بقلم: رندة تقي الدين النار التي تجتاح حالياً الشرق الأوسط من غزة الى سورية الى العراق وليبيا واليمن بركان مشتعل. فالعالم أصبح عاجزاً عن إخماده. المدنيون بالملايين هم ضحايا هذه الحروب التي تشهدها المناطق العربية التي دخلت في صراعات بسبب قياداتها وسياساتهم المجرمة. في ما يخص غزة سياسة الاحتلال الاسرائيلية هي التي ولدت وغذت التطرف والعنف رداً على التطرف والعنف والقمع الاسرائيلي بتغطية عالمية لا مثيل لها. فكلما جاء رئيس أميركي وعد بالتوصل الى سلام بين اسرائيل والفلسطينيين. ولكنه سرعان ما تخلى عن وعوده لأن الحليف الاسرائيلي رافض لإنشاء دولة فلسطينية ورافض لأي سلام مع شعب فلسطيني سيبقى تحت الاحتلال وسيزداد تطرفاً ورفضاً وكراهية لمحتل عنصري هجّر المسيحيين وضم الأراضي العربية وبنى المستوطنات على ما تبقى من أراض فلسطينية. وكل ذلك بتغطية الغرب. إن البيان الأخير الذي صدر عن الرئيس الفرنسي عندما بدأت إسرائيل تضرب غزة كان معبراً وملفتاً بأن فرنسا هولاند أصبحت تابعة للسياسة الأميركية في ما يخص الصراع العربي - الاسرائيلي. في حين أنها كانت سابقاً حتى في عهد الرئيس نيكولا ساركوزي أكثر إنصافاً بالنسبة الى هذا الصراع. فكان مفاجئاً أن يعطي بيان هولاند الحق لإسرائيل أن تدافع عن نفسها في حين أنه مدرك تماماً أن سياسات الدولة العبرية المنتهكة لحقوق الشعب الفلسطيني هي سبب العنف والتطرف. أما بالنسبة للحروب الأخرى في سورية والعراق فهي وليدة قيادات قمعية فاسدة طموحها الأول البقاء في حكم بلد دمرته وقتلت وهجرت أبناءه. والقتال والفوضى المنتشران في ليبيا نتيجة ماض استمر فيه القذافي لمدة اربعين سنة يلغيان كل معالم الدولة وينشران الفوضى للهيمنة. ثم جاء الغرب يخلص ليبيا منه ويترك الليبيين الى مصيرهم يقعون تحت حكم ميليشيات طامحة للهيمنة بالقتل والسرقة ولا أحد بإمكانه أن يردها. إن الأوضاع العربية مخيفة بل مرعبة. فلبنان الذي يعاني من فراغ رئاسي وأوضاع أمنية هشة هو ايضا محاط ببركان سورية وغزةوالعراق وهو في خطر دائم. ودول الخليج ليست بمنأى عن هذا البركان مع جار مخرب مثل النظام الايراني وعدم استقرار يمني يزعزع البلد والمنطقة. لكن الدول الخليجية هي التي لديها الوزن الاقتصادي والسياسي للتحرك عالميا بقوة لحض الدول الكبرى لإخماد نيران البركان المهددة للمنطقة العربية وللعالم كله. أوضاع العالم العربي اليوم أعادتنا الى القرون الوسطى والحروب الدامية التي دمرت البلدان وقتلت الشعوب. فكيف يمكن في العصر الحديث أن يبقى رجل على رأس سورية وهو مسؤول عن أكثر من 165 الف ضحية في بلده وهو ينظم همروجة انتخاب ويعلن عن فوزه فيه؟ وكيف يستمر رئيس حكومة عراقي في قيادة العراق وهو يغذي الصراع الطائفي والصراعات الدامية نتيجة هذه الطائفية الكريهة؟ ومن يساعد ليبيا على السيطرة على الميليشيات والتخلص من السلاح المنتشر أينما كان وإعادة السلام لأهل ليبيا الذين يطمحون الى عيش آمن؟ خطر الأوضاع المتدهورة في العالم العربي ليس خطراً على شعوب المنطقة فحسب بل ايضا على العالم بأسره والحل ليس في القول "اننا لن نسمح بانتقال الصراع العربي - الاسرائيلي الى اراضينا" كما قال هولاند ورئيس حكومته مانويل فالز بل العمل بفاعلية وضغط على حله. وبالنسبة الى الصراعات العربية الاخرى تحرك مشترك عربي وغربي لنزع فتيل النار والتخلص من قيادات مدمرة لدولها. ولكن التشاؤم هو عنوان المرحلة لأن قيادات الغرب مرتبكة بأوضاع اقتصادية متراجعة وقرارات متلكئة او خاطئة. فالوضع العربي مؤلم وبريق الأمل لحل هذه الصراعات غائب حالياً وترك النيران تشتعل هو خطر على العالم.