ما إن يحل عيد الأضحى او يقترب حتى يفكر الجزائريون في الأضحية، او سنة سيدنا إبراهيم عليه السلام، او كان من المفروض ذلك، لكن مواطنين لا يهمهم من العيد، او لا يفكرون مع مقدمه إلاّ في حجم الكبش الذي سيقتنونه، وان كان ضخما ليباهوا به الجيران، او حتى ليصارعوا كباش الحي الآخرين. فيما يحاول المواطنون أن يشتروا كبشا لذبحه تطبيقا، او أخذا بسنة سيدنا إبراهيم عليه السلام، فان آخرين ليس ذلك همهم، او ليس الهم الأوّل بالنسبة لهم، بل لا يفكرون إلا فيما إذا كان ذلك الكبش كبيرا وكانت قرونه هي الأخرى ضخمة، ربما لمجرد التباهي، او للمشاركة به في الصراعات القاتلة والتي يقوم بعض سكان بعض الأحياء بإجرائها بين الكباش، حتى تحولت أو حول هؤلاء شراء الكبش من النقيض إلى النقيض، من سنة حسنة إلى عادة سيئة، وبعضهم يفعل ذلك، او يحرص على أن يكون الكبش ضخما إرضاء للأبناء الذين هم كذلك، ورثوا أو سيرثون السطحية التي نعاني منها نحن الكبار، وصاروا لا يرضون إلاّ بكبش كبير، ولو أنهم لن يفعلوا سوى اللعب معه. في سوق لبيع الكباش بالشراقة تحدثنا مع بعض المواطنين، وكل واحد منهم عبر لنا عن رأيه في الموضوع، على حسب تفكيره وطبعا أمواله وقدرته الشرائية، فالكثيرون أرادوا او كانوا يودون أن يشتروا كباشا كبيرة، أحسن من هذا او ذاك الجار، ولكن لم يقدروا على ذلك، مثل الزبير الذي قال: "بالكاد استطعت توفير بعض النقود لكي اشتري بها أضحية العيد، وها آنذا محتار في الأضحية التي اختارها فالأسعار مرتفعة، وأما الكباش الرخيصة فهي صغيرة، ومن المخجل أن اشتري للعيد خروفاً صغيرا، وحتى أبنائي سيعاتبونني على ذلك، ولو أنني اعرف أن الهدف من الأضحية ليس التباهي والتفاخر، لكن الناس من جيران وأصدقاء وخاصة بالنسبة لأبنائي هم من حولوا ذلك إلى أمر ضروري، وأنا لا أريد أن يسخر احد من أبنائي، خاصة بالنسبة لابني الأصغر، وهم يرعون الكباش في المساحات الخضراء، فالمناسبات الدينية وللأسف أفرغناها من جوهرها، فالعيد الأصغر تحول إلى فرصة للتباهي بين الأطفال الصغار، أما العيد الأكبر فحولناه بجهلنا إلى فرصة للتباهي بين العائلات، بين التي تملك نقودا لتشتري كباشا كبيرة او أخرى تكتفي بكباش صغيرة، وأخرى لا تقدر حتى الشراء". أما حسان، فالبعكس من الزبير، فانه يملك أموالا أو على الأقل قادر على شراء كبش كبير، ولكنه في المقابل اكتفى بخروف صغير، لا لشيء إلاّ لأنه يعتبر أن الأضحية هي سنة وعيد ديني أولا وأخيرا، وليست فرصة للتظاهر والتفاخر، كما انه أراد أن يفهم أبناؤه ذلك ويستوعبوه منذ صغرهم، بل حتى أفراد من أسرته، مثل أخيه الأصغر الذي استطاع أن يقنعه بالأمر، بعدما كان يشارك في تلك المسابقات التي ينجزها أبناء الحي، ويقحموا فيها الكباش للتصارع، ويضيف قائلا: "صحيح أنني لن استطيع تغيير العالم او البلد، ولكنني أشارك بأضعف الإيمان، أي انه عندما يسألني أبنائي مثلا لمَ لا نشتري كباشا ضخمة؟ أجيب بان ذلك ليس ضروريا، ولو انه مستحب في الدين، إلاّ أن اغلب المواطنين يفعلون ذلك قصد التباهي وهي فكرة لا بد أن نحاربها، وان كنت سأشتري كبشا للتباهي فأفضل ألاّ اشتري أصلاً".