هكذا استغلّت الصحافة المغربية خطاب الملك للتطاول على الجزائر يبدو أن النّظام المغربي وزبانيته لن يكفّوا أذاهم عن الجزائر، حيث بات الملك محمد السادس لا يفوّت أيّ فرصة كانت إلاّ ويبعث اتّهاماته الباطلة العابثة ليستفزّ بها الجزائر مثلما يرسل سمومه ليدوّخ بها الشباب الجزائري، لكنه هذه المرّة تجاوز كلّ الخطوط الحمراء في الذكرى ال 39 لما يسمّى بالمسيرة الخضراء أو بالأحرى احتلال الأراضي الصحراوية، حيث راح (يتحرّش) بالجزائر، محمّلا جارته الشرقية مسؤولية اللاّ استقرار في الصحراء الغربية، وراحت صحافته الصفراء بوقاحتها المعهودة تصف خطابه ب (التاريخي) و(الجريء) وتتطاول على الجزائر، هذه الأخيرة التي تتمسّك بمبدأ (الترفّع) عن كلّ ما هو استفزاز مخزني. العاهل المغربي محمد السادس اعتبر الجزائر طرفا رئيسيا في النّزاع حول الصحراء الغربية، وقال إن الأخيرة (في حال لم تتحمّل مسؤوليتها فإنه لا حلّ للنّزاع). وجاءت عبارة العاهل المغربي بمناسبة خطاب ألقاه مساء أوّل أمس بمناسبة الذكرى ال 39 للمسيرة (الخضراء) أو مسيرة الجور والظلم التي أبادت الشعب الصحراوي وشرّدته من وطنه. وأكّد محمد السادس في الخطاب (المتنكّر لحقوق الشعب الصحراوي) الذي بثّه التلفزيون المغربي أنه (دون تحميل المسؤولية للجزائر كطرف رئيسي في النّزاع لن يكون هناك حلّ، ودون منظور مسؤول للواقع الأمني المتوتّر في المنطقة لن يكون هناك استقرار). وقال محمد السادس إن الحديث عن (هذه الحقيقية) لا يعني (الإساءة إلى الجزائر وقيادتها وشعبها الذي نكنّ له كلّ الاحترام والتقدير)، بل هو حديث عن (الواقع والحقيقة التي يعرفها الجميع) وهي الحقيقة (التي كلّما قالتها المغرب يتمّ اتّهام الحكومة والصحافة المغربية والأحزاب بمهاجمة الجزائر). هذه الحقيقة التي هي في الواقع استمرار انتهاكات حقوق الإنسان ومباركة القبضة الأمنية والخناق العسكري ومنع دخول المراقبين الدوليين والتنصّل من القرارات الدولية إذا نظرنا إليها بعين المنطق. وفيما يشبه التحذير قال العاهل المغربي وهو يتحدّث عن الثروات الطبيعية التي تزخر بها الجزائر: (إذا كان المغرب ليس لديه لا بترول ولا غاز، بينما الطرف الآخر لديه الورقة الخضراء يعتقد أنها تفتح له الطريق ضد الحقّ والمشروعية فإن المغرب لديه عدالته ومشروعية قضيته)، ويضيف: (مخطئ من يعتقد أن تدبير قضية الصحراء يتمّ عبر تقارير تقنية مخدومة أو توصيات غامضة). ومن شأن الرسائل الجديدة التي بعث بها العاهل المغربي إلى الجزائر وتحميلها مسؤولية تأخّر حلّ مسألة النّزاع في الصحراء الغربية وإقحامها كطرف رئيسي فيه الدفع باتجاه توتير إضافي للعلاقات بين البلدين الجارين في وقت لم تنته فيه بعد التراشقات بين الجزائر والمغرب بشأن ما يزعمه المخزن (حادث إطلاق الجيش الجزائري النّار على مواطن مغربي على الحدود بين البلدين) وتعتبره الجزائر (تقديما مغربيا مغلوطا) للوقائع التي شابت ردّ فعل حرّاس الحدود الجزائريين الذين تعرّضوا يوم 18 أكتوبر الماضي ل (لاستفزاز مجموعة مهرّبين مغربيين) على