* رجال دين: شتان بين ثورة اللّه أكبر وثورات الزنادقة.. ولا لترويج البذاءة * سياسيون: ينبغي فتح تحقيق عاجل ومعاقبة المتورطين في المهزلة * الأسرة الثورية: تدخل الرئيس بوتفليقة بات ضروريا تتواصل تداعيات عرض الفيلم المثير للجدل الموسوم ب (الوهراني) لتأخذ منعرجات خطيرة وصلت إلى حد مطالبة الأسرة الثورية رئيس الجمهورية بالتدخل شخصيا لمنع عرض هذا الفيلم الذي يصور المجاهدين بصورة بشعة، كما يروج للكلام البذيء، حسب ما اتفق عليه رجال دين، سياسيون، مسؤولون، مجاهدون ونشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي، هؤلاء الذين رصدت (أخبار اليوم) آراءهم، فيما يشبه محاكمة للفيلم المثير للجدل والذي عكر صفو الاحتفال بستينية ثورة الجزائر العظيمة. يلاقى فيلم (الوهراني) المشترك الإنتاج بين الجزائروفرنسا لمخرجه الياس سالم منذ عرضه الأول يوم الجمعة الماضية بقاعة السينما (السعادة) بوهران، موجة انتقادات واسعة جعلت منه في ظرف أقل من أسبوع حديث الساحة الإعلامية والسياسية الجزائرية، مما ساهم في إثارة فضول العديد من الناس لمشاهدته ومعرفة ما يحمله من خبايا. وفي السياق قامت (أخبار اليوم) بالاطلاع على مقتطفات من هذا الفيلم المثير للجدل عبر ال (يوتيوب) في فيديو مدته 3 دقائق يصور مجاهدين داخل ملهى ليلي يقومون بالرقص واحتساء الخمور والتسكع مع نساء جزائريات على وقع أغنية (وهران الباهية)، كما يرددون كلاما لا يمت بصلة إلى عادات وتقاليد الأجداد فما بالك بمجاهدين في سبيل اللّه، شعارهم اللّه أكبر على كل من طغى وتجبّر. أما الملفت للانتباه في الفيديو فهو نسبة المشاهدة العالية له رغم أنه طرح في (يوتيوب) منذ أيام قليلة فقط، إلا أن عدد مشاهديه تعدى حاجز ال 20 ألفا، وهو رقم مرشح للارتفاع بالنظر إلى حجم الجدل الكبير للفيلم، وهو ما يؤثر بشكل أو بآخر على سمعة الأسرة الثورية، خصوصا لدى الجيل الصاعد ممن لم تترسخ فيهم بعد مبادئ ثورة نوفمبر المجيدة. شتّان بين ثورة اللّه أكبر وثوران الزنادقة أي نعم الثورة التحريرية لم تكن ثورة ملائكة، وكانت ثورة بشر يخطئون ويصيبون، أي نعم معاقرة الخمر ليست أخطر من الخيانة، أي نعم هنالك فئة من الجزائريين تسب الدين جهارا نهارا في الشارع، لكن يرد إمام مسجد التوبة بالعاصمة الشيخ محمد الأمين غزالي على سؤال (أخبار اليوم) بأن التاريخ يشهد بأن المجاهدين الجزائريين رفعوا شعارات اللّه أكبر في وجه من طغى وتجبّر وجاهدوا في سبيل اللّه، وثورتهم لم تكن ثوران زنادقة، بل كانت ثورة شعب يدين بالإسلام ضد مستعمر غاشم كان يهدف إلى محو الهوية الإسلامية، وهي المهمة التي لم تتمكن منها فرنسا نظرا لتمسك الجزائريين بدينهم وعظم أخلاقهم المستمدة من تعاليم ديننا الحنيف، يقول ذات المتحدث. وفي السياق، حذر الشيخ غزالي من مغبة سب الدين والذات الإلهية والتشهير بالأمر بدعوى أنه موجود في المجتمع الجزائري، حيث أن اللّه عزّ وجلّ نهى عن سبّ الكفار فما