مما ألفناه أنه كثيرا من المراهقين أو الشبان أو الرجال من مختلف الأعمار يتعاطون التدخين، سواء في الشوارع أو الجامعات أو الأماكن العمومية. ولكن الشيء الأكثر خطورة أن النساء أصبحت تتعاطى التدخين بشكل مبالغ فيه ولكن أكثر تخفيا من الرجال، حيث تتعاطينه في الصالات أو الجامعات أو المراحيض العمومية. توجهنا إلى إحدى قاعات الحلاقة، حيث تعرفنا على ''ياسمين'' وهي فتاة لا تتعدى ال 17 من عمرها، حين سألناها عن رأيها حول ظاهرة التدخين عند النساء، فأجابت أن تعاطي التدخين أمر عادي ولا حرج فيه، بل بالعكس هو موضة العصر، فالكثير من الفنانات الجميلات والمشهورات تتعطاين التدخين ونحن بدورنا نقلدهن لا لشيء إلا لأننا نحبهن ونقتدي بهن في تصرفاتهن. اعترفت الآنسة ''ياسمين'' بتعاطيها للتدخين ولكن كما تقول ليس كمدمنة، بل كما قالت ''ڤوسطو، فأنا أتحكم في التدخين ولا أترك التدخين يتحكم في''. ثم تدخلت السيدة ''منال'' وهي صاحبة صالة الحلاقة بأنها تتعاطى التدخين ولا يمكنها تركه لأنها تتعاطاه منذ سنين طويلة. وتقول في هذا الصدد: ''لقد كانت أول سيجارة مع صديقتي التي أغرتني بها على أنها نشوة ومتعة يشعر بها الانسان عند تعطايها خاصة إذا كان الشخص يعيش بعض المشاكل فالسيجارة تريحه وتهدئه. وفعلا مع أول سيجارة تعاطيتها معها شعرت بالنشوة ومنذ ذلك الوقت أصبحت أشتري علبة واحدة يوميا ولن أفكر يوما أن أتخلص منها''. ثم سألناها عن تدخينها أمام الزبونات فأجابت أن الأمر طبيعي جدا فأنا أدخن دون أي حرج لأنها أصبحت موضة العصر، وعللت بقولها ''لماذا الرجل يمشي في الشارع متبخترا يحمل بين أصابعه السيجارة ويدخن بكل وقاحة بينما نحن لا يحق لنا ذلك وكأنها جريمة بالنسبة لنا''. مثل هذه العادات أو الظاهرة مرتبطة بالرجل وليس المرأة، فهي مقبولة عند الرجل وممقوتة مرفوضة عند المرأة خاصة العربية. لكن ظاهرة التدخين عند الإناث أصبحت منتشرة في السنوات الأخيرة بين الفتات خاصة الجامعيات منهن، وهذا مع التحفظ من التدخين علنا. فالمجتمع الجزائري ينظر إلى المرأة المدخنة أنها امرأة خارجة عن مجاله، كما أن تدخين المرأة يفقدها الكثير من أنوثتها. ومن خلال هذا الاستطلاع بين فئات المجتمع الجزائري إناثا وذكورا، وفي هذا الصدد تحدثنا مع السيد ''ابراهيم'' حول تعاطي المرأة التدخين فقال ''عادة التدخين لدي غير محببة سواء عند الرجل أو المرأة بكل تفاصيلها الشكلية والصحية والمادية. لكن مواكبة التطور العصري بكل أنواعه غير وأثر فينا وبدأت عادات جديدة تنتشر بيننا منها ما رفضناها ومنها ما تقبلناها، وتدخين النساء رغم مقت المجتمع له إلا أنه بدأ يلوح في الأفق خاصة في أوساط الجامعة''. وللتأكد من الأمر انتقلنا إلى الباعة والمختصين في بيع التبغ والسجائر وبالتحديد في أحد أحياء العاصمة بالحامة العناصر عند ''سي رابح''، حيث يقول: ''لم يصبح بيع السجائر مقتصرا على الرجال بل