مزيان يُعوّل على التحوّل الرقمي    ألنفط تُؤهّل يونايتد غروب    إنفانتينو يعزّي في وفاة مناد    الصفراء تبحث عن ثالث إنجاز    بلمهدي يستقبل المتوّجين    الجزائر تعرب عن تضامنها التام مع جمهورية اتحاد ميانمار إثر الزلزال العنيف الذي ضرب البلاد    بوغالي يعزي في وفاة الفنان القدير حمزة فيغولي    بومرداس..وزير الصناعة يشرف على عملية الإنتاج التجريبي لمادة السكر بمصنع تفاديس    مزيان: تنظيم لقاء مرتقب لمناقشة القيم المهنية للصحافة    سوناطراك: حشيشي يتفقد الوحدات الانتاجية لمصفاة الجزائر العاصمة    إجتماع تنسيقي بين وزارة الفلاحة والمحافظة السامية للرقمنة لتسريع وتيرة رقمنة القطاع الفلاحي    عيد الفطر: ليلة ترقب هلال شهر شوال هذا السبت    كرة القدم (مقابلة ودية): مقابلة دولية ودية للمنتخب الجزائري أمام السويد في يونيو المقبل    وضع حد لأربع شبكات إجرامية تحترف سرقة المركبات بالعاصمة    عيد الفطر: ليلة ترقب هلال شهر شوال غدا السبت (وزارة)    عيد الفطر: الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين تدعو إلى الالتزام الصارم بالمداومة    ذكرى يوم الأرض: الفلسطينيون يتشبثون بأرضهم أكثر من أي وقت مضى رغم استمرار حرب الإبادة الصهيونية    شراء ملابس العيد من المتاجر الإلكترونية: راحة و وفرة في العصر الرقمي    كرة القدم: الممثل الاقليمي للقسم التقني على مستوى الفيفا في زيارة عمل بالجزائر    العقيد عميروش, قائد فذ واستراتيجي بارع    وفاة الفنان حمزة فغولي عن عمر ناهز 86 عاما    كأس الجزائر: تأهل اتحاد الجزائر ومولودية البيض إلى الدور نصف النهائي    المسابقة الوطنية لحفظ وترتيل القرآن الكريم لنزلاء المؤسسات العقابية: إختتام الطبعة ال15 في أجواء روحية مميزة    اليوم العالمي للمسرح: المسرح الوطني الجزائري يحتفي بمسيرة ثلة من المسرحيين الجزائريين    في يوم الأرض.. الاحتلال الصهيوني يستولي على 46 ألف دونم في الضفة الغربية سنة 2024    مركز التكفل النفسي الاجتماعي ببن طلحة: إفطار جماعي وتقديم ملابس عيد الفطر لأطفال يتامى ومعوزين    الجزائر- قطر: التوقيع على الاتفاقية النهائية للمشروع المتكامل لإنتاج الحليب بجنوب البلاد    اختتام "ليالي رمضان" بوهران: وصلات من المديح الأندلسي والإنشاد تمتع الجمهور العريض    التبرع بالدم.. سمة جزائرية في رمضان    الحماية المدنية تدعو إلى الحيطة    سوناطراك: حشيشي يستقبل الأمين العام لمنتدى لدول المصدرة للغاز    الرجال على أبواب المونديال    مكسب جديد للأساتذة والمعلمين    تعيين نواب من العهدات السابقة في اللجنة الخاصة    فرنسا.. العدوانية    هذه رزنامة امتحاني البيام والبكالوريا    2150 رحلة إضافية لنقل المسافرين عشية العيد    هذا موعد ترقّب هلال العيد    صحة : السيد سايحي يترأس اجتماعا لضمان استمرارية الخدمات الصحية خلال أيام عيد الفطر    قطاع الصحة يتعزز بأزيد من 6000 سرير خلال السداسي الأول من السنة الجارية    فوز المنتخب الوطني على الموزمبيق "رسالة واضحة للمشككين"    أمطار رعدية على عدة ولايات من شرق البلاد    اللقاء بسفير المملكة لدى الجزائر فرصة لتأكيد "ضرورة تعزيز التعاون والشراكة"    عرض فيلم زيغود يوسف    "أطباء بلا حدود" تطالب بمرور المساعدات الإنسانية لفلسطين    حلوى "التمر المحشي" على رأس القائمة    سوريا تواجه تحديات أمنية وسياسية خطيرة    أغلب رواياتي كتبتها في رمضان    سنعمل المستحيل للتأهل إلى المونديال    برامج ومسلسلات ومنوعات اختفت    رفع مستوى التنسيق لخدمة الحجّاج والمعتمرين    حج 2025: برايك يشرف على اجتماع تنسيقي مع وكالات السياحة والأسفار    عيد الفطر: ليلة ترقب هلال شوال السبت القادم    الجزائر تندد    استشهاد 17 فلسطينيا خلال استهداف منازل وخيام لنازحين    فرسان صغار للتنافس بمساجد قسنطينة    الدعاء في ليلة القدر    المعتمرون ملزمون بالإجراءات التنظيمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ديمقراطية برائحة الدم