الحدود الجزائرية-المغربية. هكذا استغلّت الصحافة المخزنية خطاب ملكها اتّخذت الصحافة المخزنية خطاب العاهل المغربي فرصة جديدة للتحامل على الجزائر، حيث وصفت صحيفة (هيسبرس) المغربية على موقعها الالكتروني أمس خطابه في ذكرى المسيرة الخضراء بالتاريخي، خصوصا حينما أكّد أن الصحراء مغربية إلى أن يرث اللّه الأرض ومن عليها، فيما اعتبرت (أخبارنا) المغربية أن محمد السادس (فضح) استغلال الجزائر لثرواتها النفطية في معاداة المغرب بدعوى أن الدبلوماسية الجزائرية تعتمد على البترول كورقة خضراء تفتح له الطريق ضد الحقّ والمشروعية، حسب ذات الصحيفة. أمّا صحيفة (المنارة) المغربية فأكّدت بعد وصفها لخطاب محمد السادس بالتاريخي أنه وضع حدّا لتدخّل الجزائر في الشأن الداخلي للمغرب، هذا الادّعاء الكاذب تبنّته كذلك وكالة الصحراء المغربية التي اتّهمت السلطة الجزائرية بالتدخّل في أمور داخلية خاصّة بالمملكة. من جهتها، لم تفوّت جريدة (الأحداث) المغربية الصفراء كعادتها فرصة الخطاب للتكالب على الجارة الشرقية، حيث عنونت مقالها (الدور الفاضح للجزائر في الصحراء المغربية يحمل مخاطر أمنية للمنطقة)، ولم تكتف بهذا، حيث نقلت عن خبير دولي مغمور يدعى بيتر فام تحذيراته من مواصلة الجزائر لعب دورها (الفاضح) في النّزاع المفتعل حول الصحراء المغربية من خلال تقديم دعم غير مشروط لجبهة (البوليزاريو) الانفصالية، لتساهم بالتالي في إطالة أمد نزاع يحمل مخاطر أمنية كبيرة للمنطقة بأسرها، حسب ذات الصحيفة. الجزائر ترفض الانجرار وراء استفزازات المخزن بالمقابل، تواصل الجزائر (ترفّعها) عن الخوض في مستنقع استفزازات نظام المخزن التي أصبحت دورية، حيث لا يفوّت النّظام المغربي وزبانيته أيّ فرصة كانت إلاّ ويطلقون حملاتهم المسعورة باتجاه كلّ ما هو جزائري. وفي السياق أكّد رئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة أوّل أمس أن الجزائر (ليست لديها أيّ مشاكل) مع المغرب، لكنها (تساند وتدعّم الشعب الصحراوي في نضاله من أجل تقرير مصيره)، معبّرا عن (يقينه بأن اليوم الذي سينال فيه استقلاله آت لا محالة باعتبارها آخر مستعمرة في إفريقيا). وأوضح الرجل الثالث في الدولة في كلمة له بمناسبة تخرّج الدفعة الثالثة لنواب البرلمان الصحراوي أن الشعب الجزائري (يساند ويدعّم كفاح الشعب الصحراوي من أجل استعادة حقّه في تقرير مصيره والاستقلال)، منوّها في نفس الوقت ب (الانتصارات التي حقّقها الشعب الصحراوي على مستوى الهيئات الدولية). من جانبه، نوّه رئيس البرلمان الصحراوي خاطري أدوه بوقوف الجزائر الدائم إلى جانب نضال الشعب الصحراوي، مشيرا إلى أهمّية التكوين الذي استفاد منه النواب الصحراويون في (تعزيز العلاقات التاريخية بين الجزائر والصحراء الغربية). وبالمناسبة، أكّد خاطري أدوه على (فشل كلّ المناورات التي يقوم بها النّظام المغربي على كافّة المستويات، خاصّة الديبلوماسية)، مشيرا إلى أن المجتمع الدولي (تأكّد أنه لا حلّ للقضية الصحراوية إلاّ بممارسة الشعب الصحراوي لحقّه في تقرير المصير).