مرت قبل أيام قليلة الذكرى الحادية عشر لسقوط العاصمة العراقية (بغداد)، عاصمة الرشيد، والتي أطلق عليها (أبو جعفر المنصور) ثاني الخلفاء العباسيين "دار السلام"، فأصبحت بلاد الرافدين تغرق في أنهار من الدماء، بعد خيانة من حكام عرب وشيعة العراق وما حولها من بلاد. ومرت هذه الذكرى وما زال العراق يعاني انفلاتا أمنيا، وأجواء الحرب دائرة في بعض أجزاءه وسط انقسام سياسي حاد يهدد بمخاطر الانقسام والتشرذم، ولم يتجرأ أي طرف على الإعلان رسميا الاحتفال بيوم الاحتلال وسقوط بغداد باستثناء إقليم كردستان الذي أعلن اليوم عطلة من دون إقامة احتفالات رسمية. وسقوط بغداد أو ما يعرف بمعركة سقوط بغداد، هي المعركة التي حصلت بين القوات المسلحة العراقية السابقة والجيش الأمريكي في أوائل شهر أفريل عام 2003 أثناء عملية احتلال العراق عام 2003، قبل ثلاثة أسابيع من تاريخ هذه المعركة، بدأت القوات الأمريكية بالتحرك بإتجاه بغداد عاصمة علم العراق العراق، عندما كان جورج بوش رئيسا للولايات المتحدةالأمريكية. عانت بغداد خلال هذه المعركة من ضرر كبير أصاب البنى التحتية والاقتصاد، فضلا عن عمليات النهب والسرقة التي حصلت بسبب انعدام الأمن، وما وصف بسماح القوات الأمريكية للسارقين بدخول الوزارات والمنشئات الحكومية آنذاك وعدم منعهم من سرقة وتخريب ممتلكاتها. قتل الآلاف من القوات المسلحة العراقية وعدد قليل من القوات الأمريكية، حسب ما كانت تنقله وسائل الإعلام الأمريكية، كما قتل العديد من المقاتلين الذين وفدوا العراق قبيل عملية الغزو، وقتل العديد منهم، وتحديدا في منطقة الأعظمية في بغداد، كما نقل عن شهود عيان أن هؤلاء المقاتيل حاربوا بشدة وبأسلحة خفيفة ومتوسطة ضد آليات والمشات الجيش الأمريكي. كما شهدت مستشفى اليرموك في بغداد، وفود 100 قتيل في الساعة أثناء تلك المعركة بعد انتهاء المعركة دخلت القوات الأمريكية مدينة كركوك شمال العراق بتاريخ 10 أفريل- 2003 ومدينة تكريت مسقط رأس الرئيس العراقي السابق صدام حسين بتاريخ 15 أفريل - 2003. ففي التاسع من أفريل عام 2003 استيقظ الوطن العربي على خبر سقوط بغداد وانتشار الفوضى بشوارع العاصمة العراقية وأعمال النهب والسرقة المتعمدة من مرافقين قوات الاحتلال وسط اجتياح الاحتلال الأمريكي لشوارعها وشاهدنا إحدى الدبابات الأمريكية تسقط تمثال الرئيس الراحل صدام حسين وسط تهليل المارة أو المرافقين للقوات الامريكية، لم يكن المشهد مبهجا للكثيرين وإن كان يشفي غليل البعض الآخر. فجأة اختفت قوات الحرس الجمهوري التي يزيد قوامها على 50 ألف مقاتل مشهود لهم بشراسة القتال، وكذلك اختفت مدرعاتهم، اختفت عناصر جيش (فدائي صدام) الذين يزيد عددهم على 10 آلاف مقاتل وكانوا مستعدين لتفجير أجسادهم في وجه الغزاة. كما اختفت الدبابات والصواريخ التي كانت تمتلك منها العراق المئات، ولم تنفجر الألغام التي أعلنت العراق عن زرعها في طريق القوات الأمريكية كما لم تشتعل النيران بخنادق النفط التي حفرها العراق وكان النظام يهدد بإشعالها في وجه الغزاة، كما توقفت المضادات العراقية وقبل السقوط بثلاثة أيام، عن إطلاق النيران. بدأت خيوط المؤامرة من دول عربية على رأسها النظام المصري المخلوع الذي كان يترأسه (حسني مبارك) كما كانت هناك أيضا مؤامرات داخلية لتفتيت جيش كان يعد أحد أقوى جيوش المنطقة، منذ إعلان الرئيس الأمريكى (بوش) الابن حربه على ما يسمى بالإرهاب عقب أحداث 11 سبتمبر 2001 وهو يلوّح باستخدام القوة وتوجيه ضربة عسكرية للعراق ووافق الكونجرس الأمريكي في 11 أكتوبر 2002 على طلب الرئيس بمنحه الصلاحية لاستخدام القوة العسكرية ضد بغداد. من جانبها أوفدت هيئة الأممالمتحدة في نوفمبر 2002 لجنة للتحقيق والمراقبة والتفتيش والتي عرفت باسم لجنة "الأنموفيك" برئاسة "هانز بليكس" للتفتيش على أسلحة الدمار الشامل الموجودة في العراق، وفي مارس 2003 أصدر كبير مفتشي الأسلحة الدوليين في العراق (بليكس) تقريرا بأن العراق زاد من تعاونه مع المفتشين وطلب بمنحه مزيد من الوقت للتأكد من إذعان العراق للقرار ولكن سفير بريطانيا في الأممالمتحدة صرح في 17 مارس 2003 بأن السبل الدبلوماسية مع العراق انتهت، وتم إجلاء مفتشي الأممالمتحدة من العراق ومنح الرئيس جورج بوش، صدام حسين مهلة 48 ساعة لمغادرة العراق أو مواجهة الحرب. وقبل انتهاء عمل اللجنة وفي 19 مارس 2003 وجه الرئيس الامريكي (جورج بوش)، خطابا للشعب الأمريكي أعلن فيه بدء قوات التحالف الحرب على العراق وقال (بدأت قوات التحالف ضرب أهداف عسكرية عراقية لتقويض قدرة صدام على شنّ حرب أو العدوان على أي بلد أخر، أن هذه هي البداية لحملة موسعة ومنسقة بين أكثر من 35 دولة من حلفائنا، وتدعمنا تلك الدول سواء باستخدام قواعدها البحرية والجوية، وتقديم المساعدة الاستخباراتية واللوجيستية، ونشر القوات القتالية، فتحملت كل دولة في هذا التحالف بكل أمانة وشرف دورها في دفاعنا المشترك). ويذكر أنه بعد أفريل سنة 2003 بأشهر، صرح (ديك تشيني) نائب الرئيس الأميركي (بوش) السابق لآرييل شارون رئيس وزراء إسرائيل، أن الولاياتالمتحدة هاجمت العراق أولاً، وقبل أي شيء من أجل الدفاع عن إسرائيل". وبعيدًا عن موقف الغرب من العراق إلا أن خيانة المقربين من الرئيس الراحل صدام حسين هي ما عجلت بالنهاية محاولة اغتيال صدام في 7 أفريل. بدأت خيوط المؤامرة والخيانة بالانكشاف عند إطلاق شائعة مفادها أن صدام حسين قتل الى أن ظهر يوم 8 أفريل في الوزيرية والكاظمية، وظهر لهم ثانية في اليوم التالي في شارع 14 رمضان، وحسب اقوال مسئولون سابقون بالنظام العراقي (لوكالة الأنباء الفرنسية) أن صدام أحس بوجود خائن بين طاقم الحراسة الخاص به، عقب قصف أحد مقاره في بداية الحرب في 19 مارس، مما دفع ذلك صدام إلى نشر معلومة بين أعوانه المقربين وحرسه عن اعتزامه بالتوجه إلى حي المنصور في السابع من أفريل، وبمجرد وصوله دخل المطعم فعليا وخرج بسرعة من الباب الخلفي، وبعد دقائق قصف الطيران الأمريكي المبني بقنابل ثقيلة فتأكد صدام من خيانة حرسه الخاص فأمر بإعدامهم جميعا. كشف الجنرال الأمريكي (تومي فرانكس) قائد العمليات العسكرية في العراق، في ماي 2003 عن أحد أهم أسرار الحرب، عندما أعلن في تصريحاته لصحيفة "الاندبندنت البريطانية" أن القوات الأمريكية الخاصة قدمت رشاوى لكبار القادة العراقيين لضمان تحقيق فوز سريع وبأقل الخسائر، وقال إن بعض القادة العراقيين أرسلوا خطابات يؤكدون فيها للقوات الأمريكية أنهم يعملون معها، وأن ولاءهم لصدام حسين لم يعد قائما. ورغم عدم الكشف عن قيمة الرشاوى، إلا أن مسؤولا في وزارة الدفاع الأمريكية قال ان امريكا تجنبت إراقة الدماء بثمن صاروخ كروز الذي تتراوح قيمته ما بين مليون و5.2 مليون دولار. أيقن الرئيس الراحل تعرضه للخيانه بعد سقوط بغداد وهروبه الى جهة غير معلومة داخل العراق، وفي 30 أفريل 2003 بعث رسالة من مخبئه أذاعتها القنوات الإخبارية العربية أشار فيها إلى أن الخيانة كانت وراء سقوط بغداد، قائلا : (لم ينتصروا عليكم يا من ترفضون الاحتلال والذل ويا من في قلوبكم وعقولكم العروبة والإسلام إلا بالخيانة). بحلول يوم 9 أفريل ينقسم الشعب العراقي إلى صنفين، الصنف الأول مؤيدي للرئيس العراقي السابق صدام حسين، ويبكي وينتحب بسبب أن ذلك اليوم هو نفس اليوم الذي سقط في تمثال الرئيس السابق صدام حسين على يد الجنود الأمريكان عقب ضرب العراق في مارس من نفس العام 2003. بينما الصنف الثاني وهم الشيعة الذين يكرهون صدام لأنه كان رمز السنة أشد الكره، حيث أنهم يشمتون فيما حدث له في نفس اليوم.