تعتبر بجاية جغرافيا ولاية ساحلية، باعتبارها تملك شريطا ساحليا يمتد على طول 80 كلم، وأغلبية بلدياتها تمتلك شواطئ تجعلها قبلة للمصطافين والسياح. الأمر الذي يتطلب من السلطات المحلية القائمة على هذه البلديات القيام بمجهودات إضافية قبيل حلول هذا الموسم قصد تلبية الحاجيات المطلوبة من هياكل قاعدية ومرافق عمومية وشبكة الطرقات ومخيمات وغيرها. لكن واقع هذه البلديات من حيث الإمكانيات المادية منها المالية لا تسمح لها لأن تستجيب بصورة ملائمة لهذه المتطلبات، مما يجعل رؤساء المجالس المحلية المنتخبة عاجزة كل العجز لتوفير الجو المناسب، وفي هذا الشأن وفي جلسة للمجلس الشعبي الولائي، تم الموافقة على تقديم أغلبية مالية إضافية للبلديات الساحلية تقدر ب 2 مليون دينار لكل بلدية بهدف مساعدتها للشروع في تحضير موسم الاصطياف. في الوقت الذي أصبحت خزينة الولاية لا تستطيع توفير الموارد المالية للبلديات قصد النهوض بالتنمية المحلية، وهذا يدعو إلزاما لمناشدة الدولة أن ترفع من الدعم المالي المخصص للبلديات سواء في إطار الصندوق الوطني لدعم البلديات أو في إطار مشروع الميزانية أو من خلال آليات جديدة يمكن التفكير فيها مستقبلا. وتفتقر أغلبية البلديات لمصادر التمويل. فهي تعتمد كلية على خزينة الدولة وحتى بلدية بجاية التي تزخر بموارد هامة مصدرها الميناء ومختلف القطاعات الاقتصادية والمناطق الصناعية، إلا أنها تبقى عاجزة على تمويل ذاتها لتجسيد مشاريع التنمية المحلية، لذا فإن الأمر يتطلب إعادة وضع إستراتيجية وطنية تشمل على طريقة تدفع بالبلديات البحث عن الموارد المالية من خلال الاستثمار في بعض القطاعات التي يمكن لها أن تجلب لها أموالا إضافية لخزينتها، ولعل مثل هذه الفكرة قابلة للتجسيد شريطة أن تسمح القوانين السارية المفعول بذلك أو على الأقل الشروع في تصور مستقبلي قصد الخروج من حالة العجز المسجل والذي يعيق بالدرجة الأولى شؤون المواطنين. ولا أتردد إن قلت أنه يجب خلق دوائر رئيسية على مستوى الولاية تتولى في البداية توجيه العمل وفق هذا النمط بطريقة عصرية على شكل لامركزية التسيير أي أن البلدية ستبحث بنفسها عن موارد التمويل من خلال بعث نشاطات مختلفة تسيّر تحت وصايتها وتكون ذات نمط استثماري، فالحاجة الملحة في الوقت الراهن هو شروع الدولة في معالجة العجز المسجل، وتمكين البلديات الفقيرة من تجاوز محنتها. بواسطة دعمها ماليا مع وضعها تحت إشراف لجنة وطنية أو ولائية تعمل على توجيهها وإرشادها تجسيدا للحكم الراشد، لذا فإن أغلبية بلديات ولاية بجاية تئن تحت وطأة العجز المالي وهو ما يجعلها غير قابلة للتحرك لحل المشاكل المطروحة من قبل المواطنين. ورغم المجهودات المبذولة من قبل والي الولاية وباقي المسؤولين التنفيذيين كل حسب إمكانيته، إلا أن الضرورة تقتضي دراسة عميقة لكل بلدية. للوقوف على أهم المعوقات التنموية التي ساهمت في تعكير أجواء المواطنين وأحيانا هذه الوضعيات تدفعهم إلى حركات إحتجاجية متكررة غير متوقعة وغير مسبوقة. وللإشارة فإن الدولة قد سخرت أغلفة مالية ضخمة منذ سنة 1999 ويقترب المبلغ من 2000 مليار، ورغم هذه الخطوة الكبيرة فإن الواقع لم يشهد تغيرا جذريا، وهو الأمر الذي أبقى على مظاهر التخلف دون أن يكون لها انعكاس إيجابي عميق.