انتشرت وبصورة ملحوظة في بعض أحياء العاصمة ومن بينها جسر قسنطينة وعين النعجة، مستودعات جمع الخردة والنفايات الحديدية، ففيما كانت تعد على الأصابع سابقا، صارت اليوم تعد بالعشرات، أصحابها غالبا من سكان المنطقة، أو شبانها الذين يقوم بتأجير مستودعات الفيلات المتواجدة هنالك والتي لازال الكثير منها في طور الانجاز لجمع هذا النوع من الخردة الحديدية، أيا كان نوعها، سواء قضبان أو بقايا نوافذ وأبواب أو هياكل سيارات، وغيرها من القطع المعدنية المختلفة التي لا يهم نوعها بقدر ما يهم وزنها، وإمكانية تحويلها من جديد، في المصانع المتخصصة في ذلك. وتحول احد الأحياء بعين النعجة إلى مركز لجمع وإعادة بيع هذا النوع من الخردوات، حيث تنتشر فيه العشرات من المحلات المتواجدة أمام بعضها البعض، ويشتغل فيها العشرات من الشبان والمراهقين، الذين يعملون على فرزها وترتيبها، ونقلها في الشاحنات الكبيرة التي تأتي دورياً إلى هناك لتحمل كل تلك الكميات من الخردة والحديد، وعرفت الظاهرة انتشارا واسعا إلى درجة أن عددا كبيرا من أبناء الحي والأحياء المجاورة له لاسيما بجسر قسنطينة أو السمار وحتى بئر خادم وباش جراح، قد دخلوا في هذه التجارة، ويتم تقسيم العمل فيما بينهم حسب احد الشبان المراهقين العاملين بواحد من هذه المحلات، حسب الأفواج، ففوج يقوم بجمع النفايات الحديدية، وفوج آخر يقوم بفرزها وترتيبها، وآخرون يقومون بعملية نقلها، فيما يتولى احدهم وغالبا ما يقوم صاحب المكان بعملية وزنها وشرائها. أما عن المصادر التي يجلبون منها هذه النفايات، فهم غالبا ما يتجولون في الأحياء بحثا عن ما يلقيه المواطنون من نفايات حديدية لا يحتاجون إليها، أو يقومون بالاتفاق مع بعض الوسطاء، الذين يقومون بالبحث عن أماكن توفر تلك النوعية من الخردة، بين حطام السيارات وهياكلها في محلات الميكانيك، أو في ورشات البناء، والحدادة، كما أن جزءا كبيرا من تلك الخردة يتحصلون عليها من طرف بعض الأطفال والمراهقين، الذين يجلبونها من أماكن مختلفة، ومن أبرزها مراكز جمع وإلقاء النفايات، حيث يدخلون إليها باحثين عن أية قطعة حديدية من شانها أن تعود عليهم ببعض الدنانير. كما أن أي شخص يمتلك قطعا حديدية مهملة من الوزن الثقيل أو الخفيف وليس محتاجا إليها، يقصدهم في هذه المحلات ويتفق معهم على السعر، ويتولون هم عملية إحضارها عبر عربات صغيرة خصصت لذات الغرض، وغالبا ما يكون سعر الكيلوغرام الواحد من هذه النفايات الحديدية متراوحا ما بين 8 إلى 12 دج، فيما يقوم أصحاب المحلات بإعادة بيعها بسعر أعلى إلى المصانع وغيرها من الجهات التي هي بحاجة إلى هذه النفايات الحديدية، بعد إعادة تحويلها وتصنيعها. ومقابل ذلك، فإن ظاهرة جمع البلاستيك وإعادة بيعه تعرف نفس الانتشار الذي تعرفه ظاهرة جمع وإعادة بيع النفايات الحديدية، وغالبا ما يكون الأطفال والمراهقون اكبر العاملين في هذا الحقل، حيث يبحثون عن كل الخردوات الحديدية والبلاستيكية في أي مكان، حتى وان تطلب الأمر الغوص في أعماق المزابل وأماكن جمع النفايات، أو سرقتها من أمام المنازل، وهي الظاهرة التي تنتشر بكثرة في بعض الأحياء الفوضوية بجسر قسنطينة، حيث يقصد جامعو الخردوات البلاستيكية هذه الأحياء، ويشترونها من عند الأطفال وبعض المراهقين الذين يتعبون كثيرا في عملية جمعها في مقابل 5 إلى 7 دج فقط لا غير. ولأن هذه الدنانير تغري الأطفال بشدة، فإن بعض سكان هذه الأحياء يشتكون من عمليات سرقة واسعة تطال أوانيهم البلاستيكية المختلفة من حين إلى آخر سواء من طرف أطفالهم في حد ذاتهم أو من طرف أطفال آخرين من أبناء الحي، ما جعلهم يتذمرون بشدة من هذه الصورة الاستغلالية البشعة للأطفال من طرف أصحاب محلات الخردة في مقابل دنانير معدودة، فيما يجنون هم في مقابلها مبالغ مالية هامة.