تشهد الصناعة التقليدية بولاية الوادي تهميشا وإقصاء منقطع النظير دفن بعض الحرف التقليدية الخاصة بالمنطقة إلا أن المشروع الوزاري الخاص بالحث عن تشجيع المنتوج التقليدي المحلي الذي بدأ بتوزيع مليون قفة تقليدية مصنوعة من سعف النخيل مجانا على المستهلكين بالوادي زرع روح الرغبة في العمل وتكثيف الجهود لعودة الحرف التقليدية لسابق عهدها. المبادرة فتحت المجال أمام الحرفيين المهتمين بالصناعة التقليدية الذين إلتقتهم "صوت الجلفة" في زيارة لها لولاية الوادي والذين حفزتهم العملية إلى تكثيف الجهود ومضاعفة الإنتاج وإنعاش الصناعة المحلية بالمنطقة، أين اقتربنا من بعض الحرفيين خلال جولة لنا بالمعرض الذي نظم بدار الثقافة محمد الأمين العمودي بالوادي. "قفة" سعف النخيل تصنع الحدث هذا ما بدا واضحا لدى زيارتنا للمنطقة أين صادفنا الحرفي في صناعة القفة، الزرابي والمضلات من سعف النخيل والدوم "جموعي سعدوني" المنحدر من بلدية سيدي خليل بالوادي في العقد الخامس من العمر الذي ورث الحرفة على والده منذ حوالي أربع عقود من الزمن تفنن في صناعة القفة التقليدية التي اندثرت بعدما طويت صفحتها وعوضتها الأكياس البلاستيكية، والتي أخذ على عاتقه التمسك بهذه الحرفة منذ أزل بعيد، جموعي أشار أن اندثار القفة أثر على الحرفيين في السنوات الأخيرة خاصة وأن هذه الحرفة تراجعت في ظل غياب وتراجع الطلب في السوق الوطنية. وبالمقابل ذكر المتحدث أن القفة لا تزال تلقى رواجا لدى العائلات في الجنوب الجزائري وخاصة السياح الذين يزورون الولاية على مدار السنة ما جعل بعضهم زبائن دائمين لديه يقومون خاصة قبيل شهر رمضان فالعائلات المقيمة بالخارج تحن للصناعة التقليدية التي تزخر بها بلادنا، إلا أن الأكياس البلاستيكية أثرت بنسبة كثيرة على هذه الأخيرة، أما عن رأيه في حملة رد الاعتبار ل"القفة" التي تستمر عام كامل من خلال إنتاج القفف وبيعها لغرفة الصناعات التقليدية التي تقدم لهم مبالغ مالية لتشجيعهم على هذا النشاط الحرفي التقليدي فقد عبر المتحدث على ضرورة الأخذ بيد الحرفيين ورد الاعتبار للصناعات التقليدية التي تعد رمز حضاري الذي يميز البلد. شجر النخيل مادة أولية لحرف إبداعية هذا ما أكده الحرفي والفنان التشكيلي "محمد العايز" في العقد الخامس من العمر المنحدر من بلدية الجامعة بالوادي الذي ألف الحرفة منذ حوالي 17 سنة حيث أخذ من مشتقات النخيل مادة أولية ليبدع فيها ويحولها إلى أثاث منزلي من أرائك، كراسي الأرجوحة، السلال واللوحات الفنية. يقول محمد أن كل مكونات شجر النخيل مادة أولية، حيث يستعمل ساق النخيل في صناعة الأثاث المنزلي، سألنا هذا الأخير عن مدى صلابة ومتانة هذه المادة الأولية في صناعة الأرائك فأكد لنا أن ساق النخلة كلما زاد تعرضه للشمس كلما ازداد صلابة، كما يستعمل جذع النخلة في صناعة لوحات فنية رائعة أغلبها تعبر عن البيئة الصحراوية والمناظر الطبيعية التي تطبع الجنوب الكبير، مشيرا أنه أول من أبدع في اللوحات التشكيلية اعتمادا على مكونات النخلة كمادة أولية وأنه بحث كثيرا إلى حين الوصول إلى الفكرة الإبداعية التي انفرد بها منذ حوالي سنتين تقريبا حيث شارك في عدة معارض داخل الجزائر وخارجها مثل تونس وفرنسا أين لقيت إبداعاته اهتمام زوار هذه المعارض خاصة وأن أسعارها معقولة مقارنة بالحرفة اليدوية التي تتطلب دقة لا متناهية ووقتا طويلا من الحرفي في حد ذاته. أما بالنسبة للوحات التشكيلية أضاف محمد أنه يسعى لإدخالها ضمن الملكية الفكرية لحمايتها من القرصنة، مضيفا في ذات السياق أن أفكاره الإبداعية كثيرة لكن تجسيدها على أرض الواقع يأخذ وقتا طويلا، مشيرا في ذات السياق أن هذه الحرفة تشجع على التخلي على بعض المنتوجات التي تفتك بصحة الإنسان مثل البلاستيك كما يأمل أن تأخذ الكراسي التي يقوم بصناعتها مكان الكراسي البلاستيكية خاصة في الأماكن العمومية مثل المطاعم والمقاهي لم توفره من راحة للشخص الجالس عليها. القشابية محلية بمادة أولية مستوردة معلومة استقيناها من حديث "مهيج محمد العيد" المنحدر من بلدية تغزوت بولاية الوادي الذي ذكر أن صناعة القشابية تلقى تهميشا وإقصاء كبيرا خاصة في السنوات الأخيرة بعد عزوف فئة الشباب عن تعلم حرفة صناعة القشابية الأصيلة التي تعد إرث حضاري وثقافي لابد للأجيال أن تحتفظ به، مشيرا في ذات السياق أن غياب المادة الأولية في السوق المحلية أثر بدوره على صناعة القشابية بأنواعها، ما جعل الحرفيين يستعملون مادة أولية مستوردة من الصين، الهند وباكستان وهذا ما صعب مهمة الحرفيين الذين باتوا يعملون بما توفره لهم السوق مهما كانت نوعيتها مضيفا أن ذلك يؤثر على نوعية القشابية التقليدية. أما فيما يخص القشابية الوبرية الأصيلة والبرنوس فقد ذكر أنها لا تبقى في متناول الجميع نظرا لثمنها الباهظ التي تلقى اهتمام الإطارات السامية والسياح الأجانب التي يتجاوز سعرها أحيانا 50 ألف دج، من جهة أخرى ذكر المتحدث أن القشابية استعادت أمجادها في السنوات الأخيرة وباتت محل اهتمام المواطن الذي يبقى في متناول المواطن نسبيا كون ثمنها يضاهي 10 ألاف دج.