بل سيكون رابحا في حال انتقال اللاعب إلى أوروبا، كما حدث مع إسلام سليماني، الذي رحل إلى نادي سبورتينغ لشبونة قادما من فريق شباب بلوزداد والذي تحصل على قيمة 500 ألف أورو نظير تحويله إلى ليستر من النادي البرتغالي.
كرة القدم تستنزف أموالا ضخمة في عز الأزمة والسلطات تتفرج..! على ضوء ما قيل يسيل عدم تدخل السلطات العليا في بلاد، وتفرجها على استنزاف أموال ضخمة من قبل النوادي الكروية في عز الأزمة الكثير من الحبر، حيث من غير المعقول عدم تدخل السلطات، لاسيما وان الفرق تستنزف الكثير من الأموال العامة دون تقديم أدنى شيء لكرة القدم الجزائرية خاصة وللرياضة عامة، عدم تمكن الأطقم الفنية المشرفة على المنتخب الوطني تكوين منتخب محلي قادر على تحقيق أي انجاز حيث فشلوا في بلوغ كأس إفريقيا للمحليين بعد الخسارة من ليبيا ذهابا والتعادل إيابا، رغم أن البطولة متوقفة في ليبيا بسبب الأوضاع الأمنية أضف إلى ذلك الإخفاقات التي باتت تسجلها الرياضة الجزائرية في المحافل الدولية والقارية حتى في الفن النبيل الذي كان يحفظ ماء وجه الجزائر، قبل أن يصبح ككل الرياضات يسير بطرق كارثية هدفها الوحيد استنزاف المال وفقط.