انتهى زمن الانتظار الجميل لساعي البريد. صندوق البريد الذي نحتفظ بمفتاحه سرا، ونسابق الأهل لفتحه. الرسائل التي نحفظها عن ظهر قلب ونخفيها لسنوات. الأعذار التي نجدها لحبيب تأخرت رسالته أو لم يكتب إلينا. اليوم ندري أن رسالته لم تته.. ولا هي تأخرت. بإمكاننا أن نحسب بالدقائق وقت الصمت المهين بين رسالة.. والرد عليها أحببتك.. وكأنك آخر أحبتي على وجه الأرض.. وعذبتني.. وكأنني آخر أعدائك على وجه الأرض أيّتها العاشقات الساذّجات، الطيّبات، الغبيّات.. ضعن هذا القول نصب أعينكن: (ويل لخلّ لم ير في خله عدوًّا)..ليشهد الأدب أنّني بلّغت ! ادخلي الحب كبيرة واخرجي منه أميرة لأنك كما تدخلينه ستبقين ارتفعي حتى لا تطال أخرى قامتك العشيقة في الحب لا تفرطي في شيء بل كوني مفرطة في كل شيء اذهبي في كل حالة إلى أقصاها في التطرف تكمن قوتك ويخلد أثرك إن اعتدلت أصبحت امرأة عادية يمكن نسيانها.....و استبدالها لا تحبي...اعشقي لا تنفقي...أغدقي لا تصغري....ترفعي لا تعقلي....افقدي عقلك لا تقيمي في قلبه...بل تفشي فيه لا تتذوقيه..بل التهميه لا تكوني أمامه....بل خلفه لاتكوني عذره..بل غايته لا تكوني عشيقته..بل زوجته لا تكوني ممحاته...بل قلمه لا تكوني واقعه...ظلي حلمه لا تكوني دائماً سعادته...كوني أحياناً ألمه لا تكوني مُتعته...بل شهوته كوني أرقه وأميرة نومه لا تكوني سريره كوني وسادته كوني بين النساء اسمه ذكرياته ومشروعات غده لا تكوني ساعته كوني معصمه ولا وقته...بل زمنه تقمصي كل امرأة لها قرابة به وكل أنثى يمكن أن يحتاج إليها وكل شيء يمكن أن يلمسه وكل حيوان أليف يداعبه وكل ما تقع عليه عيناه كوني ابنته وشغالته وقطته ومسبحته وصابون استحمامه ومقود سيارته كوني أريكة جلوسه ومسند راحته وشاشته كوني بيته كوني المرأة التي لم ير قبلها امرأة ولن تأتي بعدها امرأة....بل مجرد إناث!!!! هُنالك مواسم للرسائل التي لن تُكتب.. للهاتف الذي لا يدق.. للاعترافات التي لن تقال.. للعمر الذي لا بد أن ننفقه في لحظة رهان..