تستمر المشاكل التي يعرفها قطاع التربية والتعليم بالجلفة في التراكم، إلى درجة تدهور المستوى العام في شتى مدارس الولاية وعلى أكثر من مستوى، بدليل ارتفاع نسب التسرب المدرسي إلى أرقام جعلت هذه الولاية بكل إرثها التاريخي والعلمي، تستمر في احتلال أسوأ المراتب الوطنية منذ سنوات.جميع المراسلات التي وصلت «السلام اليوم» تبرئ بشكل تام وزارة التربية، التي، حسبها، وفرت جميع الإمكانات المادية والمعنوية ليكون قطاع التربية في الصدارة، أو على الأقل في نفس المستوى الذي تعرفه ولايات أخرى لا تنعم بإمكانات أقل.في هذا الملف، تحاول «السلام اليوم» رصد أهم ما يحدث في هذا القطاع الهام، ومنه الوقوف عند أهم العراقيل التي يبدو أن أصحابها، لأسباب غير ظاهرة وشخصية أيضا، يدفعون المدارس الجلفاوية نحو مزيد من المشاكل، وكأنهم في ذلك يسعون إلى إغراقها في الوحل!.. منصب شاغر في قطاع التربية كشف تقرير لجنة التربية التابعة للمجلس الشعبي الولائي بالجلفة، في دورته الأخيرة ضمن حلقات مسلسل الفضائح على مستوى مديرية التربية، عن تسجيل 630 منصب عمل تربوي شاغر خلال هذا الموسم، منها 488 خاصة بالمؤسسات الابتدائية، مما تَرتب عنه حرمان 450 فوج تربوي في الطور الثانوي، و40 فوجا في الإكمالي من الامتحان في بعض المواد الأساسية. وقد أضاف ذات التقرير بأن 480 ابتدائية مفتوحة و373 مدير ل 386 منصب مالي للمدير؛ أي بفارق 94 منصبا مغطى بتكليف معلمين بالتسيير الإداري، فضلا عن غلق 260 منصب كانت تغطي التعليم التحضيري، ما زاد من وتيرة العجز بأكثر من 300 منصب. وفي هذا السياق، أشار المسؤول الأول عن الهيئة التنفيذية خلال تدخله أمام أعضاء المجلس، إلى أن الوزارة بريئة من هذا التصرف؛ حيث أكد له الوزير بأن كل الاحتياجات التي يتطلبها القطاع سوف تؤخذ بعين الاعتبار، غير أن مسؤولي مديرية التربية لم يقوموا بالإجراءات اللازمة محمّلا إياهم المسؤولية كاملة 150 مؤسسة تربوية مجهولة الهوية ويشهد قطاع التربية بولاية الجلفة مفارقات عجيبة، والمتمثلة أساسا في وجود 150 مؤسسة تربوية بدون اسم؛ أي مجهولة الهوية؛ حيث اتخذت أسماء بدائية كالجهة الشمالية أو الجنوبية والمداخل الكبرى للمدن والقديم والجديد والطرق... وهو الأمر الذي أثاره بشدة التقرير المفصل الذي أعدته لجنة التربية بالمجلس الشعبي الولائي؛ حيث ذكرت بأن زهاء 100 نوع من هذه الأسماء أُطلقت على الابتدائيات، و40 اسما آخر أُطلق على الإكماليات و10 أسماء أُطلقت على الثانويات. واستنكر أعضاء المجلس الشعبي الولائي في دورتهم الأخيرة، هذا التصرف، الذي وصفوه باللامسؤول والمتناقض لمجمل قوانين الجمهورية، متسائلين عن خلفية هذه العملية وهل غابت أسماء شهداء وعلماء ومشايخ المنطقة، الذين قدّموا الكثير من التضحيات الجسدية منها والفكرية لهذه الولاية المضيافة؛ سواء أثناء حرب التحرير الكبرى أو في المجال العلمي والفكري؟ ذالكم السؤال الذي يبقى معلقا إلى غاية أن يستفيق المسؤولون المعنيون المحليون منهم والإداريون من نومهم العميق، وبين هذا وذاك تبقى هذه المؤسسات تبحث عن أسماء لتثبيت أصلها. لجنة بن بوزيد تستمع لرؤساء المصالح والمكاتب كما شرعت اللجنة الوزارية التي أوفدها أبو بكر بن بوزيد وزير التربية الوطنية فور وصولها عشية أمس، في الاستماع المطول إلى كل من رؤساء المصالح والمكاتب على مستوى مديرية التربية، على خلفية الوضع الكارثي الذي يعيشه القطاع؛ حيث استعانت ذات اللجنة بتقارير مفصلة حول التجاوزات والخروقات القانونية وسوء التسيير المالي والإداري الذي ميّز مصالح المديرية المثارة من قبل مختلف النقابات العمالية وتعليمات الوزير، التي جاءت بناء على تقرير عام وشامل أعده المسؤول الأول عن الولاية. كُشفت العيوب وغابت الحلول ويبدو أن غسيل قطاع التربية على مستوى ولاية الجلفة أصبح يُنشر على المباشر تحت ظلال قبة المجلس الشعبي الولائي؛ حيث تم كشف المخفي والمستور من قبل كل من تقرير لجنة التربية وتدخلات أعضاء المجلس الشعبي الولائي وإضافات والي الولاية، التي برّأت وزارة التربية وحمّلت المسؤولين المعنيين المسؤولية الكاملة، المحليين منهم والولائيين، الذين كان لهم الدور الأساسي في تفاقم المشاكل وتقهقر النتائج وتدني المستوى وبروز واستفحال ظواهر الإهمال واللامبالاة؛ سواء في التسيير أو التوجيه؛ مما جعل الفوضى تزداد من موسم إلى آخر وكأنها دولة داخل دولة اسمها «مديرية التربية لولاية الجلفة». وقد أضافت ذات المعطيات الدقيقة بأن عدم استغلال الإمكانات المتوفرة المادية منها والبشرية وحتى المالية، زاد من هموم التلاميذ عبر كافة أطوار المراحل التعليمية؛ حيث تنعدم في أغلب المؤسسات التعليمية التدفئة ويزداد الاكتظاظ، وأصبح العمل بنظام الدوامين أمرا لا مفر منه ضمن ديكور مشين ووضعية مأساوية، قلما يصمد فيها التلاميذ، خاصة عندما يجلس العديد منهم على طاولات حديدية وأحجار الباربان ويُحشر ثلاثة أو أربعة منهم في مقعد واحد تحت سقف زاده تدفق الأمطار مأساة أخرى، وإطعام لا يرقى إلى مستوى الوجبة الغذائية اللازمة عبر 280 مطعم لحوالي 80000 تلميذ. وأثار بعض المتدخلين قضية الغش واختفاء بعض التجهيزات؛ من كمبيوتر ومستلزمات أخرى تربوية، وسوء التخطيط في استغلال عملية التوظيف وتوجيه المناصب الممنوحة للولاية، وسد العجز المسجَّل في مجال التأطير واللغات، كل هذه العوامل وغيرها أدت إلى تقهقر قطاع التربية وجعله يحتل ذيل الترتيب في نتائج الامتحانات وشهادات البكالوريا عبر السنوات الماضية. للإشارة، فإن ولاية الجلفة تتوفر على 480 ابتدائية تستقبل في مجملها 116986 تلميذ، و133 إكمالية تستقبل في مجملها 77499 تلميذ، و56 ثانوية تستقبل في مجملها 30363 تلميذ، يؤطرهم 9550 إطار، من بينهم 5050 إداري؛ حيث تتواجد هذه المؤسسات عبر 36 بلدية و12 دائرة ضمن تعداد سكان يقدَّر ب 1204134 نسمة. وأمام هذا الواقع المر استنجد الوالي بوزير التربية الوطنية، الذي أوفد على الفور لجنة تحقيق في التسيير الإداري للمديرية. وبين هاذا وذاك يبقى قطاع التربية على كف عفريت إلى أجل غير مسمى!