أبقى ملك المغرب محمد السادس على نظرته المخزنية الخاطئة لحقيقة المشاكل العالقة في المنطقة العربية، وأسباب تفكك اتحاد المغرب العربي، وككل مناسبة يحتفل فيها النظام الملكي المغربي بما يسميها المسيرة الخضراء (ذكرى احتلاله الصحراء الغربية)، يقدم الملك محمد السادس خطابا مغلوطا يدعي فيه من جهة حرص بلده على بناء وحدة مغاربية قوامها علاقات متينة مع الجزائر، ويبقي من جهة أخرى على نفس الأسباب والتصرفات التوسعية العدائية المنتهجة بالمنطقة. لم يحمل خطاب العاهل المغربي محمد السادس الأحد الماضي بمناسبة ذكرى احتلال والده الملك الراحل الحسن الثاني للأراضي الصحراوية سنة 1975، أي جديد ايجابي لا للنزاع القائم حول الصحراء الغربيةالمحتلة ولا لإنقاذ اتحاد المغرب العربي من التشتت، وإن كان من شيئ قد جاء به خطاب المسيرة السوداء هو تفنن الملك المغمور بغيه وكبريائه في تسويق المغالطات والأطروحات المناقضة لمنطق الأشياء فوق الأرض. فقد تضمن الخطاب الملكي ليلة عيد الأضحى المبارك كذبا ما فوقه كذب على شعوب المنطقة المغاربية عندما دعا العاهل المغربي في قراءته الخطاب المخزني إلى التعاون من أجل بناء نظام مغاربي جديد يكون محركا حقيقيا للوحدة العربية ويضمن الاستقرار والأمن في منطقة الساحل والصحراء، مؤكدا استعداد المغرب إلى العمل مع الجزائر من أجل انبثاق نظام مغاربي جديد، يتجاوز الإنغلاق والخلافات العقيمة، ليفسح المجال للحوار والتشاور والتكامل والتضامن والتنمية، دونما إشارة للقمع الاستعماري الممارس ضد الصحراويين في أراضيهم المحتلة والنهب المتواصل لثرواتهم الطبيعية، التي يستغلها في شراء ذمم بلدان الاتحاد الأوربي المنتفعة من ثروات الصحراويين بمبالغ وأثمان رمزية تحصلها إدارة الاحتلال المغربي. ويبرهن الملك على تعنته وتمسكه بسياسة التجاهل عندما يؤكد في خطابه حرص بلاده على التنفيذ التام لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، للتوصل إلى حل سياسي نهائي متوافق عليه لهذا النزاع الإقليمي المفتعل، في إطار الوحدة الوطنية والترابية للمملكة، بما يفيد أن لا حل للقضية الصحراوية خارج الإملاءات المغربية المسبقة على هيئات الأممالمتحدة ألا وهي شروط الحكم الذاتي على الأراضي الصحراوية المحتلة، وهو ما يرفضه الصحراويون رفضا قاطعا ويشكل لب الصراع الذي يجعل من ملف الصحراء الغربية مسألة تصفية استعمار تأبى الرباط تقبلها بسبب تساهل المجتمع الدولي وتماديه في الصمت على التعنت المغربي. ويسعى ملك المغرب كعادته لإقناع الصحراويين والعالم من حوله بأطروحته بمحاولة تسويق حلوله الأحادية في أحسن الصور المنمقة بالخداع والنفاق السياسي عندما يؤكد ويقول إن الصحراء المغربية ستكون نموذجا للجهوية الموسعة، بما تنطوي عليه من انتخاب ديمقراطي لهيآتها ومن تحويل واسع للسلطات والإمكانات من المركز إلى الجهات، وكذا من آليات التضامن الجهوي والوطني والتأهيل الاجتماعي والتنمية البشرية، فماذا قدم المغرب إذا من تنازلات لأجل شعوب منطقة المغرب العربي وهو يبقي على أسلوبه الاستعماري الرافض على الأقل لتنظيم استفتاء تقرير مصير الشعب الصحراوي نفسه بنفسه، دونما املاءات وشروط مسبقة، وتجنيه المفضوح على الجزائر بقوله أن مخيمات اللاجئين الصحراويين الفارين من جحيم الحرب التي سلطها عليهم أنها مخيمات تديرها السلطات الجزائرية وجبهة البوليساريو. فيا له من خطاب ينشد الوحدة والتضامن والانفتاح بسياسة القمع والتعصب والإنغلاق.