بالك بالدين والذات الإلهية، وقد قال صلّى اللّه عليه وسلّم في هذا الإطار: (إن العبد ليتفوّه بالكلمة من سخط اللّه لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار سبعين خريفا). أما الأحرى بوسائل الإعلام وغيرها -حسب الشيخ- فهي أن تأخذ على عاتقها مهمة التوعية ومحاربة الظواهر السلبية في المجتمعات الإسلامية وليس العمل على نشرها بالشكل الذي يزيد من حدة تفاقمها. من جانبه، اتهم الشيخ شمس الدين الجزائري، مخرج فيلم الوهراني الياس سالم بإهانة المجاهدين وخدش الحياء والمساس بالثورة، حيث قال الشيخ شمس من خلال برنامجه (انصحوني) على قناة (النهار) التلفزيونية الخاصة، إن فيلم (الوهراني) -المشترك الإنتاج بين الجزائروفرنسا- يحمل العديد من الإساءات، سواء للإسلام أو للجزائر ومجاهديها، حيث لا يتردد أحد الممثلين في لعن وسب دين والد زميل له، إلى جانب أن الفليم يصوّر -حسبه- المجاهدين على أنهم يقاتلون فرنسا نهارا ويتوجهون إلى الكباريهات ليلا. كما دعا الشيخ شمس الدين إلى مقاضاة ومحاكمة منتجه والواقفين وراءه، مضيفا أنه على سكان وهران رفع دعوى قضائية ضد الفيلم الذي يسيء إلى مدينتهم من خلال عنوانه (الوهراني)، وقبل ذلك يسيء إلى الإسلام والجزائر، كما طالب وزيرة الثقافة بالتحرك لوقف هذه المهزلة، لا سيما وأن الفيلم المذكور سيمثل الجزائر في بعض المهرجانات الدولية، ويعتقد أنه يعد بمثابة وصمة عار في تاريخ السينما الجزائرية. المطلوب تحقيق عاجل لفضح المتورطين في الفيلم المهزلة طالب النائب عن جبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف بفتح تحقيق عاجل ومحاكمة كل من تورط من قريب أو بعيد في دعم فيلم (الوهراني) المثير للجدل، محذرا في ذات السياق من مغبة (السكوت عن هذا الفيلم المهزلة الذي يطعن في الثورة التحريرية التي تعتبر مفخرة لكل الجزائريين). وقال بن خلاف في تصريح ل (أخبار اليوم) أمس إنه لا يمكن بأي حال من الأحوال السماح باي تجاوزات في حق المجاهدين الذين رفعوا راية الإسلام عاليا وتحدوا الاستعمار الفرنسي الغاشم، متسائلا عن عدم تحرك وزارة المجاهدين إلى حد الآن، والتي من المفترض أن تعنى بالدفاع عن تاريخ الجزائر من أي تزييف، في صورة هذا الفيلم الذي يعتبر (عارا في جبين جزائر 2014)، على حد تعبير القيادي البارز في حزب جاب اللّه. وفي سياق متصل، قصف القيادي في الحزب الإسلامي المدافعين عن عرض فيلم (الوهراني) لمخرجه إلياس سالم من باب الدفاع عن حرية التعبير، معتبرا أن حرية التعبير لا تكون بتزييف الحقائق التاريخية وتشويه صورة الثوار والثورة التي تعتبر مفخرة لكل الجزائريين، مضيفا في ذات الصدد: (هنالك شهادات حية لمجاهدين وأبنائهم ومؤرخين لم يتم فيها ذكر هذه الأمور، فمن أين جاء كاتب السيناريو بهذه النظرة المشينة والماجنة عن حياة المجاهدين؟)