أقاوم هاجس يدعوني إلى القول بأن أفق المستقبل يبدو مسدودا بقدر انسداد الأمل في الإصلاح السياسي، ذلك أن الجزائر تعاني من مشكلة احتضار السياسة الشيء الذي يعنى تراجع دور العقل وفى هذه الحالة يسمع صوت السلطة عاليا ويحبس صوت المجتمع. وفى مثل هذه الأجواء لا يستغرب أن يسود الاحتقان وتطفو المرارات على السطح ولا يستخلص من الناس أفضل ما فيهم. وهو ما نلاحظه في حملات تسويق الكراهية على الرغبة في التوافق وتعزيز الاصطفاف الوطني. لكني أدرك أن إدراك الشيء فرع من تصوره و أننا قبل أن نفهم شيئا ما أو نعرفه لابد أن نستوعب صورته في إطارها العام ، ولأنه يوجد شرخ بين الهيئات الممثلة و بين الشعب الممثل ، كما أننا متخلفون لذلك نعتقد أن من أخطائنا أننا لا نتصور آي شيء قبل فهمه بحكم أننا نهمل تلك القاعدة الأساسية المنطقية والتي سبق بها علماء الإسلام كل علماء " البرمجة اللغوية والعصبية " . تجعلهم يفكرون دائما في " الأضخم " فقط ولا يفكرون في " الأفضل " أو " الأكثر حكمة "و في كثير من تفكيرنا نتوقع لنعيش عليه اليوم. ما تنساه معالي الوزير أن ثقافة التهليل أو التهويل التي تسوقهما الجهات بالتداول مرة تخفي الأولي لتقدم الثانية ، لكن كليهما قد تجاوزتا بكثير ثقافة «السمع أو الطاعة» التي تستعمل لحاجيات السلطة و لكن ما يعلمه حضرة الدكتور بن خالفه عبد الرحمن الذي أعرفه شخصيا و أحترمه فكريا ، أن كلتا الثقافتين لا تزالان محل تنديد واستهجان عند الكثير . و هنا اسمح لنفسي أن أذكره بقوله تعالي في هذه الآية الكريمة » «قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا " بقي لي القول أن الشيء الجيد والجدير بالملاحظة في مضمون الصورة تلك الأصوات المرتفعة سواء كانت منتقدة أو رافضة لقانون المالية 2016 بأنها تعتبر صحوة متأخرة لكنها منقوصة. و التأخير قد يكون محتمل باعتبار التجاذب المتصاعد الذي يغطي شيء في شكل السياسة المتبعة المستندة على الغموض و الريبة و التي يقابلها بالتربص و في كثير من الأحيان بالتنديد ، لكنها أن تأتي متأخرة تظل أفضل مما لا تأتي على الإطلاق ، هذا من جانب شكلها . ولكن في مضمونها هي منقوصة لأنها غضبة رافضة للإجراءات أو الحلول المقترحة التي أتت بها الجهات دون تقدمها الهيئات المنتخبة التي من مهامها حماية كرامة المواطن ، إلا أنها في المقابل لم تتطرق إلى مختلف أشكال الزيادات التي تمس الأساسات التي تنعكس إلي الزيادة في الفروع وقائمتها طويلة يمتد لهيبها لقوت الطبقة الواسعة من المجتمع مما قد يقلب علينا قانون المالية المقترح لسنة 2016 كما هائلا من المواجع التي تعاقبت علينا و عليه يمكن القول أنه واهم من يتصور أن التقدم يحتاج لنظام رأسمالي حر لكنه أيضا يحتاج لضابط قانوني و جو ديمقراطي و إدارة شفافة.