وقفتنا هذه المرة ستكون مع ولاية يلقبها أهلها ب«مدينة السلام» ونقصد هنا ولاية خنشلة، وإذا كنا في أعدادنا السابقة حاولنا أن ننقل ما وصلت إليه جهود مسؤولي بعض ولايات الوطن من نتائج محققة تعكسها المشاريع التنموية المنجزة عبر مختلف القطاعات، وعبرها سعينا إلى الوقوف على ما أنجز وفق أجندة العمل السنوية وما عرف نوعا من التعثر في وتيرة الإنجاز أو لم تعرف سبيلها إلى التطبيق الفعلي ميدانيا بفعل عدة عوامل قد تخص مشكل غياب أو نقص العقار اللازم والملائم أو بفعل عوامل تقنية أو إدارية أو نحو ذلك، ذلك ما عكسه تناولنا لولايات بجاية، جيجل وسوق أهراس.. فإننا هذه المرة وعلى غير العادة ارتأينا الوقوف على جانب من الصور الاجتماعية التي تمثل في الأساس تهديدا على نظام المجتمع وأمن المواطن، وقد عُني اهتمامنا هذه المرة في الحصاد السنوي لعام 2010 الذي يكاد يسدل الستار عليه في الساعة صفر من ليلة الجمعة المقبلة بالوقوف على واقع الجريمة بخنشلة، والأرقام المحصل عليها من قبل الجهة الوصية تعكس خطورة الظاهرة، وما تناولنا لها إلا تأكيد على ضرورة دق ناقوس الخطر لوقف زحفها داخل أعماق مجتمعنا بشكل نهائي. سنة 2010 بخنشلة سنة أبشع الجرائم أجمع مواطنو خنشلة عبر بلدياتها الواحدة والعشرون خلال سبر للآراء قامت به "الأيام" مع بداية العد التنازلي لنهاية السنة الميلادية الحالية، أجمعوا أن 2010 كانت بالأساس "سنة حمراء"، لم يخلى أي شهر منها بتسجيل جريمة أو اثنان وقع ضحيتها رجال ونساء بل وحتى أطفال، وإذا ما وقفت عند أسبابها فإنك ببساطة ستجدها تافهة جدا، لتنتهي القضية في الأخير بالزج بالفاعل في السجن، وقد أشارت الإحصائيات المتوفرة لدى "الأيام" أن أزيد من 20 جريمة شنعاء مختلفة هزت الولاية على مدار السنة بحالها، بالإضافة إلى تسجيل العشرات من عمليات الانتحار والمئات من محاولات الانتحار التي أُحبطت لاسيما بعد التدخل الاستعجالي للفرق طبية لإنقاذ الضحايا، غير أن الشيء الذي أعطى إلى حد ما رد فعل ايجابي وسط جموع المواطنين هو نجاح قوات الأمن من شرطة ودرك في تفكيك ألغاز القضايا وتوقيف الفاعلين، ومن ثمة إحالتهم على الجهات القضائية، هذه الأخيرة التي رجع إليها في النهاية النطق بالحكم حول الجريمة والعقوبة، وذلك تبعا للأسباب والظروف، وهو ما وقف عليه مجلس قضاء خنشلة خلال الدورة الجارية، والذي قام بإصدار أحكام تتوافق ونوعية الجريمة المرتكبة ودوافع الجاني وما إلى ذلك. السجل الأمني يحكي الكثير وهذه صور وكواليس بعضها هذا وكانت أول جريمة قتل هزت خنشلة تلك التي عاشتها مدينة "خيران" جنوبا في منتصف شهر جانفي، والتي راح ضحيتها شخص يدعى "مبروك.م" صاحب ال58 عاما، وهو أب لأسرة مكونة من 7 أفراد بعد أن لفظ أنفاسه بمستشفى "قايس" متأثرا بالجروح البليغة التي كانت نتيجة تلقيه لعدة طعنات خنجر، وذلك إثر نشوب شجار حول قطعة أرض، كما تلتها في ال31 من جانفي جريمة مماثلة لكنها غامضة، وقد كان ضحيتها راعية من جنسية "سورية" في العقد الثالث من عمره، والذي كان يمتهن مهنة حفر الآبار الارتوازية، حيث عثر عليه مشنوقا بحبل نحاسي داخل مرأب فلاحي بمنطقة "الرميلة"، وبعد أربعة أيام فقط على هذه الحادثة المساوية، وتحديدا في ال2 من شهر فيفري الفارط من سنة 2010 اهتزت منطقة "فريقال" ببلدية "طامزة" على وقع جريمة أخرى لكنها هذه المرة ارتكبت في حق البراءة التي لا ذنب لها في ذلك، حيث تم العثور على جثة مولود حديث الولادة من جنس ذكر ملفوف في قطعة قماش داخل كيس بلاستيكي، وقد إجلائها من طرف أعوان الحماية المدنية فيما اتجهت مصالح الدرك الوطني إلى فتح تحقيق في القضية، قبل أن يتم العثور في العشرون من نفس الشهر على جثة شيخ من مدينة أم البواقي توفي في ظروف غامضة داخل إحدى غرف الحمام البخاري ل"كنيف" ببلدية "بغاي"، إلى جانب العثور على جثة لمولود حديث الولادة من جنس ذكر بمنطقة "حجرة الرسم" بمدينة "بابار" بعد يومين فقط وهي القضيتين التي فتحت بخصوصهما مصالح الدرك تحقيقاتها المعمقة للبحث في ملابسات وقوعهما. الجرائم في تنامي والحلول مؤجلة إلى إشعار غير معلوم شهر "مارس" هو الآخر