أعلن بنك الشارقة الإسلامي في الإمارات عن تقديم خدمة القرض بدون فوائد لتمكين غير القادرين على أداء فريضة الحج، وهو ما جدد السؤال بشأن جواز الحج بالتقسيط البنكي، خاصةً إذا كان بدون فوائد. وبحسب ما ورد على موقع بنك الشارقة الإسلامي، وما نشرته عدة مواقع إلكترونية إماراتية، قال جاسم محمد البلوشي، رئيس مجموعة الخدمات المصرفية المقدمة للأفراد بالبنك، "إن الخدمة تتضمن تقديم المبلغ اللازم لدفع تكاليف الحج دفعة واحدة، على أن يقسطه الحاج على مدى عام بدون فوائد أو مصاريف إدارية، وذلك تماشياً مع دور البنك في خدمة المجتمع والتزامه بتسهيل الخدمات الإسلامية للزبائن". وأضاف أن "فكرة هذا المشروع جاءت إثر العديد من الدراسات الميدانية التي أجراها المصرف وتلمس فيها حاجة السوق إلى مثل هذه الخدمة في زمن عزت فيه السيولة وصعبت فيه إجراءات التمويل الاعتيادية، بغض النظر عن تمويل أداء فريضة الحج لبيت الله الحرام". وأكد البلوشي حرص المصرف على طرح المزيد من خدماته لاستقطاب المزيد من العملاء؛ إذ أن هذه الخدمة المعروفة "حج السنة وادفع على سنة، بدون أرباح" تأتي ضمن سلسلة من برامج التمويل من دون تكاليف، التي يعتزم مصرف الشارقة الإسلامي إطلاقها في المستقبل القريب. ويختلف العلماء في جواز الاقتراض من أجل الحج، ففريق منهم يرى عدم جواز الاقتراض، خاصةً إذا كان يترتب عليه فوائد بنكية؛ لأن الله تعالى فرض الحج فقط على المستطيع، ولا يجوز للمسلم تكليف نفسه فوق طاقته، وفريق آخر، يرى جواز الحج بالاقتراض والتقسيط إذا ما تأكد المقترض من قدرته على سداد الدين والقروض في موعدها. الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ممن يرون جواز الاقتراض من أجل الحج، ولكنه لا يحبذه، قائلاً: "الله تعالى لم يكلف المسلم الاستدانة من أجل الحج؛ لأن الدين همٌّ بالليل ومذلة بالنهار.. والرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يستعيذ بالله من المأثم والمغرم (الاستدانة)". وأضاف القرضاوي: "لكن لو فعل المسلم واستدان لأن أمامه فرصة قد لا تتاح له ثانيةً، وهو مطمئن إلى أن عنده موارد مالية تجعله قادرًا على الوفاء بدينه لم يكن عليه حرج، وإن لم يكن واثقًا فلا". ويتفق الدكتور عبد المعطي بيومي, من الأزهر مع ما ذهب إليه القرضاوي قائلاً إن بعضًا مما يحدث يتوافق مع الشريعة الإسلامية وبعضه حرام. وفسر في تصريحات صحفية: "إن ذهاب الشخص للحج بمال اقترضه من الغير -لم يرد فيه نهي- مادام قادرا على تسديد هذا المال فور عودته, وهذا لا يخل بركن ولا بشرط من أركان أو شروط هذه الشعائر الدينية المهمة". ونبَّه بدوره إلى أن "من يقدم على الاستدانة وهو على علم بأن أحواله المادية عندما يرجع لن تعينه على السداد، وتتراكم عليه الديون، وقد تجلب عليه المشاكل كدخول السجن أو الحجز على ممتلكاته.. عندها تكون الاستدانة للحج غير جائزة شرعا". ولمجمع البحوث الإسلامية (أعلى جهة علمية بالأزهر) رأي آخر أصدره في عام 2008 قال فيه إنه لا يجوز أداء فريضة الحج أو العمرة بنظام التقسيط من خلال البنك، خاصةً إذا كان يترتب عليه فائدة ربوية. وجاء في قرار صادر عن المجمع: "الاقتراض من البنك لأداء فريضة الحج عملٌ غير مشروع، وخاصة أن البنك يأخذ منه زيادة (فائدة ربوية) وهذا محرم قطعًا، فالحاج مطلوب منه شرعا أن يسدد ديونه قبل الذهاب إلى الحج". وأوضح القرار أن "من شروط وجوب أداء الحج الاستطاعة، وهو هنا (المحتاج للقرض) غير مستطيع؛ وبذلك لا يجوز له الاقتراض؛ لأن هذا يعتبر استدانة". وتتبع بعض البنوك في العالم العربي خدمة تقديم قرض الحج والعمرة، إلا أن بنوكاً أخرى أحجمت عن تقديم هذه الخدمة آخذة بالرأي الذي يحرِّمها، فيما يبدو أن بنوكاً أخرى تتجه إلى تقديمها كخدمة بلا فوائد لتلافي التحريم.