تميزت الدورة 15 لأيام قرطاج المسرحية المتواصلة فعالياتها بمختلف المدن التونسية بعرض العديد من المسرحيات التونسية والعربية والإفريقية، من ضمنها مسرحية قدمها المسرح التونسي بعنوان “صاحب الحمار” التي ألفها الأديب التونسي عز الدين المدني وأخرجها المسرحي فاضل الجزيري. تروي المسرحية أحداث انتفاضة مدينة سيدي بوزيد ومصرع الشاب الراحل محمد بوعزيزي الذي فجر الانتفاضة الشعبية التونسية العارمة التي أطاحت بالنظام السابق يوم 14 جانفي 2011. ولقد أراد المخرج فاضل الجزيري أن يبتعد عن التقاليد المسرحية المعتادة فعرض عمله الفني بقاعة متعددة الرياضات التي اتسعت إلى ما يقارب 100 ممثل ومغني وراقص وراقصة الذين أدوا أدوارا تعكس معاناة الجماهير الشعبية من النظام الاستبدادي السابق وتراكمات الاضطهاد والقمع طيلة سنين والتي أدت في الأخير إلى تفجير انتفاضة جماهيرية عارمة بحثا عن الحرية والعدالة الاجتماعية. ونجح المخرج التونسي إلى حد بعيد في تصميم ديكور لمدينة عربية وأجواء صحراوية مما أبهر الحاضرين الذين اعتبروا تصميم هذا الديكور” نادر الوجود في المسارح العربية والإفريقية”. ومن جهة أخرى دخل المسرح الإيراني الدورة ال 15 لأيام قرطاج المسرحية بأحدث إنتاجاته حيث قدم المخرج جواد توري رضا مسرحيا بعنوان “ بيري” بمعنى الملك باللغة الفارسية من تأليف الكاتب الإيراني خير الدين تقياني يضم 11 ممثلا. وينقل هذا العمل الفني المتفرجين إلى الاحتفالات التي كانت تنظم في عهد ملك الفرس كما صور الحياة الداخلية في القصور وما تخفيه عن عامة الناس من أسرار وعجائب وذلك في ضوء مشاهد كوميدية ساخرة . واعتبر المخرج الإيراني جواد توري مشاركته في مهرجان قرطاج المسرحي فرصة للتفاعل الفني بين مختلف الأعمال الإبداعية العربية والدولية وتبادل الخبرات والتجارب بين المسرحيين وبالتالي التوصل إلى إنجاز عمال مسرحية مشتركة. وفي وصفه للمسرح الإيراني الغير معروف على الساحة العربية خلص إلى القول أنه مسرح قريب جدا من الفئات الشعبية باعتبار أن أشهر أعماله مستلهمة سواء من واقع الشارع العام أو من الكوميديا الشعبية المستلهمة من التراث. وكان فعاليات هذه الدورة المسرحية الدولية قد انطلقت بتونس مساء الجمعة الفارط لتتواصل إلى غاية 13 من الشهر الجاري بمشاركة 66 فرقة مسرحية من تونس ودول عربية وافريقية وأوربية من ضمنها فرقة المسرح الجهوي لولاية بجاية التي تشارك في الأيام المقبلة بمسرحية “ما وراء البحر “ من إخراج الفنان عبد العزيز يوسفي. ويشتمل برنامج هذه الدورة الجديدة لأيام قرطاج المسرحية التي تنظم مرة كل سنتين بالتداول مع أيام قرطاج السينمائية 53 عرضا مسرحيا تونسيا منها 10 للأطفال و 6 للهواة و37 للمحترفين إلى جانب 13عرضا مسرحيا من دول عربية وأفريقية وأوروبية. وتعرض هذه المسرحيات في عدة مدن تونسية منها الكاف وقفصة ومدنين وصفاقس وسوسة وذلك في إطار “ تجسيد اللامركزية الثقافية “ حسب تصريحات المنظمين. كما سيتم على هامش هذه الفعاليات المسرحية تنظيم ندوة فكرية دولية حول مستقبل المسرح علاوة على تنظيم العديد من الورشات المسرحية لمناقشة هموم المسرح العربي وتنظيم أمسيات شعرية على هامش المهرجان بالإضافة إلى ورشات تكرس لأعمال الكتابة المسرحية. وأكد المنظمون أن أيام قرطاج المسرحية تهدف إلى الوقوف على التوجهات المسرحية العربية والعالمية ومدارسها وموضوعاتها والوسائل الفنية والتقنية الحديثة في مجال العمل المسرحي.