بعد مرور قرابة الشهر على بدء موسم السياحة الصحراوية يبقى العزوف سيّد الموقف في مختلف المناطق السياحية والأثرية التي يزخر بها جنوبنا الكبير، حيث كشفت الاستطلاعات الأوّلية عن زلزال غير مسبوق بعد أن ألغت عدّة شركات سياحية غربية كبرى رحلاتها للأهفار والطاسيلي، ما جعل مديري وكالات سياحية ناشطة في الجنوب يدقّون ناقوس الخطر ويطلبون مساعدة عاجلة من الحكومة لتجاوز أزمة قطاع السياحة الذي أصيب بأضرار بالغة بعد مقتل الرهينة الفرنسي هيرفي غوردال، فضلا عن طغيان التوجّسات من انتشار فيروس (إيبولا) الفتّاك. يتشاءم الفاعلون في قطاع السياحة الصحراوية وأصحاب الوكالات السياحية بعد الإحصائيات السلبية التي خلّفها الشهر الأوّل من الموسم الحالي الذي انطلق رسميا في 27 سبتمبر الماضي، ما جعلهم يتوقّعون سنة عجفاء إثر الأوضاع الأمنية المشتعلة على الحدود الجنوبية والغربية وتهديدات التنظيمات الإرهابية، إضافة إلى عزوف السائح الجزائري عن زيارة مناطق الجنوب الكبير التي بقيت حكرا في سنوات خلت على السياح الأجانب. وقال الخبير في السياحة الصحراوية بالجزائر مولود أورزيق في تصريح لموقع (العربي الجديد) اللندني أمس إن السياحة في الصحراء الكبرى دخلت منذ 2009 نفقا مظلما وبقيت على مدار السنوات الخمس الأخيرة تئنّ في الإنعاش على وقع هزّات الحروب ببلدان الجوار، غير أن مقتل الفرنسي هيرفي غوردال أحدث زلزالا عنيفا غير مسبوق وجدت أمامه الوكالات السياحية نفسها تتخبّط في المجهول وجميعها ينتظر الضوء الأخضر من السلطات المعنية بعد انطلاق موسم السياحة الصحراوية. وأضاف أورزيق، وهو أيضا صاحب وكالة تأجير الجمال والسيّارات رباعية الدفع للسياح بتمنراست، أن مقتل الرهينة الفرنسي غوردال زاد الطّين بلّة، إذ وجدت الوكالات السياحية نفسها في حوار غير مسموع مع الحكومة، فلا يعلم أحد إذا ما كان من المسموح نقل السياح الأجانب إلى الصحراء الكبرى أو إلى الواحات، وما هي المسالك المسموح بها؟ ولماذا تفرض وزارة الخارجية حصارا على منح التأشيرات للسياح الأجانب الراغبين في زيارة الجنوب الكبير، خاصّة الصحراء الكبرى؟ ولماذا قطع العشرات من السياح الأجانب من جنسيات أوروبية إجازاتهم في عدّة مناطق في الجنوب وقررّوا العودة إلى بلدانهم وقلّص آخرون فترة بقائهم في الجنوبالجزائري، خاصّة في الطاسيلي؟ وأوضح أورزيق أن موسم السياحة الصحراوية الذي يبدأ عادة من أكتوبر إلى أفريل من كلّ عام لم يعد كما كان، مُذكّرا بالمواسم السياحية في الفترة بين 2000 إلى 2009، عندما كانت كلّ وكالة سياحية تجلب وحدها ما بين ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف سائح في الموسم الواحد بإمكاناتها الخاصّة وبعيدا عن مساعدات الدولة، وأضاف أن (نصف هذه الوكالات توقّفت عن النشاط وما استمرّ منها لا يستطيع جلب أكثر من 400 سائح في الموسم كلّه -ستّة أشهر كاملة-). وطلب رؤساء وكالات سياحية جزائرية مساعدة عاجلة من الحكومة الجزائرية لتجاوز أزمة قطاع السياحة الذي أصيب بأضرار بالغة جرّاء عملية اختطاف الرهينة الفرنسى هيرفي غوردال. وقال ملاّك فنادق سياحية في مدينة تيميمون السياحية التي تقع على بعد 1200 كلم جنوب العاصمة الجزائرية، إن شركات سياحية من فرنسا وألمانيا ألغت حجز أكثر من 300 غرفة في فنادق المنطقة. وعبّر عاملون في قطاع السياحة في منطقة المنيعة (900 كم جنوب العاصمة) عن مخاوفهم من موسم سياحي كارثي هذا العام بعد أن ألغت شركات سياحية غربية كبرى رحلات سياحية إلى المنطقة خلال أعياد رأس السنة التي تعوّد الأجانب قضاءها في الصحراء الجزائرية الشاسعة. الجهود الحكومية تصطدم بعوامل أخرى أكثر تعقيدا نقل ذات الموقع عن مصدر أمني أن السلطات اتّخذت إجراءات أمنية مشدّدة في الولايات السياحية الخمس في الجنوب (غرداية، الوادي وتمنراست وإيليزي وأدرار) بعد مقتل الرهينة الفرنسي. كما خصّصت قيادة الدرك الوطني وحدات مواكبة للأفواج السياحية على مدار الساعة للسياح الأجانب، كما عزّزت وحدات الجيش تمركزها في محيط المحميات الطبيعية في الطاسيلي وناجر والأهفار والقنادسة وبحيرة المنيعة وغرداية. ورغم هذه الإجراءات الأمنية المشدّدة إلاّ أن الواقع أثبت أن عوامل أقوى ساهمت في عزوف السياح الأجانب عن زيارة جنوبنا الكبير، وتأتي على رأسها التحذيرات الغربية الأخيرة من السفر إلى الجزائر بعد مقتل الرهينة الفرنسي هيرفي غوردال على يد تنظيم (جند الخلافة) الموالي لتنظيم (داعش) في تيزي وزو، هذا من دون إغفال أزمة غرداية التي وصل صداها إلى الرأي العام الدولي، ليضاف إلى متاعب السياحة الصحراوية في الجزائر عبئا آخر إثر إعلان عدد من الدول، آخرها فرنسا وبلجيكا وقبلها إيطالياوالولايات المتّحدة الأمريكية والمملكة المتّحدة منطقة الجنوبالجزائرية منطقة حمراء تشكّل خطرا على حياة الأجانب الموجودين فيها. إضافة إلى توقّعات منظّمة السياحة الدولية التابعة لهيئة الأمم المتّحدة، مؤخّرا، بتراجع عدد السياح الأجانب إلى الجزائر خلال الموسم السياحي الصحراوي بسبب تخوّفات من انتشار فيروس (إيبولا) بالرغم من أن الحكومة اتّخذت كافّة الإجراءات لحماية حدودها من دخول العدوى.