هكذا يستدرج الشيعة شباب الجزائر بينما ظل وزير الشؤون الدينية السابق بوعبد الله غلام الله ينفي وجود ظاهرة اسمها التشيّع في الجزائر، ويقول أن الأمر يقتصر على حالات فردية لا تستدعي القلق، أطلق متتبعون للملف صرخة تحذير من مغبة تجاهل المدّ الشيعي بالبلاد، ورصد تقرير صدر مؤخرا خفايا مخططات التيار، وكيف يقوم الشيعة باستدراج شباب الجزائر، وهو ملف خطير يراه البعض الأخطر من نوعه على مكتب الوزير الجديد لقطاع الشؤون الدينية، تضاف إليه ملفات ثقيلة أخرى، على غرار الفتن المذهبية، وكذا تراجع منظومة القيم والأخلاق في البلاد. (الأموال، زواج المتعة، والهدايا الثمينة أهم أسلحة دعاة التشيع لاستمالة الشباب)، هذا ما يخبرنا به أصحاب التقرير الذي أشار إلى أن الجدل حول مسألة التشيع في الجزائر، عاد مرة أخرى، خاصة بعد انتشار مقطع فيديو قيل إنّه سجّل من أحد مساجد مدينة وهران، لمجموعة من المتشيعين وهم يؤدون طقوس المذهب الشيعي، ويرددون التأمين والصلاة على آل بيت النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مرفوقة باللطم بالأيدي على الصدور بصفة جماعية. تطمينات ولكن.. وإذا كان وزير الشؤون الدينية والأوقاف السابق، بوعبد الله غلام الله، قد قال أنّه (لا يوجد تشيّع في الجزائر لا في غربها ولا شرقها ولا وسطها، من يمارس طقوس الشيعة في بلادنا، هم لاجئون سوريون)، فإن العديد من الأئمة والمتابعين للمذهب الشيعي بالجزائر، رفضوا (تطمينات) الوزير السابق، وأكدوا أنّ التشيع في الجزائر بدأ يأخذ أبعادا مخيفة. وجاءت تصريحات وزير الشؤون الدينية عقب فتنة كبيرة حدثت مؤخراً بين السنة والشيعة في مسجد النصر بحي السلام الراقي في مدينة وهران السّنية، حين احتج مجموعة من المصلين على نقل إمام المسجد إلى مسجد آخر، متهمين مجموعة من "المتشيعين" حديثاً، بالوقوف وراء تحويله، كونه كان (يهاجمهم في خطبه). وينقل التقرير عن إمام أحد المساجد في (حي السلام) الراقي في مدينة وهران، تأكيده أن عائلات جزائرية اعتنقت المذهب الشيعي أصبحت تروّج لمذهبها بين الشباب عن طريق إقناعهم بزواج المتعة. تلك العائلات تمارس، حسب قول أمين مية مفتاح، إمام مسجد النصر، طقوسًا شيعية، مثل لطم الخدود وتمزيق الأجساد في سرية تامة، بينما بدأت تدعو جهرًا في الآونة الأخيرة إلى التشيّع، وتغري أهالي مدينة وهران من أهل السنة، ولاسيما الشباب، باعتناق المذهب الشيعي عن طريق إغرائهم بالهدايا وإقناعهم بزواج (المتعة)، وفق ما نقله التقرير عنه. ومعلوم أن الزواج المؤقت (زواج المتعة) هو زواج إلى أجل ولا ميراث فيه للزوجة، وقد اختلفت الطوائف الإسلامية في شرعيته، فيرى أهل السنة والجماعة أنه (حرام)، بينما يرى الشيعة أنه (حلال). وحسب ما أورده التقرير فإن من ينتقل إلى حي السّلام بوهران، الذي لا يبعد سوى أميال عن وسط مدينة وهران يقف على ترف العيش لدى عائلات شيعية ثرية تقطن فيلات الجزائر، التي ينتمي 99 من سكانها للمذهب السني. غير بعيد عن تلك الفيلات يوجد مسجد النصر، الذي شهد قبل أشهر فتنة كبيرة، بعد غلقه من جانب مجموعة من المصلين؛ احتجاجًا على تحويل إمام المسجد الشيخ يوسف نواري، إلى