مشاكل عجز المنتخبون المحليون من حلها قد تبدو الحجج لتأخر المشاريع التنموية، إ ن لم نقل لانعدامها، ببلدية مليانة مقبولة ومعقولة أحيانا، منها فساد الأرضية، وجود انزلاقات، أوالمداخيل الضعيفة للبلدية، لكن في الحقيقة ورغم الحجج القوية التي يقدمها المسؤولون المحليون في مختلف القطاعات، فإن المنطق السليم أن يلاحظ المواطن عناصر خفية تعمل على عرقلة التنمية في البلدية.لا سيما فيما يتعلق بالمشاريع الضخمة، التي أصبحت حلم المواطن الملياني،مثل السكن والعمل وبناء الورشات والمساجد..وغيرها من المشاريع الأخرى التي لم تر النور جهود جبارة وطاقات هائلة يهدرها سوء التقدير والتلاعبات بالمال العام، والكل يلقي المسؤولية على عاتق الآخر، وهكذا يضيع المواطن في متاهات ويضيع الجهد المبذول. جاءت السلطات الولائية وهي تحمل العديد من المشاريع من أجل أن تعيد النبض للمدينة، غير أن هذه المشاريع التي عزمت على تحقيقها دون تردد وعلى ضوئها رسم استراتيجية إنمائية وتنفيذها بدقة، أنفقت عليها الدولة مبالغ ضخمة غير أنها وجدت في طريقها حجرعثرة أوقفتها عن السير الحسن، وبقيت دون إنجاز ليومنا هذا، وانعكس التأخر في إنجاز المشاريع على حرمان المواطن من الإستفادة منها وتحقيق تماسكه الإجتماعي وزيادة فعالية أفراده، لتبقى البلدية غارقة في حال التخلف والتبعية، بل حتى في البنية التحتية والفكرية للمواطن الملياني. رغم أنها قادرة على بذل المزيد من المجهودات لتحسين أحوال المدينة وإعطائها مكانتها التي تستحقها، نظرا لتوفر الوسائل المادية، لكن دون أن يحقق القائمون على هذه المشاريع المرجوة من أعمالهم في الأوقات المحددة، وهذا ما يؤكد أن جلّ المشاريع المبرمجة لا توجد لها نقاط نهائية محددة.لأن الفريق القائم على هذه المشاريع لم يضع نصب عينيه الأولويات في متابعة المشاريع على أحسن وجه، بالإضافة إلى غياب رؤية خاصة للمشروع، وتحديد الأهداف والمؤشرات مثل دراسة متأنية للمشاريع. فكم من الدراسات التي تم إلغاؤها وإعادتها بعدما كلفت مبالغ كبيرة واستنزفت خزينة الدولة، وكم من التغييرات غير الضرورية والضارة التي أجريت على المشاريع، أثرت على المردود النهائي لها. مما جعل المواطن يفقد الأمل في رؤية هذه المشاريع تتجسد على أرض الواقع، فحتى المشاكل الصغيرة المتعلقة بإصلاح قنوات مياه الصرف والصالحة للشرب بتجديدها ووضع حد نهائي لمشكلة تسرب المياه لم يتم تجاوزها، ناهيك عن المشاريع السكنية التي لم يجد لها القائمون حلا نهائيا في القضاء على أزمة السكن الخانقة، هذه المشاكل فشل في حلها العديد من المنتخبين الذين تداولوا على كرسي البلدية، والذين تقلدوا المسؤوليات المختلفة. من جهة أخرى تعاني هذه المشاريع من عدم وضوح وظيفة الرقابة وتفاوت درجاتها من مشروع إلى آخر، ولا تتوفر هذه الأخيرة إلا بعد سماع أهلها بزيارة مسؤول ما لتفقد هذه المشاريع، حيث تجنّد كل الإحتياطات اللازمة لذلك، ففي الوقت الذي نجد فيه بعض اللجان التقنية لاتزال تجهل طبيعة دورها بالشكل المطلوب، دون أن توفر هذه الأخيرة البيئة الملائمة لعملية التنمية، واتباع أساليب وسياسات في تحقيق متطلبات المواطن. ما لاحظه المواطنون أن بعض الذين يتولون إدارة هذه المشاريع يجهلون مدى تقدم مشاريعهم، ونجد مكاتب الدراسات يرجعون فشل دراسة المشاريع إلى التكاليف المنخفضة لهذه المشاريع، ففي بعض المشروعات يتم تحديد الأرضية والدراسة اللازمة بشكل مسبق دون القيام بتحليل دقيق، وبعد وضع الأسس يتضح وجود عوائق كثيرة مثل رداءة الأرضية أو اكتشاف أنها تابعة للخواص وغير ذلك، والأمثلة كثيرة..لأن الأهداف التي يريدها هؤلاء لا تتماشى والهدف الذي أقيم من أجله المشروع أو توجه المشروع منذ بدايته، بشكل يؤكد تحكمها في المستقبل. وإن كان هذا هو حال المشاريع التي تعتبر من الضروريات، أي العمود الفقري للبلدية، فكيف الحال بما يعد كماليا مثل المشاريع السياحية والترفيهية، والتي بإمكانها استقطاب أكبر عدد من السياح، لاسيما وأن مدينة مليانة تزخر بالعديد من المواقع السياحية والأثرية، فمنها ما هو مدفون وحبيس الأدراج، ومنها من ينتظر فيضيع الجهد والبحث عن الدائرة ذات الإختصاص..ومعها تصبح مقولة "إن صناعة المستقبل هي صناعة الإدارة" في زاوية النسيان أو في سلة المهملات...