قال الدكتور سعيد بويزري، الداعية والأستاذ المحاضر بجامعة تيزي وزو، إن الغلو والتطرّف ظاهرة اجتماعية وإنسانية عرفتها تاريخيا جميع الديانات والمجتمعات وتعبّر عن اتجاهات فكرية أحادية وقصور شامل في فهم القيم الحقيقية للرسالة النبوية كمعطى مقدّس جاء رحمة للعالمين وليس (لتبغيض النّاس في الدين). أوضح بويزري لدى نزوله ضيفا على برنامج (نقطة حوار) بإذاعة الجزائر من أدرار (إن الدين الإسلامي رسالة دعوية من أجل الوسطية والاعتدال وينبذ كلّ أشكال الغلو والتطرّف والتشدّد، سواء في الفكر أو العبادات والمعاملات). وأوضح المتحدّث ذاته أن المناهج الفكرية والخطابات الدينية وغياب التأطير المنهجي تتحمّل المسؤولية في ميلاد ثقافات مغشوشة ومجتمعات خاوية المحتوى، خصوصا وأن التنظيمات التي تمارس العنف بعيدة تماما عن قيم وسلوك الإسلام عبر فهم (نصوص) بخلاف حقيقتها، كما أن بعض المناهج والمدارس الفكرية تدعو إلى التعصّب والرأي الواحد وهي مسإولية العلماء في إعادة الفرز بناء على قواعد ذهبية لجمع شمل الأمّة ترتكز على مقولة (نتعاون فيما اتّفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضنا فيما اختلفنا فيه)، خصوصا وأن قطعيات النصوص واحدة بدوائر المحكمات أمّا دوائر الظنّيات فتخضع للاجتهاد العلمي واختلاف التنوّع ونبذ التضاد. وردّا على سؤال حول ازدياد مظاهر النّزاعات المذهبية والطائفية وميلاد تنظيمات إرهابية تمارس العنف باسم الإسلام أكّد الأستاذ الباحث أن هناك تعقيدات وتداخلات إقليمية تجمع مصالح مختلفة والعنف والتطرّف والإكراه هي (حالة فشل) عام في فهم المجتمع وعدم المقدرة على استيعاب التحوّلات الاجتماعية وفق نسق الحوار وسائل الإعلام غير بريئة في تزكية بعض الفتن، علما بأن الدول العربية لا تحسن قراءة التاريخ والواقع وتساير عملية التشتيت الممنهج. كما شدّد الداعية على أهمّية تكاتف جهود العلماء في مختلف التخصّصات الدينية والعلمية من أجل إنشاء مجمّع إسلامي وهيئات أكاديمية خاصّة بالاجتهاد والإفتاء لأن (الفتوى تؤدّي دورا مزدوجا وقد وجدت للحلّ وليس لنشر البلبلة في ظلّ عدم تفريق بعض العلماء بين الفتوى والآراء الشخصية)، مضيفا أن العلماء والنخب المثقّفة أمام تحدّيات كبيرة في توعية المجتمع بالمخاطر القادمة والمرتبطة بسياقات العولمة، ممّا يستوجب مواكبة التحوّلات وفق قيم الدين الإسلامي الحنيف بعيدا عن أيّ تأثيرات سياسية أو طائفية ومحاربة الغلو وأشكال التطرّف والتكفير مسؤولية جماعية.