تمر هذا الأسبوع الذكرى السابعة لإصدار الجمعية الفرنسية قانونها المخزي المعروف بقانون 23 فيفري الصادر سنة 2005، ويقضي بتمجيد الأعمال الاستعمارية التي قامت بها فرنسا في إفريقيا والجزائر بالخصوص، وذهبت السلطات الفرنسية للضرب مرتين في صميم مشاعر الجزائريين باقتراحها القانون في 3 نوفمبر 20,04 بأيام قليلة عند ذكرى اندلاع الثورة التحريرية والمصادقة عليه في ال 23 فيفري في أجواء احتفال الجزائريين باليوم الوطني للشهيد المصادف ل 18 فيفري من كل سنة. ومنذ تصويت الجمعية الفرنسية على هذا القانون الذي أقر تزكية السلوك الاستعماري واعتبره عملا حضريا سنة 2005، وقضى بتسليط أحكام عقابية تصل السجن ضد كل من يرتكب جنحة قذف في حق الحركى، لا زال البرلمان الجزائري طوال هذه المدة التي تقارب مدة حرب التحرير التي دمرت اعتى ترسانة عسكرية استعمارية في العالم غير قادر على الرد بقانون مماثل، بل وقف البرلمان الجزائري الحالي ضد إرادة تجريم الاستعمار الفرنسي بقانون، حيث خرج عبد العزيز زياري بتصريح لا غبار عليه يعتبر فيه المصادقة على قانون يجرم الاستعمار الفرنسي ليس من أولويات البرلمان في الظرف الحالي. وقبل زياري لم تعر الحكومة أي اهتمام لدعوات نواب الشعب لإصدار قانون مماثل لقانون العار الفرنسي، عملا بمبدأ المعاملة بالمثل، وانساقت وراء هذا التوجه الرسمي أحزاب الأغلبية البرلمانية وعلى رأسها حزب جبهة التحرير الوطني الذي ضرب عرض الحائط بمبادرة نائبه موسى عبدي، صاحب مقترح مشروع قانون يجرم الفعل الاستعماري الفرنسي، لدرجة أن النائب عبدي حمل بلخادم مسؤولية تخلي الجبهة عن مشروع قانون كهذا قائلا في تصريحاته يوم ذاك للصحافة «لست راضيًا عن موقف جبهة التحرير الوطني بشأن مقترح مشروع قانون تجريم الاستعمار الفرنسي، ولا زلت إلى اليوم أبحث عن أسباب هذا الموقف الذي لم أفهمه». فعلا هوالغموض الذي يطبع الموقف الرسمي الجزائري من قضية إساءة فرنسا للتاريخ الجزائري وتطاولها على ثورة تحررية من أكبر ما عرفه العالم من ثورات من أجل الاستقلال والحرية، حيث لا تزال تصريحات الوزير الأول أحمد أويحيى المنتقدة لموقف تركيا من رفض فرنسا اعترافها بجرائمها ضد الجزائريين خلال الحقبة الاستعمارية يثير الكثير من الجدل. ففي الوقت الذي أيدت الأسرة الثورية والطبقة السياسية الأصوات الخارجية الداعمة لحق الجزائريين على فرنسا في الاعتراف بجرائمها ضدهم، تخرج الحكومة بمواقف معاكسة، ثم تراجع الموقف وتعود لتراشق التهم مع باريس مثلما فعل أويحيى من موقعه كأمين عام ل»الأرندي» قبل يومين بوهران، موجها انتقاداته لباريس عشية الاحتفال باليوم الوطني للشهيد قائلا لساركوزي وحاشيته في الإليزيه « لنا شهداؤنا ولكم خونتكم» وكأن موقف اليوم ليس هوموقف الأمس من مسؤول الجهاز التنفيذي. في ظل هذا الوضع المتميز بالغموض الواضح في سياسة التعامل مع فرنسا فيما يتعلق بالصفحة التاريخية المشتركة بين البلدين، تبقى عقدة التاريخ تؤجل توصل الدولتين إلى شراكة اقتصادية وعلاقات تعاون حقيقية خالية من المجاملة ودغدغة العواطف، ويبقى السؤال المطروح من المتضرر من استمرار علاقة أشبه ما تكون «بزواج متعة» بين طرفين يحكمهما ماضٍ أليم؟