ورغم البرد القارس الذي يميزه عن بقية أشهر السنة خاصة بمنطقة خنشلة، فإنه لم يخلو من الجرائم، حيث تم في هذا الصدد إحصاء أربعة قضايا؛ الأولى كان ضحيتها "بلقاسم" وهو حارس حظيرة السيارات بطريق "مسكيانة" وفي ال10مارس بعد أن لفظ أنفاسه بمستشفى "باتنة" إثر النزيف الدموي الحاد على خلفية تلقيه لضربة بليغة على مستوى الرأس وجهت له من طرف مجموعة أشرار خلال تصديه لمحاولة سرقة سيارة بالحظيرة التي يشتغل فيها، وقد نجحت عناصر الأمن من توقيف الفاعلين وإحالتهم على العدالة وقتها، كما تم العثور على جثة مولود حديث الولادة داخل كيس بلاستيكي عند قمامة عمارات "ديكا"، إلى جانب العثور على جثة فتاة في العشرين من عمرها بمنطقة "طامزة" مشنوقة بسلك نحاسي، ليختتم الشهر بوفاة امرأة في العقد الرابع من العمر، وهي سيدة متزوجة وأم لأربعة أطفال كانت تقطن بمدينة "قايس" بالاحتراق بعد أن قامت بسكب كميات معتبرة من الزيت المغلى على جسمها، أما أبشع جريمة يذكرها الشارع الخنشلي فتخص وقوع جريمة استيقظ على وقعها مواطنون من خنشلة يتحسرون على فقدانه، الضحية قتل في ظروف مأسوية، ونعني هنا اللاعب "مراح ياسين" البالغ من العمر 22 سنة، بعد أن تلقى العشرات من الطعنات بجسمه الحنيف ويذبح من الوريد إلى الوريد بعد اختفائه الغامض ليلة المقابلة الكروية التي جمعت فريق "ريال مدريد" و"برشلونة"، في البطولة الأخيرة قبل أن يعثر عليه جثة هامدة ب"عين فكرون" بأم البواقي في 13 أفريل المنصرم، حيث نجحت الشرطة في فك لغز القضية، لتهتز من جديد خنشلة بعد يومين على وقع جريمة أخرى كانت ضحيتها أم لطفلين في العقد الثالث من العمر قتلت على يد زوجها بالسكين في الشارع الرئيسي ب"عين الطويلة"، وأوقفت ساعتها مصالح الدرك القاتل، ويتواصل مسلسل الجرائم واحدة تلوى الأخرى، وشهرا وراء شهر آخر، ومن الجرائم أيضا تلك التي غدر بها الشيخ الذي عثر على جثة خلف دائرة "الحامة" إلى جانب مقتل شيخ عن طريق الخطأ في حادثة الشاحنة ب"حمام لكنيف" ببغاي وهلاك عجوز من ششار داخل منزل بطامزة والعثور على جثة مولود حديث الولادة بحي "يوغراطة" الشعبي "بقايس" خلال شهر ماي، أما في الشهر الموالي أقصد جوان فقد اهتزت مدينتي "أولاد رشاش" و"بغاي" على وقع حصول جريمة قتل بشعة راحت ضحيتها حامل في شهرها الخامس والتي أقدم زوجها على قتلها، تلتها جريمة القتل التي استهدفت ابن مدينة "المحمل" المدعو "حسان الرميلي" بمدينة فرنسا. جرائم بشعة ترتكب لأتفه الأسباب وخلال شهر أكتوبر المنصرم سجلت المصالح الأمنية أربعة قضايا أخرى، أولها تلك الحادثة التي تخص مقتل شيخ وإصابة ابنه على يد راعي أغنامه استعمل بندقية صيد خلال الجريمة ببلدية "المحمل"، تلتها قضية وفاة شاب لا يتعدى سنه ال28 عاما حرقا في ظروف غامضة ب"أولاد رشاش"، وكذا قضية وفاة الطفل "صبري .ح" ب"أنسيغة" في حادث مأسوي، إلى جانب العثور على جثة شيخ داخل منزل عائلي، أما في الشهر الموالي نوفمبر فقد سجلت جريمة قتل في ظروف بشعة، أولها كانت حادثة مقتل شاب وجرح صديقه وميكانيكي في حادثة دهس بالشاحنة كان بطلها شيخ من "المحمل" بفعل عامل الغيرة والرغبة في الانتقام، والثانية راح ضحيتها شاب في الثلاثين من العمر تلقى طعنات خنجر من طرف شابين بعد جلسة خمر بمنطقة "العمود"، هذا إضافة إلى العثور على جثتين الأولى لشيخ من أم البواقي ب"بغاي" والثانية لصبية بمنطقة "ششار" قتلت خطأً من طرف والدها بالشاحنة، لتختتم السنة الميلادية 2010 بالقضية الغامضة لمقتل الفتاة "مسعودة" التي تبن فيما بعد أنها من مدينة "أنسيغة" التي عثر عليها جثة هامدة ب"المحمل" في ظروف لا تزال غامضة لحد كتابة هذه الأسطر، زيادة على حادثة وفاة شيخين ب"قايس" في ظروف غامضة ومقتل رب أسرة بحي "بوجلبانة" في حادث مأسوي، وقضية السقوط المميت لربة أسرة بنفس الحي قبل أسبوعين من نهاية السنة، غير أن الملفت للانتباه هو أن كل هذه الجرائم المسجلة في ظرف سنة واحدة كانت أسبابها جد تافهة، حيث أن أغلبها تعلقت بالميراث أو الشجارات التي تندلع بين الأطراف وتنتهي بجريمة توصف من طرف القانونيين أنها جرائم غير منظمة وعفوية.