آفة التدخين تزحف إلى المتزوجات يعتبر التدخين من الأمور التي لا يقرها الدين، لما يترتب عنه من مضار صحية ونفسية لا تحصى ولا تعد، فبعدما كان يقتصر على الرجل فقط، أصبح في الآونة الأخيرة ينتشر كثيرا بين الفتيات، إلا أن نظرة المجتمع الجزائري تختلف في التعامل مع المرأة والرجل، فهو يتساهل مع الرجل المدخن من منطلق أن التدخين حرية شخصية، ويتحمل نتائجه وعواقبه على الرغم من سلبياته المتعددة لكن يضع خطا أحمرا على المرأة المدخنة وفق ما تستوجبه الأعراف المحافظة والتقاليد، وتحوم العديد من الشكوك وتطرح علامات استفهام كبيرة حول سلوكيات وأخلاق الفتيات المدخنات من مختلف الأعمار. حسيبة موزاوي وأصبحت ظاهرة تدخين الفتاة تزداد يوما بعد يوم، سواء (سرا) أو (جهرا)، ولهذا نتساءل عن أسباب هذه الظاهرة، هل هي حرية شخصية أم انحراف؟ أم هي حضارة وتحضر؟ أم تقليد أعمى للغرب وموضة دخيلة علينا؟ أم هو تمرد على العادات والتقاليد ومحاولة لاثبات الذات؟ أم هو راجع للثقة الزائدة من الأولياء؟ أم يرجع إلى التهاون في التربية والاهتمام أكثر بظروف المعيشة؟ أو ارتباط الفتاة برفقة السوء؟ أم هي منافسة للرجال وطريقة للإغراء؟ وهل الفتاة المدخنة جذابة في نظر الشباب؟ وماهي نظرة المجتمع الجزائري لها؟ عندما تتحول السيجارة إلى وسيلة إغراء وللإجابة عن كل هذه التساؤلات، استطلعنا مجموعة من الآراء وارتأينا التقرب حتى إلى الرجال من أجل رصد وجهة نظرهم للمرأة المدخنة فتباينت الآراء. (حميد) صاحب 30 سنة، الذي يرى بأن الفتاة المدخنة ليست جذابة، فهو يشبهها بالرجل، بحيث نست معنى وجودها في الحياة ك (أنثى) فأهم شيء في أنوثتها هو المحافظة على مبادئها وأخلاقها، لكن عندما تدخن تتغير فيها الكثير من الصفات، فيتحول لون شفتيها إلى اللون الأسود القاتم، وأنفاسها في أسوأ مما تكون عليه، فالأنوثة هي بريق عينيها وإشراق وجهها، وتصبح مصفرة وذابلة العيون، فأين هي الأنوثة؟ نفس ما عبرت به السيدة (مليكة) البالغة من العمر 50 سنة، فهي ترى أن التدخين هو حالة مشينة، وأنا لا أشجع المرأة على القيام به، فهي غالبا ما تعطي انطباعا خاطئا للناس، ومظهرها وهي تدخن بقدر ما فيه من الإثارة والجاذبية للرجل، بقدر ما فيه من إنقاص لها كامرأة محترمة. وعلى لسان إحدى المدخنات (سلمى) ذات الثلاثين سنة، أكدت لنا (أن السيجارة لها قيمة معنوية بالنسبة لها، إذ بمجرد التدخين تظهر للمجتمع بأنها مختلفة، مميزة وحرة، فالتدخين حق طبيعي لكل فتاة كما هو الحال بالنسبة للرجل، أم (حرام علينا وحلال عليهم)، كما تعتبره موضة العصر، ومن لا يرى عكس ذلك فهو قديم ومتخلف. ومن الأمور الغريبة أن بعض الرجال راحوا إلى اللهث وراء الشابات المدخنات حتى منهم من يطلب من بعض صديقاته تعاطي السجائر من باب التميز وكطريقة لجذبهم تقليدا للغربيين الذين لا دين ولا ملة لهم. ولا يختلف اثنان على أن نظرة المجتمع الجزائري للمرأة المدخنة هي نظرة سيئة، الأمر الذي دفع الكثير من النساء إلى التدخين في السر، وطالت الظاهرة حتى المتزوجات خفية عن أزواجهن لتفادي تعرضهن إلى اصطدامات من طرف المحيطين بهن. مخاطر صحية بالجملة للنسوة المدخنات ورغم اختلاف الآراء وتضاربها، إلا أننا أردنا استشارة أخصائية في طب النساء لتوضح لنا أكثر عن مدى أضرار التدخين على النساء، حيث تفوق أضرارها على النساء أكثر من الرجال، وذلك لأن جسم المرأة أقل استعدادا لطرد المادة الغريبة من الجسم، كما أن طبيعة المرأة البيولوجية والسيكولوجية، وكونها تلد وتحمل، يزيد مخاطر التدخين عليها وعلى الجنين، حيث أن التدخين يؤخر نمو الجنين داخل الرحم بسبب تأثير غاز أوكسيد الكربون المنبعث من السيجارة، وتراكمه في الرئتين يؤدي إلى قلة وصول الأوكسجين والمواد الغذائية المنقولة عبر المشيمة إلى الجنين، مما يؤدي هذا إلى موت الجنين أو تشوهه، وكما يعتبر التدخين السبب الرئيسي لأمراض السرطان بصفة عامة، سرطان الرئة والبلعوم بصفة خاصة، وحالات التهاب القصبات الهوائية وأمراض القلب والجلطة الدماغية والقلبية، وتكون هذه الأمراض منتشرة أكثر عند المرأة المدخنة. كل تلك المخاطر تجعل من عادة التدخين عادة سيئة وجب الإقلاع عنها فهي لا تخدم الفتاة أو المرأة بصفة عامة لا من حيث الأعراف الاجتماعية ولا من حيث الصحة فهي تؤدي إلى عواقب صحية وخيمة قد تنتقل من الأم إلى الطفل، كما تمس بالأنوثة وبالصحة والكف عن تلك العادة هو ضروري حسب ما تفرضه الضوابط الاجتماعية المحيطة بمجتمعنا المحافظ لاسيما وأن الآفة تعرف توسعا شديدا بين مختلف الفئات العمرية من النسوة فهي مست المراهقة والشابة والسيدة المتزوجة. وبين دوافع التطور والعصرنة ولهثا وراء البريستيج أو حتى جعل السيجارة كوسيلة إغراء وجذب بعض أشباه الرجال ووسيلة للهروب ودفع المشاكل الاجتماعية تبقى نظرات النقص والنبذ تلاحق المرأة المدخنة في مجتمعنا مهما وصلت إليه من مراتب فإن تلك الآفة تفضحها ولا تغسلها مياه البحر.