الناحية التي تقوي المحبة في رسول الله ، فهي الصلاة عليه، فإذا كنا نصلي عليه ؛ فينبغي أن نزيد جرعة الصلاة عليه الآن، ويكفينا قول الرسول صلى الله عليه وسلم {مَنْ صَلَّىَ عَلَيَّ عَشْرَاً حِينَ يُصْبِحُ وَعَشْرَاً حِينَ يُمْسِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتي يَوْمَ القِيَامَةِ}[ رواه الطبراني] عشر مرات فقط؟، نعم، الذي يصلي في الصباح عشر مرات، وفي المساء عشر مرات، قال: هذا وجبت له شفاعته يوم القيامة، أظن أن الذي لا يستطيع أن يصلي في الصباح عشراً، وفي المساء عشراً، فهو عاجز جداً، لأنها بأي صيغة، وبأي كيفية، وأنت متوضأ أفضل، ولكن وأنت على غير وضوء يجوز، لذلك فطالما أنت ماشي، أو جالس، في العمل، أو في أي مكان فاشغل لسانك بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولتعلموا علم اليقين : أن الصلاة على رسول الله هي أيضاً ذكر لله، لأنك تقول: "اللهم صلِّ" ، أليس هذا ذكر لله؟ وهل أحد منا يصلي عليه؟ نحن لا نعرف أن نصلي عليه، فنقول له : يا رب أو {اللهم} أي يا الله ، صلِّ أنت عليه، لأننا لا نعرف كيف نصلي عليه {يا رب صل على رسول الله} ، ورسول الله لا يحتاج إلى صلاتنا ، فلا يظن بعضنا أنه يحتاج لها، لأن ربنا صلَّى عليه والذي صلى عليه الله، هل يحتاج لصلاة أحد آخر؟ {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} الأحزاب56 فإذا كان الله والملائكة، ولم يقل صلى ولكن قال {يُصَلُّونَ} أي إلى الآن يصلُّون، فإذا كان الله يصلي على رسول الله، والملائكة تصلي على رسول الله، فمن الذي يحتاج إلى الصلاة على رسول الله؟ نحن الذين نحتاج، ما أحوجنا إلى الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ لذلك يجب أن نكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعندنا من ضمن أورادنا؛ ورد هو ذكر لله بأفضل الأذكار، وهو في الوقت نفسه صلاة لنا على رسول الله، فنقول في الصباح مائة مرة، وفي المساء مائة مرة {لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم} لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول {أَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إلهَ إلاَّ اللَّهَ}. فنحن نقول : لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنكون جمعنا الحسن كله، وليس الحسنيين فقط، لكن جمعنا الحسن كله، فذكرنا الله بأفضل الأذكار، ومعه رسول الله بالصلاة على رسول الله في الوقت نفسه، لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. كم تأخذ المائة مرة؟ عشر دقائق، لا تستغرق عشر دقائق، وأنا ماشي في الطريق، أو راكب في القطار، أو في العمل، أو قبل النوم، فالواحد منا يتقلَّب في مضجعه ربع ساعة، أو ثلث ساعة قبل أن يأتي النوم، فأظلُّ أقول فيها، حتى يغلبني النوم، لأن هذا بمثابة الطلب الذي أقدمه لرسول الله، حتى أمنح من المنح التي يتفضل بها عليه الله، وأنال قسطاً من العطاء الذي يهبه له الله. فالذي يريد علاوة ، يقدم طلبا؟ والطلب الذي أقدمه إلى الله حتى أحصل على علاوة من العلاوات التشجيعية التي يشجع بها العمال في محبة رسول الله؛ هي الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالذي يكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع مطالعة سيرته وصفاته وكمالاته، وأصبح مشغولاً به على الدوام، لا بد أن يكرم، ولا يحرم، لابد أن يكرم.. لأنه سر الجود والإكرام، وإن كان الإكرام من الكريم سبحانه وتعالى، فيكرم الله جميع المؤمنين المحبين له صلى الله عليه وسلم، لأجله صلوات الله وسلامه عليه، ويقول أحد الصالحين {إعلم أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تتأكد في حق السالك في ابتداء أمره على سبيل المداومة ليلاً ونهاراً، وذلك عوناً له على سلوكه في الطريق، وطلب القرب من ربِّ الأرباب دون غيرها من الأذكار، فإن ذلك فتح لباب الهداية إلى الله تعالى. فالصلاة عليه من أعظم العون للتقرب إلى الله تعالى ورسوله ، وبها يكتسب النور، ولا تزول الظلمة إلا بالنور، ومعنى الظلمة ما يتعلق بهذه النفس من الأدناس، وما بالقلب من الصدأ، فإذا تطهرت النفس من الدنس، والقلب من الصدأ، زالت العلل المانعة للخير، وذلك كله ببركته صلى الله عليه وسلم، والإكثار من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم يثمر تمكن محبته من القلب. فحسب السالك إخلاص القصد في التوجه إلى الله تعالى بالصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم ، حتى يجني ثمرتها ، وتلوح له بركاتها ، وما هي في جميع منازل الطريق ؛ إلا مصباح يهتدى به ، ونور يستضاء به ، فمن عمر قلبه بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ، أطلع بأنوارها على أسرار التوحيد.