مسجد آخر، حيث اتهم هؤلاء المصلون مجموعة من الشيعة بأنهم وراء تحويله، كونه على حدّ تعبيرهم، (الوحيد الذي تصدى لنشر المذهب الشيعي بين أهالي وهران). وقال أمين مية مفتاح، المسؤول الحالي عن المسجد، في تصريح لوكالة (الأناضول) التركية، إن (عائلات شيعية أضحت تستدرج شبابًا ومراهقين سنيين لاعتناق المذهب الشيعي عن طريق إغرائهم بالهدايا وإقناعهم بزواج المتعة، مستغلة في ذلك ثقافتهم الدينية المحدودة، التي لا تجعلهم يفرّقون بين المذهبين السني والشيعي). إغراءات.. وسرّية وأضاف مفتاح أنه التقى مجموعة من الشباب وقالوا له إن العائلات الشيعية في حي السلام يعقدون معهم جلسات نقاش بشكل مستمر ويحاولون فيها إقناعهم بزواج المتعة، وذلك لاستدراجهم إلى اعتناق المذهب الشيعي، على حد قوله. وأشار المتحدث إلى أن (الشيعة في مدينة وهران لا يستطيعون أن يمارسوا طقوسهم الغريبة علنًا، من صلاة على الحجر ولطم للوجوه وتمزيق للأجساد في عاشوراء، ونواح على سيدنا الحسين (بن علي بن أبي طالب، حفيد النبي محمد عليه الصلاة والسلام)، بل يلجأون إلى السرية في الغالب خوفًا من رد فعل السنيين، لكنهم في المقابل يتقربون من الشباب والمراهقين لإقناعهم باعتناق المذهب الشيعي)، مضيفا: (أنا شخصيا تصديت في عدة مرات لهؤلاء المتشيعين حديثًا، حتى أنني أقدمت على طرد أحدهم من المسجد). ورفض الإمام القديم لمسجد النصر، الشيخ يوسف نواري، الذي تم تحويله إلى مسجد بحي آخر في وهران، تقديم أي معلومات بخصوص المتشيعين الذين يتردد أنهم كانوا يقصدون المسجد، مكتفيا بالقول: (أنا هنا للحفاظ على مرجعيتنا الدينية المتمثلة في المذهب المالكي (مذهب فقهي نسبة إلى الإمام مالك بن أنس، 93-179ه / 711-795م) ولا أقبل أي ممارسات في المسجد خارج هذا الإطار). ويبدو أن قضية التشيّع في وهران، وغيرها، لا تزال من الطابوهات المسكوت عنها، حتى أن مديرية الشؤون الدينية بولاية وهران ترفض الخوض في هذا الموضوع، في حين لا يزال كثير من سكان وهران يستنكرون أفعال الشيعة ويطالبون بالتصدي لهم وعدم تركهم يؤدون الصلاة في المساجد السنية، بحسب سكان في حي السلام. وقال أحد مرتادي مسجد النصر في حي السلام: (ذهبت لأداء صلاة جمعة، وإذا بي أفاجئ بمجموعة من المصلين السنيين يتلاسنون مع آخرين من المتشيعين)، مضيفا: (لقد ذهلت للأمر ولم أكن أعرف أن هناك شيعة جزائريين يعيشون بيننا.. لا يجب أن يصلوا (في إشارة إلى المتشيعين) معنا). وحسب ما أوردته وكالة الأناضول التركية التي قامت بنشر روبورتاج حول التشيع في ولاية وهران، فقد قال أحد الشباب من حي (السلام) إنّ دعاة التشيّع يوحي بأنهم ميسوري الحال.. (لقد تقربوا مني ومنحوني هدية عبارة عن زجاجة عطر، ووعدوا بمساعدتي ماديًا كوني عاطلاً). وأضاف: (في البداية لم أفهم هدفهم، لكنهم سرعان ما كشفوا لي بأنهم شيعة، وراحوا يحدثونني عن زواج المتعة، وأنه حلال عندهم وغير محرّم عكس السّنة.. وهو حصانة للشاب المسلم من الوقوع في الزنا، في خطوة منهم لإغرائي باعتناق المذهب الشيعي). الوزير الجديد في مواجهة الشيعة ويعد ملف الزحف الشيعي على الجزائر من أخطر الملفات التي يُنتظر أن يجد