عرفت العديد من أحياء وشوارع العاصمة خلال الفترة التي تبعت موجة البرد والثلوج منذ نهاية الأسبوع الفارط حالة من الطوارئ التي شملت مختلف نواحي الحياة وأثرت على سلوكات الفرد لاسيما في المناطق النائية منها. السلام قامت بجولة وقفت خلالها على يوميات المواطنين ودرجة تأقلمهم مع الظروف المناخية التي لم تعرفها البلاد منذ أزيد من سبع سنوات, فنزول الثلج وإن كان عاديا بالنسبة لأصحاب المناطق الداخلية والمرتفعات فهو ظاهرة فريدة من نوعها بالنسبة للسكان في كثير من المناطق لاسيما العاصمة وضواحيها, ما يفسر الإقبال الكبير من طرف مختلف الفئات الاجتماعية على كل مكان اكتسته كمية معتبرة من الثلوج لقضاء سويعات بين أكوامه. منطقة «الدومية» التي تتوسط بين غابة «بن مراد» ولاية تيبازة وحمام ريغة هي قرية صغيرة على مرتفع كانت قبلة سكان المناطق المجاورة لها للعب بالثلج وسط ذهول كبير, فالجميع يجري هنا وهناك مستغرقا كل لحظة خوفا من ذوبان الثلج. وعن هذه الأجواء تقول بعض العائلات التي قصدت المكان أن الظاهرة الطبيعية نالت إعجاب ودهشة الجميع وإن كان يوجد من تعود القدوم إلى المكان خلال فصل الشتاء فإن حلتها البيضاء استوقفت حتى أصحاب السيارات التي تمر من الطريق القريب والذين لم يتوانوا عن تغيير وجهتهم ليجمع الكل أن المظهر جعل المنطقة لا تقل شأنا عن كبرى المرتفعات المعروفة بالسياحة الشتوية على غرار الشريعة وتيكجدة وغيرها, وفي هذا الصدد يقول أحد الزائرين: «إن المنطقة وفرت عليهم الإنتقال إلى محمية الشريعة, خاصة وأنها قريبة من محل إقامتنا ما يعني استمتاعنا بالأجواء بأقل التكاليف». ذهول ودهشة ممزوج بالغبطة أنست الجميع برودة الطقس وجعلت البعض يتخيل نفسه في دولة أوروبية معروفة بكثرة تساقط الثلوج بها. رجل الثلج يتجسد في الواقع الأطفال كانوا أكثر فرحا وسرورا وهم يلعبون بأكوام الثلج, خاصة وأن منهم من لم ير الثلج من قبل إلا في التلفاز فراحوا يتقاذفون الكرات صغارا وكبارا, في حين فضل البعض صنع رجل الثلج الذي لطالما حلموا بتشكيله وتزيينه كما يشاهدونه في الرسوم المتحركة ليكون ديكورا يزيد في جمال الصور التذكارية التي التقطت لهم. المشهد كان نفسه في العديد من أحياء العاصمة, خاصة المرتفعة منها, أين عوضت بن عكنون وبوزريعة عند العاصميين جبال الشريعة, والجميع يؤكد أن الثلج والصقيع أنسيا الجميع حمى الألعاب النارية التي استبدلها الأغلبية بكرات الثلج. الوجه الآخر للتقلبات الجوية مناطق أخرى فرضت عليها العزلة نمط حياة معين ليزيد الأمر سوءا بالتقلبات الجوية التي لم تمر بردا وسلاما عند الكثير من المواطنين من الجزائر العميقة. جولتنا قادتنا إلى بعض الأحياء النائية بين الكاليتوس إلى غاية وسط مدينة مفتاح ولاية البليدة لنرصد الوجه الآخر لتلك التقلبات الجوية, كان الهدوء يخيم على الأحياء التي زرناها وإن زالت أكوام الثلج المتراكمة, إلا أن المعاناة لاتزال قائمة ولم تنقصها سوى لافتات تحمل عبارة «هنا تنتهي الحياة», فرغم أن اليوم كان يوم عمل, إلا أن الحركة كانت قليلة جدا, فجل المحلات مغلقة ولا تستغربوا إن قلنا لكم أن بعض تلاميذ المدارس لم يلتحقوا بها بسبب الأوحال التي أغرقت العديد من الأحياء, إضافة إلى انعدام النقل بها مما صعب تنقل العمال والتحاقهم بمقرات عملهم, ليبقى المواطن البسيط يدفع ضريبة التغيرات المناخية, خاصة في ظل انعدام بعض المواد الغدائية الأساسية لاسيما مادة الحليب التي أكد سكان شارع رابح كوريفة بمفتاح ممن وجدناهم في طابور طويل عريض في انتظار شاحنة توزيع الحليب, حيث يؤكدون أن هذه المادة أصبحت نادرة, خاصة خلال الأيام الأخيرة. أما عن باقي المواد الغدائية مثل الخضر فحدث ولا حرج, فبالرغم من أن المنطقة ذات طابع فلاح,ي إلا أن ذلك لم يشفع لسكانها بالحصول على خضر بأثمان معقولة, فسعر كل من البطاطا والسلطة وصل إلى 80 دينارا, فيما بلغت الطماطم والجلبانة 120 دينار, كما لم تقل أسعار باقي الخضر كثيرا عن الأسعار السابقة. معاناة الغاز الطبيعي عادت لتطرق بيوت الكثيرين ممن باتوا ينتظرون شاحنات توزيع الغاز للحصول على قارورة تخفف من برودة الطقس ما دفعهم لتركها في الطريق بعد طول إنتظار.