عرفت أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء والخضر ارتفاعا كبيرا خلال الفترة الأخيرة في أسواق العاصمة، وقد مس هذا الارتفاع اللحوم البيضاء والحنراء ومشتقاتها كالمرقاز (النقانق) واللحم المرحي. ومحاولة منا لرصد بعض الأسعار، قمنا بجولة في سوق علي ملاح بساحة أول ماي وتحدثنا إلى مجموعة من الباعة، وفي هذا الصدد يقول أحد بائعي الخضر أن الأسعار ملتهبة، إذ يقدر سعر البطاطا ب55 دينارا، أما البازلاء فوصل سعرها إلى 130 دينار والكوسة (القرع) 140 دينار، أما البصل الذي يعتبر عنصرا ضروريا لأغلب الأطباق فقد بلغ سعره 50 دينارا والخس 70 دينار، أما الطماطم فارتفعت إلى 90 دينارا. ويضيف لنا أن سبب هذا الارتفاع يرجع إلى التقلبات المناخية ورداءة الأحوال الجوية بالإضافة إلى بيع بعض الخضر في غير موسمها. وللاطلاع على أسباب الارتفاع الكبير لأسعار اللحوم بنوعيها، غيرنا وجهتنا إلى أحد محلات القصابة، حيث يقول صاحبه أن الارتفاع مس بالخصوص لحم الغنم الذي وصل إلى 1200 دينار للكيلوغرام، أما الكبد فقدر ثمنه ب2200 دينار، في حين وصل سعر المرقاز إلى 700 دينار، وعن السبب يقول صاحب المحل أن أحشاء الخروف غير متوفرة وقليلة، وعن الزبائن فيقول أغلبهم من العائلات الميسورة، أما متوسطي الحال فيكتفون بشراء كمية قليلة. وعن أسباب ارتفاع أسعار اللحوم، يقول ذات المتحدث أن سعر الخروف الذي يكون وزنه 25 كلغ يتجاوز ثمنه ثلاثة ملايين سنتيم، وهذا ما أثر على أسعار لحم الغنم، وعن اللحوم البيضاء فقد عرفت هي الأخرى ارتفاعا محسوسا في الأسعار ويقول صاحب محل للدجاج: «إن سعر الدجاجة التي لا يتجاوز وزنها الكيلوغرامين يتراوح ما بين 600 و700 دينار، أما البيض فهو الآخر عرف ارتفاعا وصل سعر البيضة الواحدة الى 11 دينارا، ويضيف ذات المتحدث أن الكثير من الباعة في السوق يعانون من ركود السلع المتوفرة لديهم بسبب قلة طلبات الزبائن». رأي بعض المواطنين في ارتفاع الأسعار يشتكي العديد من المواطنين من تدني المستوى المعيشي مما جعلهم لا يقدرون على الارتفاع المخيف للأسعار، وهذا ما أصبح يهدد قدرتهم الشرائية، وبتجولنا في أسواق العاصمة، حاورنا بعض المواطنين، وتقول السيدة ليلى ربة بيت: «الأسعار ملتهبة هنا في السوق، فزوجي متقاعد ومرتبه أصبح لا يكفينا حتى أسبوع مع ارتفاع الأسعار، فحتى البطاطا التي كنت أدبر بها نفسي في الطبخ ارتفع سعرها إلى 55 دينارا وأنا أحوم في السوق من الصباح علني أجد ثمنا منخفضا للخضر، ولكن كل الأسعار متشابهة، فاشتريت رطلا من كل نوع من الخضر التي اقتنيتها لأدبر بها نفسي في الطبخ». أما السيد عمار فيقول: «أصبحت لا أقدر على شراء اللحم، وعائلتي لا تشم رائحته إلا في المناسبات، فمرتبي لا يكفيني إلا في شراء الأشياء الأساسية كالخبز والحليب، فحتى المواد الضرورية كالقهوة والسكر أصبحت أسعارها مربكة». ومن جهة أخرى، تعرف محلات اللحوم المجمدة انتشارا واسعا في الأسواق وتعتبر بمثابة الملجأ والبديل الوحيد للعائلات محدودة الدخل التي لا تقدر على شراء اللحوم الطازجة. وفي نفس السياق وجدنا السيدة جميلة بمحل لبيع اللحوم المجمدة وهي تقول: «أنا لا أستهلك اللحوم من القصابات، لأن أسعارها ملتهبة، فغالبا ما أشتري قطع اللحم البقري والمرحي المجمد، لأن سعره هنا أقل مقارنة بمحلات القصابة، وصاحب المحل يعطيني كمية كبيرة وبثمن بسيط». أما السيدة سهيلة فتقول: «جئت إلى السوق لأشتري الدجاج بدلا من اللحم فوجدت أن أسعاره ارتفعت هي أيضا فاضطررت أن أشتري أجنحة وأعناق دجاج لأضفي على أطباقي مذاق الدجاج وفي بعض الأحيان أضيف مكعبات جومبو بنكهات الخروف أو البقر كبديل للحوم الحمراء، لأني لم أعد قادرة على شرائها بسبب ارتفاع أسعارها». ومن جهة أخرى، هناك من العائلات من تقطع مسافات كبيرة إلى مناطق أخرى للبحث عن أسعار ملائمة للخضر حتى ولو كان الفرق بسيطا، وفي هذا السياق يقول السيد سمير: «أنا أذهب كل نهاية أسبوع مع زوجتي لشراء الخضر من منطقة كاب جنات، لأن الأسعار هناك منخفضة قليلا مقارنة مع أسعار العاصمة الملتهبة»، ويضيف «أن هناك بعض باعة الخضر يغتنمون الفرصة ويرفعون في الأسعار دون مراعاة لوضعية الزبون». عوامل أدت إلى ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء ولمعرفة أسباب ارتفاع أسعار اللحوم، قمنا بمحاورة السيد جمال خليفي، موظف بالغرفة الوطنية للفلاحة والإنتاج الحيواني، يقول: «يرجع ارتفاع أسعار اللحوم إلى الاستهلاك الكبير لرؤوس الخرفان ونشاط الذبح المكثف في عيد الأضحى ويليه موسم الحج ومناسبات الأعراس بالإضافة إلى تهريب الماشية نحو الدول الحدودية وذبح الخرفان الصغيرة والنعاج بالمذابح، حيث أنها مطلوبة بكثرة هناك، فكل هذه العوامل أثرت على وفرة المواشي بالسوق المحلية وقد انعكس ذلك على الأسعار، وغالبا ما تشهد الفترة التي تلي عيد الأضحى قلة العرض رغم كثرة الطلب، لأن الخرفان الموجودة لاتزال صغيرة في السن ويلزمها وقت لتكبر قد يمتد إلى غاية الربيع نظرا لتوفر الكلأ والظروف المناخية الملائمة، والمربون يستمرون في تسمين ماشيتهم وتوقيف البيع إلى غاية هذا الفصل لاستئناف البيع، وهذا ما أدى إلى تقليص الدورة البيولوجية للمواشي».