من المسؤول عن وصولها إلى الأسواق؟ موضوع السلع المقلدة هو موضوع شائك أسال الكثير من الحبر خصوصا وأن تلك السلع صارت تؤدي إلى حوادث مميتة وتؤذي الصحة العمومية من دون أن ننسى تأثيرها على الاقتصاد الوطني ككل وتفرز خسارة تقدر بالملايير سنويا، بحيث وحسب دراسات فإن أزيد من 50 بالمائة من السلع التي تدخل الجزائر هي مقلدة مما أضحى يهدد السوق الوطنية، وتجدر الإشارة أن قطع الغيار ومواد التجميل وكذا التبغ من المواد الأكثر عرضة لآفة التقليد لتأتي بقية المواد في المراتب الموالية. تعد أسواق الجملة وحتى التجزئة المنتشرة هنا وهناك فضاءات واسعة لترويج بعض أنواع السلع المقلدة لاسيما الوسائل المنزلية الموصولة بالغاز أو الكهرباء والتي تشكل خطورة كبيرة في حال ما إذا كانت مقلدة. فبسوق الحميز بالجزائر مثلا وبغيره شاعت عبارة واحدة تردد من التجار على مسامع الزبائن ما إن يدخلوا تلك المحلات بغية الشراء مفادها (هل تبحث عن الصنف الأول أي (بروميي شوا) أو الصنف الثاني (دوزيام شوا) أو حتى الصنف الثالث)، وكلما نزل الصنف كلما نزل السعر وازدادت الخطورة المتربصة بالزبون الذي نجده دوما يلهث عن السعر البخس حتى ولو رهن صحته كبديل عن ذلك. وتسعى فصائل مكافحة جرائم تقليد العلامات التجارية إلى تحسيس المواطن من أجل الوقاية لتجنب المخاطر الناجمة عن التقليد عن طريق القيام بمعاينات وتفتيش دوري للسلع بعد تلقي الشكاوى المرفوعة من المواطنين. وفي نفس السياق ذكر عميد الشرطة السيد لاراس بعزيز أن مشكل التقليد هو مشكل عالمي تعاني منه العديد من الدول حتى المتطورة، مشيرا إلى التطابق الكبير الذي يمس بعض السلع المقلدة التي تكون صورة طبق الأصل عن السلع الأصلية مما يصعب أحيانا كشف خيوطها، ولم ينف المسؤولية على المواطنين الذين يهدفون إلى الثمن البخس على حساب الصحة ويذهبون إلى اقتناء مواد من الصنف الثاني والثالث والتي تكون في العادة مقلدة. وتجدر الإشارة أنه يتم سنويا تسجيل ما لا يقل عن 350 حالة وفاة نتيجة استعمال أجهزة كهرومنزلية مقلدة خاصة المدافئ وآلات التسخين. وتسجل مصالح الحماية المدنية ما لا يقل عن 450 ألف تدخل في إطار الحوادث المنزلية سنويا وغالبا ما تؤدي إلى وفاة 350 حالة بسبب استخدام أجهزة كهرومنزلية مقلدة، كما أن أعلى نسبة من تلك الكوارث تسجل خلال فصلي الشتاء والخريف حيث يزداد الطلب على أجهزة التدفئة والتسخين الكهربائية منها أو الغازية، والتي بلغت أزيد من مليون قطعة مقلدة في السوق الجزائرية مخالفة للمقاييس والمعايير المعمول بها. ولم تعد الصين المصدر الوحيد لهذه الأجهزة المقلدة، بحيث يتم استيراد ما نسبته 15 بالمائة من أوروبا و70 بالمائة من آسيا. وتتسبب هذه الأجهزة في خسائر مادية قدرت ب20 مليار دينار أثرت سلبا على الاقتصاد الوطني. كما أن ما يقارب 40 ألف وحدة من هذه الأجهزة موضوعة تحت الحجز بالموانئ لعدم توفرها على شروط الضمان أو عدم تطابقها للمعايير الدولية المعمول بها مما يدعو إلى تشديد الرقابة على الموانئ باعتبارها المنفذ الوحيد لهذه الأجهزة المقلدة مما يوجب فتح الأعين وفرض الرقابة أكثر على الأسواق الخاصة بترويج الأجهزة الكهرومنزلية. كما أن مشكل عدم تزود العديد من القرى والمداشر وحتى الأحياء الفوضوية بالغاز دفع بالكثيرين إلى اللجوء إلى استخدام أجهزة التدفئة وضعف القدرة الشرائية للمواطنين ألقى بهم في فخ الماركات المقلدة. ويوصي مختصون في قمع الغش بضرورة تحرك الصناعيين وأصحاب الماركات العالمية لوقف تقليد علاماتهم التجارية وحماية براءة اختراعهم وممتلكاتهم الشخصية إلى جانب ضرورة تشجيع الإنتاج الوطني للتقليل من عمليات الاستيراد للمنتجات المقلدة التي طالت حتى الأدوية.