على الرغم من البرنامج السكني الضخم الذي استفادت منه ولاية الجزائر مؤخرا، والذي تمكنت بواسطته من ترحيل أزيد من 8000 آلاف عائلة في إطار مشروع 12 ألف وحدة سكنية، إلا أن الأزمة على مستوى العاصمة لم تنته بعد، ولا زال الكثير من سكان البيوت الهشة والقاطنين فوق أسطح العمارات وبالأقبية ينتظرون دورهم في الترحيل أيضا، خاصة مع وجود برامج سكنية خاصة بالقاطنين على مستوى الأقبية وأسطح العمارات، باعتبار أنها تشكل تهديدا حقيقيا على حياتهم وعلى حياة بقية السكان. تحصي ولاية الجزائر لوحدها - حسب بعض المصادر- حوالي 6 آلاف عائلة تقطن بأقبية العمارات خصوصا على مستوى الأحياء الشعبية بمناطق عدة من الولاية، فيما تحوَّل البعض من هذه الأقبية إلى مخازن أو مستودعات أو محلات تجارية، ولكن اكبر نسبة من المعاناة يتكبدها من حولوا هذه الأقبية إلى سكنات، فبالمدنية مثلا، يعيش احد المواطنين رفقة عائلته في قبو العمارة التي يقطن بها منذ عدة سنوات، والغريب انه ينزل إلى نحو طابقين تحت العمارة للوصول إلى منزله، كما انه قام فيه بالعديد من التغييرات والإصلاحات وعمليات الحفر، وتمكن من خلال عمليات الحفر هاته من إيجاد العديد من المنافذ أسفل العمارة حولها إلى غرف، حيث يملك إلى حد الآن حوالي 5 غرف كاملة، ورغم أن ضوء الشمس لا يصل إلى "منزله" مطلقا لا أثناء الليل ولا أثناء النهار، إلا انه لا زال يقطن هناك في انتظار تجسيد مشروع ترحيل كافة سكان الأقبية وأسطح العمارات واسترجاعها وهو المشروع الذي تعكف على تطبيقه مصالح وزارة السكن. وبالمدنية دائما وبحي ديار العافية، الذي قام قاطنون بحركة احتجاجية بعد أحداث ديار الشمس وعمليات الترحيل الذي استفادت منها آلاف العائلات، فإن من يقطنون بأقبية العمارة بهذا الحي بالذات، لا يمكن أن نطلق عليهم صفة الأحياء، فالمنازل التي يقطنون بها لا تناسب قامات اغلبهم، ما يضطرهم إلى البقاء منحين عند الدخول إليها، بالإضافة إلى انعدام الضوء وعدم دخول أشعة الشمس إليها نهائيا، ما يضطرهم كذلك إلى إبقاء المصابيح مشتعلة على مدار اليوم، هذا ناهيك عن رائحة الرطوبة، وانعدام التهوية والروائح الكريهة المنبعثة من قنوات الصرف الصحي وجملة المشاكل الأخرى. وبعين النعجة، تسببت الأمطار الغزيرة التي تساقطت خلال الأسبوع الفارط في غرق سكان أقبية إحدى العمارات على مستوى حي 1074 مسكن، وكادت الأمور أن تتحول إلى كارثة حقيقية لولا تفطن السكان في الوقت المناسب وهروبهم من المنازل وذلك بعد انسداد البالوعات الموجودة على الرصيف ما أدى إلى تدفق المياه ودخولها إلى تلك المنازل، حيث تكبد قاطنوها خسائر مادية معتبرة في الأجهزة والممتلكات. وإضافة إلى كل ما سبق فإن اغلب سكان الأقبية يعانون من أمراض الحساسية والربو وغيرها من الأمراض الصدرية والتنفسية، بالإضافة إلى ضعف الرؤية وما إلى ذلك، كما أنهم يشكلون تهديدا حقيقا على بقية سكان العمارة التي يقطنون قبوها نتيجة قيامهم بالتغييرات والتعديلات على الأقبية لتحويلها إلى أماكن صالحة للسكن فيقومون أحيانا بتغيير موقع أنابيب الغاز أو أنابيب شبكة الصرف الصحي أو شبكة المياه الشروب الأمر الذي يؤدى إلى تهديم بعض أساسات العمارة لتوسيع القبو ما ينعكس بدوره على أساسات العمارة مستقبلا، فأقبية العمارات في الأصل وجدت لامتصاص الصدمات ووقاية العمارة من مختلف الكوارث الطبيعية، كالزلازل والفيضانات، والتصرف فيها يعني المساس ببعض الركائز الأساسية وأنابيب الصرف الصحي، وأنابيب الغاز الطبيعي، ما يجعل أي خطأ مهما كان بسيطا كافيا لإحداث كارثة حقيقية، سواء من خلال تسربات الغاز ومخاطر الانفجار، أو تسرب مياه الصرف الصحي، أو اختلال توازن العمارة بفعل تأثر أساساتها وغيرها من المخاطر الأخرى التي لا تعد ولا تحصى. هذا بينما يبقى هؤلاء السكان ينتظرون ساعة الفرج، مثلما ينتظرها غيرهم من خلال تتبع عمليات الترحيل ومختلف مراحل تجسيد العديد من البرامج السكنية، بغية القضاء النهائي على أزمة السكن في العاصمة والجزائر ككل.