الوزير الجديد لقطاع الشؤون الدينية محمد عيسى نفسه على موعد مع مواجهتها بكل ما أوتي من حنكة وحكمة. وإذا كان الوزير السابق غلام الله قد قلل من قيمة الزحف الشيعي على الجزائر، فإن الوزير الجديد يبدو أكثر واقعية في تعامله مع مثل هذه المسائل، وهو ما يبشر بحرب حقيقية ضد ناشري المذهب الشيعي في بلادنا، لحماية الجزائريين من تيار يهدد بنيانهم العقائدي.. تحديات أخرى للوزير الجديد استلم الأسبوع الماضي وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجديد محمد عيسى مهامه خلفا للوزير السابق بوعبد الله غلام الله في مراسم أكد خلالها أنه سيعمل قصارى جهده لتطوير القطاع. ويرى متتبعون أن الوزير الجديد للشؤون الدينية تواجهه تحديات خطيرة بالجملة، في مقدمتها الفتن المذهبية التي تشتعل هنا وهناك، والتي كانت غرداية مسرحا لجانب منها، مؤخرا، بسبب نفخ جهات مشبوهة في رماد الفتنة بين المالكيين والإباضيين. كما تشهد العديد من مساجد القطر الوطني حالات مؤسفة للتشاحن والبغضاء بين بعض التيارات المذهبية التي يرى أصحابها أنهم أحق بتسيير شؤون المسجد وتولي أمور التدريس والخطابة فيه.. إضافة إلى ذلك، يرى عارفون بخبايا القطاع أن الوزير الجديد سيكون مطالبا بتنفيذ وتجسيد ما ورد في القانون الخاص بالمسجد الصادر مؤخرا، وهو قانون لا يعتبر المسجد مجرد مكان للصلاة، بل يشدد على أنه (مدرسة دينية وتربوية وأخلاقية) قائمة الأركان، له دور يتعدى حدود إقامة ثاني أركان الإسلام إلى الإشعاع الحضاري والمعرفي وتنوير المجتمع بكامله وتحفيز أفراده على خدمة الجزائر وأمة الإسلام بعيدا عن المناكفات المذهبية والحسابات الضيقة. وأكد الوزير الجديد خلال مراسم تسليم واستلام المهام أنه سيواصل العمل في (الخط الأصيل الذي أستشفه منذ أن انتسب إلى قطاع الشؤون الدينية وهو خط الهدى والتوجيه والرسالة) معتبرا نفسه (من المساهمين في صناعة أفكار الرسالة التي كرمه الله عز وجل بحملها). كما وعد الدكتور محمد عيسى بالعمل (بالروح وبالأفكار وبكل ما أوتي من قوة لاسترجاع المساجد وجعلها في خدمة المجتمع وقيمه ومبادئه لتجمع بين الإسلام والوطنية وتقديم النصيحة للمؤسسات الأخرى) كما أضاف. والتزم الوزير الجديد أيضا ب(مواصلة العمل مع إطارات الوزارة على النهج الذي رسمه العلماء والشهداء الأبرار)" وذلك ب(المحافظة على الأبعاد الثلاثة المتمثلة في الإسلام روحا والعربية لسانا والجزائر وطنا)، مضيفا بأنه سيواصل بذل الجهود لضمان تطوير القطاع الديني من كل الجوانب باعتباره قطاعا (استراتيجيا). للتذكير كان الدكتور محمد عيسى اشتغل عدة مناصب هامة بقطاع الشؤون الدينية والأوقاف آخرها مفتشا عاما بالوزارة. وقد عين السيد محمد عيسى وزيرا للشؤون الدينية والأوقاف في الحكومة الجديدة التي يترأسها عبد المالك سلال خلفا لبوعبد الله غلام الله الذي تضاربت الأنباء والأصداء بشأن رحيل (عميد الوزراء) أبو عبد الله غلام الله من الحكومة، أخيرا، بين من ردّد بأن الرجل هو من طلب الإعفاء من منصبه طلبا للراحة والاستجمام بعد طول استوزار، وبين من قال بأن الرجل قد تم إبعاده بسبب كثرة لغطه.. ومن كثر لغطه كثر غلطه..