ينتهج سياسيون ومسؤولون وحتى وزراء يعتزمون الترشح للاستحقاقات المقبلة المزمع إجراؤها في ماي المقبل، خطابا سياسيا يشوبه النفاق السياسي، فالكل يحاول اللعب على وتر تجريم فرنسا الاستعمارية واستعمال ورقة الحركى لاستقطاب أصوات الناخبين بشكل مناسباتي وظرفي، لكن ترجمة خطابهم إلى واقع فعلي يبقى حبيس المصالح الشخصية للكثيرين في فرنسا. بدأت الحملة الانتخابية للتشريعيات المقبلة بشكل مسبق، وشرع المسؤولون ورؤساء الأحزاب في خرجاتهم الميدانية هنا وهناك لاستقطاب مزيد من الأصوات الانتخابية، ويتزامن هذا مع قرب الرئاسيات في فرنسا التي ترشح لها الرئيس الفرنسي الحالي نيكولا ساركوزي ممثلا لليمين وفرانسوا هولوند مرشح اليسار الفرنسي، حيث اتسمت الحملة بفتح ملف قدامى المحاربين والحركى في وقت تستعد الجزائر للاحتفال بخمسينية الاستقلال، وبرغم ما نطق به الرئيس ساركوزي مؤخرا بأنه «لا ينبغي لفرنسا أن تنسى من خدم ماضيها الاستعماري» دون أن يعني ذلك توبتها عن جرائمها حسب ما أكده هذا الأخير، كما كان له دور في استصدار قانون 23 فيفري الممجد للاستعمار، مع كل هذا لم يتسم خطاب مسؤولين سياسيين في الجزائر بالجدية في التعاطي مع جرأة السياسيين الفرنسيين من اليمين المتطرف، فمنذ صدور القانون السالف الذكر لم يخرج السياسيون عن دائرة الكلام المناسباتي سواء عند حلول ذكرى تاريخية ما أوفي كل موعد انتخابي، وينبني هذا على عدة حسابات لا يتجاوز حسابات ضيقة لمسؤولين سياسيين، منهم من له مصالح شخصية واستثمارات وما شابه ذلك بفرنسا. وذهب بعض رؤساء الأحزاب على غرار الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى لتوجيه انتقادات شديدة اللهجة لفرنسا بقوله «نقول لفرنسا إن جزائر-بابا- انتهت وتمجيدكم للاستعمار والحركى هو بكاء على الأطلال في وقت نحتفل نحن بخمسينية الاستقلال... لكم خونتكم ولنا شهداؤنا»، وفهم من خرجته هذه استدراكه لكلامه الأخير عندما انتقد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، ونفس الشيء ذهب إليه بلخادم والأحزاب الأخرى التي دخلت على الخط مع قرب الاستحقاقات، وقد سبق وأن استعملت هذه الورقة في عدة استحقاقات سابقة، ما فتئت تنسى مع وصول مترشحي الأحزاب إلى البرلمان وحتى أولئك الذين شاركوا في الحكومة لم يقدموا شيئا ملموسا يجسد وعودهم الانتخابية، وخير مثال على ذلك عهدة البرلمان الحالي الذي يعد أيامه الأخيرة، حيث لم يصدر أي قانون يجرم الاستعمار ردا على قانون 23 فيفري الممجد لفرنسا الاستعمارية، وهو ما وضع السياسيين في حرج أمام مطالب الأسرة الثورية ومنظمات أبناء الشهداء والمنظمات الجماهيرية التي تطالب بترجمة خطبهم إلى واقع.