ما أكرم ربنا سبحانه وتعالى، فما من موسم من مواسم المسلمين إلا ودلنا على خيره وفضله في حال نبينا صلى الله عليه وآله وسلم وأقواله، فيشرع لنا فيها من العبادات ما يجعلنا نفوز بخيرات هذا الموسم ونفحاته المباركة. وهكذا الحال مع العشر الأول من شهر ذي الحجة، الذي أرشدنا فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الكثير من العبادات والطاعات التي بها نفوز ونسعد، ونحصل ثواب وفضل وبركات هذه الأيام، فدعونا نستعرض سويًا بعض تلك العبادات المستحبة في العشر من ذي الحجة. ولنبدأها بالتوبة وتصحيح النية حتى نفتح صفحة جديدة مع الله، وحتى نطهر قلوبنا وأنفسنا وأرواحنا من ران الذنوب التي تطمس القلب، فبالتوبة نتهيأ لاستقبال أنوار الطاعات ونكون من المفلحين، يقول تعالى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). ومن الطاعات المستحبة استحبابًا شديدًا في تلك الأيام كما قال الإمام النووي، كثرة الصيام فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر). وعن أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها، قالت: (أربع لم يدعهن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: صيام عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، والركعتين قبل الغداة). وكذلك صيام يوم عرفة فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (صيام يوم عرفه أحتسب على الله أنه يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده). وكثرة التكبير والتهليل وذكر الله من المستحبات في الأيام العشر الأول من ذي الحجة فيسن فيها التكبير والتحميد والتهليل والتسبيح، بل والجهر بذلك في المساجد والمنازل والطرقات وكل موضع يجوز فيه ذكر الله إظهاراً للعبادة، وإعلاناً بتعظيم الله تعالى. قال الله تعالى عن هذه الأيام: ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام)، وقد قال جمهور العلماء على أن الأيام المعلومات هي أيام العشر لما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما: (الأيام المعلومات: أيام العشر). وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما من أيام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر؛ فأكثروا فيهن من التهليل والتحميد). قال الإمام البخاري رحمه الله: (كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما- يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما). ومن تلك الطاعات أيضًا كثرة الصدقات لما فيها من فضل كبير في هذه الأيام ولإغناء الفقراء قبل حلول عيد الأضحى، فالصدقات مطهرة وتزكية للناس وللأموال. كذلك الإكثار من جميع الأعمال الصالحة من كثرة النوافل وقيام الليل ومساعدة الناس وقضاء حوائجهم وقراءة القرآن وحضور مجالس العلم والتزاور في الله وصلة الأرحام وعيادة المرضى وغيرها الكثير من العبادات، فقد قال الحبيب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام .........). أسماء خالدة في التاريخ الإسلامي لميس وجمانة وسعاد ولبنى.. رضي الله عنهن يعتقد البعض أن هذه أسماء ممثلات أو مغنيات فقط، ويجهل أن هذه أسماء لصحابيات جليلات خلد التاريخ أسماءهن واختارهن الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم. نساء ساهمن في تشييد حضارة الإسلام وبناء أجيال قادة العالم وأقامت أكبر دولة في تاريخ البشرية، وفي هذه السطور أضع بين أيديكم تعريفا مختصرا لبعض الصحابيات ممن يحملن هذه الأسماء: جمانة بنت أبي طالب هي بنت عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبوها أبوطالب عم النبي صلى الله عليه وسلم وأمها فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف وإخوانها: طالب وعقيل وجعفر وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم وأختها أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها وزوجها ابن عمها أبي سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب وأطعمها رسول الله صلى الله عليه وسلم في خيبر ثلاثين وسقا. سعاد بنت سلمة الأنصارية هي سعاد بنت سلمة بن زهير بن ثعلبة بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصارية، أمها أمّ قيس بنت حرام بن لوذان. تزوجت سعاد جبير بن صخر، وقيل: حسنة بن صخر بن أمية، وهي التي سألت رسول الله أن يبايعها على ما في بطنها، وكانت حاملا، فقال لها رسول الله: (أنت حُرّة الحرائر). لميس بنت عمرو بن حرام هي لميس بنت عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة وأمها هند بنت قيس بن القريم بن أمية بن سنان بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة وزوجها زيد بن يزيد بن جذام بن سبيع بن خنساء بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة. لبنى الأنصارية هي لبنى بنت قيظي بن قيس بن لوذان بن ثعلبة بن عدي بن مجدعة بن حارثة، وأمها أم حبيب بنت قراد بن موهبة بن عدي بن مجدعة بن حارثة. تزوجها أبو ثابت بن عبد عمرو بْن قيظي بْن عَمْرو بْن زَيْد بْن جشم بْن حارثة، ثم خلف عليها أبو أحمد بن قيس بن لوذان بن ثعلبة بن عدي بن مجدعة بن حارثة.