رغم كوننا في عالمين مختلفين غير أننا احتفلنا قبل أيام بعيد استقلالنا الخمسين معا ولم تكن فرحتنا أقل من فرحتكم به، و الكل شاهد على أن أبناء الجنوب صغارهم ككبارهم، نسائهم و رجالهم خرجوا بكل روح وطنية رغم حر الجو و حر ما بداخلهم مما يلاقونه من تحيز كونهم جنوبيون و لم ينتظروا من أحد رجالات هذه الدولة لا جزاءا ولا شكورا عدا تكريما منهم لأرواح ثورة التحرير. الحياة القاسية التي يعيشها ممن يسكن الجنوب الجزائري هي أشبه بالمعركة الدائمة من اجل الإحساس لا أكثر بطعم كونهم أحياء كباقي البشر و ثورتهم جلها قائمة على تخطي صعاب العيش في ظل ظروف ما كان لابد أن تكون رغم مرور نصف قرن من استنزاف قطاعات الدولة لخيرات باطنها و ظاهرها دون المراعاة لحاجيات ساكنيها التي هي حق كغيرهم... مع مرور أعياد الاستقلال كل عام من هنا عبر شوارعهم التي لم تتغير.عدا تغير ألوان صبغتها المغشوشة بالأبيض والأحمر. هم يتساءلون في كل حين : "لماذا الآخرون لا يسمعون الأصوات التي تصيح بالجنوب منذ خمس عقود"،"نحن نبحث على حياة أفضل "؟،كان ودهم رؤية جنوبهم أكثر ازدهارا من الشمال لولا تعاقب ديمقراطيات مزيفة تبنوها سياسيون هجناء غايتهم صناعة العواصف والإستثمار في أحوال البلاد و العباد، أبناء الصحراء لا يريدون أكثر من إنصاف حقهم مثل باقي مناطق الوطن التي تعيش الرفاهية. لا يطلبون أكثر مما يجب تطبيقه من الشفافية في توزيع خيرات مما يستنزف من حقول البترول و الغاز الموجه لبناء الشمال على حساب الجنوب ومن يعيشون على أرضه. العديد هم اللحظة يعملون تحت الشمس الحارقة و مصارعة الأفاعي و العقارب لتكون بيوتهم البلاستيكية جاهزة في موعدها و آخرون يعانقون شموخ النخيل في الليالي الظلماء من أجل ربط عراجينها لكي لا تنكسر و يخسر جنيها بعد أشهر، و لو ترى مساندة الصغار لآبائهم في عز الحر القاتل في أعمالهم في وقت أن أترابهم ينعمون بمشاركة عائلاتهم فسحة البحر. إن المرحلة التي تعيشها المنطقة العربية تقتضي أفعالا جديدة تمنح الجميع العيش في وطن حقيقي بدون جهوية تتطبق فيها معاني حقيقية لكرامة المواطن.