نشر في أخبار اليوم يوم 12 - 08 - 2014


بقلم: حسن بن ثالث
قد يكون الحديث عمّا يسمى ب(الفوضى الخلاّقة) مُستهلكاً عند الكثيرين، وقد لا يلقى آذاناً صاغية عند شريحة كبيرة من الناس.. وقد برز مسمى الفوضى الخلاّقة بشكل كبير بعد أحداث ما يسمى (الربيع العربي)، وتم تداوله بشكل مفرط عند الكثير من المثقفين العرب، لكن المتتبع لما يجري خارجياً سيعلم أنه قبل سنوات خرجت وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس، عبر الصحيفة الأميركية واسعة الانتشار (واشنطن بوست) بهذا المصطلح الغريب (آنذاك)، وهو المصطلح الذي يحمل رؤية إدارتها ورؤيتها الشخصية للطريقة المثلى لتغيير الشرق الأوسط نحو الأفضل كما تدعي، أو ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد، وهو الأمر الذي يسمح للإدارة الأميركية بالتدخل في شؤون دول الشرق الأوسط أو بشكل محدد العالم العربي، بداعي نشر الديمقراطية بين الشعوب التي تعاني الاضطهاد من قبل حكوماتها، والعزف على وتر حقوق المرأة العربية، ومشاركة الشارع في السلطة، وكررت عبارة (إعادة توزيع الثروة)، في إشارة واضحة إلى أنها (أي الثروة) الهدف الرئيس لهذا التحول السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
خرج هذا المصطلح للعلن، وبالتحديد في عدد (واشنطن بوست) يوم 9/04/2005، ولم يكن ما يسمى ب(الربيع العربي) قد بدأ، وكان الأميركان في تلك الفترة يطحنون في معجنة العراق، بعد الفيلم الهزلي الذي (شيطن) العراق المُنهك أصلاً من الحصار وويلات الحروب المتتالية والتجويع.. (شيطن) جورج بوش العراق، وسرعان ما رمى آلاف الأطنان من المتفجرات على بغداد واجتاحه برياً، وتركت المؤسسات الرسمية في الدولة العراقية دون حماية (ما عدا وزارة النفط)، وحُل الجيش العراقي وعيّن بول بريمر حاكماً عسكرياً يأمر وينهي ويوزّع خيرات العراق على من يشاء، وسرعان ما سلّم العراق إلى عراقيين بعقول غير عراقية.
ودخل العراق من حينها في دوامة الصراعات الطائفية والعرقية، وابتعد عن محيطه العربي الذي طالما كانت بغداد تنادي به من على كافة منابرها، وتوالت الأحداث ولم يتغير شيء في العراق الجديد؛ لا ديمقراطية نشرت، ولا حقوق استردت، والمواطن البسيط لا يكاد يجد قوت يومه، في وقت يصدر فيه النفط العراقي إلى كافة أنحاء العالم، ولأميركا الحصة الأكبر بالتأكيد.
إن المشروع الأميركي أو ما يسمى (الشرق الأوسط الكبير)، ما هو إلى تطبيق عملي على أرض الواقع لمصطلح (الفوضى الخلاقة)، أو بشكل آخر (إعلان حرب ديمقراطية) تُشن على الدول العربية بداعي نشر الديمقراطية والحقوق، وتكون هذه الحرب عبر تغيير أنظمة الحكم في الوطن العربي، حتى وإن كانت هذه الأنظمة شركاء مثاليين لأميركا، وهو ما سنتبينه لاحقاً في حالة تونس ومصر وحتى اليمن.
وقد يتساءل الكثيرون عن دوافع الدول العظمى لإحداث تغييرات كبيرة في الوطن العربي، وما الحاجة الملحة لدول من المفترض أن تكون مستقرة اقتصادياً وسياسياً وتملك جيوشاً جرارة، لافتعال أزمات مع من يعد حلفاء لها، بل إن بعضهم لم يصل إلى سدة الحكم إلا بدعم من هذه الدول العظمى!