تعدى إلى الفتيات أو المراهقات اللواتي تقلدن في ذلك الأوروبيات وهذا من سوء الأخلاق. ففي الماضي لم تكن المرأة تجرؤ على شراء التبغ بينما حاليا أصبحت تساوم أنواعا كثيرة من التبغ، ولعل أهم أنواع السيجارة التي يحبذنها ''مالبور لايت'' هي الأكثر مبيعا عند النساء''. الجامعات مخبأ لكثير من الفتيات اللواتي يتعاطين التدخين إن ظاهرة تعاطي المخدرات أصبحت أكثر خطورة وأشدها فتكا على فئة البنات والتي انتشرت خاصة في أماكن كانت لها قدسيتها فيما مضى وهي الجامعات، حيث استقبلتنا الآنسة ''هدى'' وهي طالبة جامعية، لتحدثنا في هذا الصدد وتقول: ''مشاهدتي لزميلات لي في المعهد وهن يتعاطين التدخين أمر مألوف، وهذا تحت راية الحرية وحب التطلع إلى العالم الآخر. ومن وجهة نظر جامعياتنا فإن البعض منهن وجدن في السيجارة ملاذا كبيرا، من باب تجريب كل ما هو محظور وغير مرغوب فيه. إنني من بين الفتيات المدخنات فقد كانت البداية صعبة لكن كل شيء عادي الآن وأنا متأكدة أنني لن أندم على هدية صديقتي، كما أن أهلي لا يعلمون بذلك، وأجد في ذلك راحتي وترويحا عن نفسي''. ثم ذكرت أن أكثرهن تعاطيا للتدخين الطالبات اللواتي أتين للإقامة في الجامعات. والدي كان السبب الأول في تعاطي التدخين رغم الأخطار المعروفة الموجودة في التبغ إلا أن بعض الآباء يكونون السبب الأول في تعاطي الأبناء للتدخين، والأخطر من ذلك أن الأب يرسل ابنته لشراء التبغ. وأصبحت الفتاة مدمنة على التدخين. هذا ما تؤكده الآنسة ''حميدة'' حيث تقول: ''لا يمكنني أن أتخلص من التدخين والسبب يعود إلى أبي الذي كان يرسلني إلى بائع التبغ لشراء السجائر، ونظرا لفضولي عن سبب تعاطي أبي هذا التبغ تعاطيت سيجارة أولى فثانية إلى أن أصبحت أشتريها خفية عنه. والآن لا يمكنني أن أتخلص منها فهي ملاذي الوحيد خاصة حين أشعر بالقلق أو التوتر فلا أجد سبيلا غير لجوئي إلى التدخين''. شركات التبغ تشجع النساء على التدخين توجد شركات تبغ تستهدف النساء والفتيات باستخدام التسويق من خلال مواضيع تربطها بالتدخين لرغبة المرأة في الاستقلال والحرية إلى أن تكون في غاية الجمال، وذلك بتناول منتجات صممت خصيصا لمناشدة المرأة مثل السجائر ذات النكهات والتغليف المناسب مع الموضة. وزيادة على ذلك فإن تعاطي التدخين عند النساء في الدول النامية أكثر نسبة من النساء في الدول المتقدمة، وتشجيعهن يكون بإغرائهن على أساس أنها مادة تقوم بإنقاص الوزن وتحفزهن على أنها رمز للحرية والتقدم والاستقلالية. التبغ مادة تؤدي إلى القتل البطيء الأدلة العلمية تشير إلى أن التبغ يؤدي للإدمان وبدوره يؤدي إلى سرطانات عديدة كسرطان الفم والرئة والحنجرة والحلق والبطن وأمراض القلب والبنكرياس وهشاشة العظام وسرطان عنق الرحم، وهذا ما يزيد في الاجهاض التلقائي وولادة الجنين الميت والعقم وانجاب أطفال منخفضي الأوزان ومواليد يعانون من مشاكل صحية لا حل لها.