بعد سنوات طويلة من العطاء في الملاعب الأوروبية قرّر خلال الصائفة الماضية البرازيل كاكا العودة من حيث قدم إلى بلده البرازيل، حيث أمضى على عقد مع نادي ساوباولو وكلّه أمل في أن يعيد بعث مجده الكروي من جديد. عن موقع الفيفا بدأ نجم كاكا يلمع وهو صغير السنّ، لكنه ما يزال يحتفظ بوجهه الطفولي على الرغم من بلوغه الثانية والثلاثين. أظهر كاكا خبرة كبيرة خلال المقابلة الحصرية التي أجراها معه موقع (الفيفا) تطرّق فيها إلى الكثير من النقاط الهامّة عبر مسيرته الكروية، منها بدايته مع عالم الاحتراف. * بلغت أعلى المستوى في كرة القدم وأنت صغير السنّ، وبالتالي فإن تسمية (الشابّ) رافقتك طويلا في مسيرتك، هل تشعر اليوم بأمر غريب لأن اللاّعبين الآخرين ينظرون إليك كلاعب مخضرم؟ *** إنها حقبة جديدة في مسيرتي الاحترافية، لقد بدأت أكتشف هذا التغيير عندما استدعيت إلى صفوف المنتخب البرازيلي للمرّة الأولى بعد كأس العالم 2010. كان التغيير الذي طرأ لافتا مع الجيل الجديد لأن العديد من اللاّعبين بادروا إلي بالقول (عندما كنت لاعبا صغيرا في ساوباولو كنت تمثّل القدوة بالنّسبة لي)، من هنا تغيّرت أمور كثيرة بالنّسبة لي، لكن في الوقت ذاته الأمر رائع، أمر جيّد أن تشعر بما كنت أشعر به عندما كنت صغيرا إزاء اللاّعبين الآخرين. في بعض الأحيان عندما يتناول الفريق بأكمله طعام الغداء أرى البعض ينظر إليّ بإعجاب، وأنا سعيد بهذا الأمر. * لنتكلّم قليلا عن كرة القدم البرازيلية، بعد الخسارة التاريخية (1-7) جرى الحديث عن أمور كثيرة في حاجة إلى التطوير... *** أعتقد أن تطوير الكرة البرازيلية ومستوى المنتخب الوطني أمران مختلفان تماما، ففي المنتخب الوطني معظم اللاّعبين يدافعون عن ألوان أندية خارجية والمدرّب يفكّر بطريقة مختلفة، لكن في الدوري البرازيلي نعم هناك بعض الأشياء يمكن تطويرها. لدينا إمكانيات فنّية هائلة يمكنها أن تجعل من الدوري المحلّي الأفضل في العالم، الدوري هنا يشهد منافسة قوية، لكننا نستطيع تحسين الأمور من خلال تنظيم أفضل على المدى البعيد. الأمر ليس في غاية الخطورة، إذا كانت النتائج متواضعة على مدى سنة أو سنتين يجب أن نستهلم من الألمان، لقد قاموا بوضع سياسية كروية عام 2006 في السنة التي نظّموا فيه نهائيات كأس العالم وقد حصدوا الثمار عام 2014. هم لم ينطلقوا من العدم، لقد وضعوا برنامجا وطبّقوه وحصدوا النتائج في النّهاية. * واجهت انتقادات عندما خرج (السليسياو) من ربع النّهائي عام 2006 وخلال العهد الأوّل للمدرّب دونغا، حيث كنت أحد اللاّعبين الذين تمّ استدعاؤهم مجدّدا إلى صفوف المنتخب عام 2010، هل دونغا هو المدرّب المناسب للقيام بعملية التجديد؟ *** دونغا هو مدرّب ينجح في جعل مجموعته تنفّذ أفكاره بحذافيرها والعقلية التي يجب اعتمادها، عملت معه على مدى أربع سنوات، في البداية لم يكن الأمر سهلا، خصوصا وأنني كنت أحد اللاّعبين القلائل جدّا الذين بقوا من تشكيلة عام 2006. بدأت على مقاعد اللاّعبين الاحتياطيين وكان يتعيّن عليّ أن أستحقّ مركزي أساسيا في الفريق، أعتقد أن دونغا هو الشخص الذي سيمنح المنتخب البرازيلي بعضا من الاندفاع والانضباط في الوقت الحالي. لا أعتقد أن كلمة تجديد هي المناسبة لأنه في عام 2014 لم يكن الفريق يفتقد إلى الاندفاع، بل لعبت عوامل عدّة في عدم تحقيقه للنتائج المرجوة، أعتقد أن دونغا يستطيع أن يقدّم أشياء كثيرة ل (لسيليساو). * لم تقل إطلاقا إن المنتخب لم يعد في مخططاتك، ما هو موقعك الآن من (السيليساو)؟ *** بالنّسبة لي المنتخب هو مكافأة للجهود التي أبذلها في صفوف النادي، وبالتالي الأولوية بالنّسبة لي تتمثّل في اللّعب بشكل متواصل مع ساوباولو وتقديم عروض جيّدة في أغلب الأوقات، بعد ذلك إذا اعتبر الجهاز الفنّي أنّي أستحقّ التواجد في صفوف المنتخب فإنّي سأقبل من دون أدنى شكّ، أمّا إذا اعتبر أنّي لا أصلح فإن هدفي دائما أن أحافظ على استقرار مستواي، وأن أقدّم عروضا جيّدة خلال المباريات والمحافظة على أعلى مستوى ممكن في صفوف ساوباولو. * عندما كنت في ريال مدريد هل فكّرت فعلا في إمكانية العودة إلى ناديين محبّبين إلى قلبك هما ميلان وساوباولو؟ *** كلا، الأمر لم يكن مبرمجا. في البداية كانت رغبتي في البقاء في ريال مدريد على مدى العقد الذي يربطني به على مدى ستّ سنوات، لكن الأمور لم تسر كما أشتهي. الأولوية بالنّسبة لي كانت أن ألعب باستمرار، وهذا ما دفعني إلى العودة إلى ميلان. كنت أريد الحصول على أكبر وقت للّعب وتقديم مستوى مرتفع يسمح لي بالعودة إلى صفوف المنتخب للمشاركة في كأس العالم 2014، كان خياري بالدرجة الأولى ولست نادما عليه إطلاقا. لم يتمّ اختياري للدفاع عن ألوان بلادي في كأس العالم، لكنّي نجحت في العودة وتقديم عروض جيّدة. * الخطوة القادمة لك هي خطوة في المجهول من خلال انتقالك إلى أورلاندو سيتي، عندما اتّخذت قرارك ما كان الدافع الأساسي لك للانتقال؟ هل هي الناحية الإنسانية؟ بمعنى آخر، هل أردت خوض تجربة جديدة من خلال العيش في دولة جديدة؟ *** عوامل عدّة دخلت في صلب قراري اللّعب في الولايات المتّحدة، أرغب في اللّعب لبلد لم يسبق لي وأن عشت فيه واكتشاف ثقافة جديدة، ثمّ إن اللّعب في دوري يتوسّع تدريجيا يشكّل حافزا لأيّ لاعب. في الوقت الحالي لا أفكّر في هذا الأمر كثيرا، فتركيزي منصبّ على ساوباولو حيث أعيش أوقاتا رائعة فعلا، سأفكّر في الخطوة التالية من مسيرتي عندما يحين الوقت. * هل بدأت التفكير في ما ستقوم به بعد الاعتزال؟ وهل لديك الرغبة في الاستمرار في عالم كرة القدم؟ *** لا، ليست لديّ أيّ خطّة في الوقت الحالي، اليوم أنا مرتبط بعقد مع ساوباولو يستمرّ حتى ديسمبر المقبل، وبعدها سأتوجّه إلى الولايات المتّحدة على مدى ثلاثة أشهر. لم أخطّط لأيّ شيء على المدى البعيد، كلّ الأمور متعلّقة بلياقتي البدنية والحافز الذي أملكه، هل سأستمرّ في اللّعب؟ هل أقوم بأشياء أخرى؟ لا أدري. * ماذا يمكن أن تكون الأشياء الأخرى؟ *** إذا كان عليّ التوقّف عن اللّعب اليوم فلن أرغب في القيام بشيء يتعلّق بكرة القدم مباشرة، أكان الأمر يتعلّق بمساعد مدرّب أو مدرّب. أفضّل القيام بأشياء تتعلّق بكرة القدم، لكن على المستوى الإداري كأن أصبح مديرا على سبيل المثال، لكن بصراحة لا أملك أيّ فكرة عمّا ستكون خياراتي في السنوات الثلاث أو الأربع التالية. * بالنّسبة لمنصب المدير التي تخطّط لشغله هل احتككت بشخص جعلك ترغب في شغل هذا المنصب؟ *** نعم، ليّو (ليوناردو المدير الفنّي في ميلان آسي من 2008 إلى 2009) شغل هذا المنصب وحقّق نجاحا، لديّ علاقة جيّدة معه وتحدّثنا في الأمر طويلا عن المهنة التي يشغلها. هناك أيضا زين الدين زيدان، فعندما انضمّ إلى الجهاز التدريبي للمدرّب كارلو أنشيلوتي سألته (ما هو سبب عودتك؟) فأجابني: (اشتقت إلى الملعب، عندما اعتزلت لم أفتقد إلى الملعب، أشياء أخرى افتقدتها مثل تمضية وقت أكبر مع العائلة وأولادي. كنت سفيرا للنادي وأتدخل في ظروف معيّنة، لكنّي لم أكن أفتقد إلى الملعب، أمّا اليوم فبدأت أفتقده مجدّدا، بدأت بمساعدة ريال مدريد ثمّ سنحت الفرصة أمامي مع أنشيلوتي، هنا قررت العودة). أمّا بالنّسبة لي فالأمر سيّان، ليست لديّ أدنى فكرة عمّا سيجول في عقلي بعد أربع سنوات، إذا كنت سأفتقد العودة إلى الملاعب أم لا، الوقت كفيل بتحديد هذه الأمور.