قد تكون الدوافع الاقتصادية من أهم أهداف ما يسمى (الشرق الأوسط الجديد)، من خلال السيطرة على الاقتصاد العربي عن طريق تصريف المنتجات الإسرائيلية وجعل هذه الأسواق سوقاً للتصريف، ومن خلال هذه العملية تكون الحكومات العربية ألقت عن نفسها حرج التطبيع، ومع الوقت يصبح العدو الإسرائيلي حليفاً اقتصادياً مهماً لهذه الدول.. وهذا ما حدث بالضبط مع الأكراد في العراق، ومع دولة جنوب السودان بعد الانفصال.
لم يكن (البوعزيزي) يتوقع أن حادثته ستلقي بظلالها على كافة العالم، وأنه الشرارة التي سرعان ما ستنتشر في الهشيم العربي، فلم يكن التونسي العاطل عن العمل ذا توجه سياسي، ولم يخرج حتى من قريته، ولم يطالب بإسقاط نظام أو رحيل رئيس.. كل ما تمناه أن تعود عربته اليدوية التي يبيع عليها الخضروات التي صادرتها البلدية.
من هنا انطلقت الشرارة التي تمناها أغلب الدول العظمى، وتم التخلي عن (ابن علي) سريعاً من قبل كل حلفائه، وسرعان ما انتقلت الأحداث إلى مصر، بداية بالمطالبة بمحاكمة بعض الأشخاص، إلى تطهير وزارة الداخلية، وسرعان ما رُفع سقف المطالب برحيل السلطة الحاكمة.
وكانت لأميركا كلمة في هذا الشأن، إذ طالبت برحيل مبارك في تدخل سافر، مبارك الحليف القوي لأميركا، تم التخلي عنه في غضون 18 يوماً، ودخلت البلاد في نفق مظلم تجاذبت فيه كافة القوى السياسية وتناطحت، إلى أن استلم (الإخوان المسلمون) الحكم، وكان ما كان.
ولم يكن السيناريو الغربي لعملية (الشرق الأوسط الجديد) قد اكتمل، فالمؤامرة تشمل مصر وسوريا والسودان والعراق واليمن، وحتى المغرب العربي والخليج، ولو عدنا قليلاً إلى الوراء سنعرف أن مشروع التقسيم أو ما يسمى (الفوضى الخلاقة) لم يكن مشروعاً جديداً، بل كان مشروعاً تمت دراسته بعناية فائقة حتى قبل حرب أفغانستان وسقوط الاتحاد السوفييتي، وكان عرّابه المستشرق اليهودي برنارد لويس.
وللعلم فإن (مشروع الشرق الأوسط الجديد) اعتمده الكونغرس الأميركي سنة 1983، وتم تطبيقه في السودان بعد انفصال الجنوب، وطبّق كذلك في العراق بإعطاء الأكراد الحكم الذاتي وإعطاء (الشيعة) الحكم العام، وتقسيم اليمن إلى 6 أقاليم تتمتع بحكم ذاتي، وصب النار على الزيت في البحرين عبر دعم الانقلابيين هناك، وكانت خطتهم أن تقسم مصر إلى دويلات بهدف السيطرة على البحر الأحمر والحصول على مياه النيل، وتفتيت ليبيا ونهب ثرواتها النفطية.
لك كامل الحرية في الإيمان بما يسمى (نظرية المؤامرة)، صدّقها كذّبها تجاهلها، افعل ما يحلو لك فأنت صاحب العقل، لكن الشواهد على أرض الواقع تُثبت بما لا يدع مجالاً للشك، أن الخطة التي صاغها برنارد لويس كانت قيد التفعيل في عدة دول عربية، نجحت بشكل غير كامل في بعض الدول، وفشلت في دول أخرى، وما زالت قيد التنفيذ في غيرها.
إن الحديث عن (نظرية المؤامرة) حديث قد يطول ولا يتسع مقال لسرد كل تفاصيله، لكننا (كما أدعي) كنا وما زلنا نتعرض لمؤامرة تهدف إلى تفتيت دولنا وتقاسم ثرواتنا، عبر شعارات رنانة وعبارات تبدأ وفي ثناياها كلمة ملغومة هي (الديمقراطية)، لكنها ديمقراطية ممزوجة برائحة الدم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.