، يتساءل بن خلاف الذي شدد على ضرورة استخلاص العبر من الثورة واحترام قيم وثوابت 1 نوفمبر التي جاءت في بيانها الذي ينص على قيام دولة جزائرية ديمقراطية شعبية في إطار المبادئ الإسلامية، وقال إنه تم تحقيق الشطر الأول من البيان بقيام الدولة بفضل دماء الشهداء وتضحيات المجاهدين، غير أن الشطر الثاني من البيان والمتمثل في المبادئ الاجتماعية والإسلامية لم يرق إلى مستوى أمانة الشهداء بعد ستين سنة من قيام الثورة المظفرة. تدخّل الرئيس بوتفليقة مطلب الأسرة الثورية تطالب الأسرة الثورية بتدخّل رئيس الجمهورية شخصيا بحكم أنه مجاهد ويعرف معنى تشويه صورة الشهداء والمجاهدين. وجاء هذا من خلال اجتماع طارئ دعت إليه المنظمة الوطنية لأبناء المجاهدين مؤخرا، وكانت نتيجة اللقاء هو ضرورة الاستنجاد بالقاضي الأول للبلاد لوقف عرض هذا الفيلم العار الذي اتهموا صاحبه بالإقلال من شان المجاهدين وتزوير حقائق الغرض منها استصغار كفاح أبطال وهران بدليل تصويرهم داخل الفيلم وطيلة ساعتين من الزمن خمارين ودعاة رقص ولهو، في حين أنا التاريخ يشهد على إنجاب (الباهية) لأبناء بررة لم يخيبوا الشعب الجزائري، بل لقوا كل الاحترام من جلاديهم، فكيف اليوم يُنعتون زورا بأنهم كانوا خمارين ورفقاء سوء؟ كما سيتم الشروع في عملية جمع التوقيعات لمباشرة إجراءات وقف عرض هذا الفيلم، سواء داخل الجزائر أو حتى خارجه لأنه مساس بالسيادة الوطنية وبتاريخ شعب عريق، رفض الخنوع والانبطاح مقدما في سبيل ذلك أبهر التضحيات لازال العدو يتذكرها قبل الصديق. تحريف للتاريخ تحت أعين وزارة ومنظمة المجاهدين أما وزارة المجاهدين ومنظمة المجاهدين وهي الأطراف المعنية الأولى بمثل هذه التجاوزات، فلم تتخذ أي موقف إلى حد الآن من عرض الفيلم، ما يطرح علامات استفهام كبرى حول من يفترض أن تكون سباقة لتقصي الحقائق واستنكار أي تحريف أو تشويه لتاريخ الثورة لما لذلك من خطر على تماسك أركان الدولة ومبادئها المستمدة من تضحيات رجالها ونسائها وتمسكهم بدينهم وأصالتهم وصمودهم أمام المحاولات البائسة لطمس هويتهم. وفي السياق أبدى الأمين الوطني لمنظمة المجاهدين محند واعمر بن الحاج تحفظا كبيرا عن انتقاد الفيلم الذي يصور الثوار على أنهم يقاتلون فرنسا نهارا ويتوجهون إلى الكاباريهات ليلا، حيث اكتفى بتصريح مقتضب ل (أخبار اليوم) برر فيه رفضه التعليق على ما جادت به قريحة المخرج إلياس سالم بأنه لم يشاهد هذا الفيلم رغم أنه موجود على ال (يوتيوب)، كما أنه لاقى استنكارا واسعا من قِبل الأسرة الثورية التي حضرت إلى عرضه الجمعة الماضية بسينما وهران. هذا فضلا عن واجب هذه الهيئة المتمثل في مراقبة الأعمال الفنية التي تتحدث عن تاريخ الجزائر وثورتها. مدافعون عن المجون والبذاءة بدعوى الفن والإبداع! قد يبدو غريبا أن تدافع وزيرة الثقافة نادية لعبيدي عن استمرار عرض فيلم (الوهراني) الذي يهين الوهرانة وكل الجزائريين من خلال الألفاظ الخادشة للحياء التي يحتويها والتي تصل حد سب الدين، وكذا من خلال إساءته إلى المجاهدين والشهداء بشكل أو بآخر، فلا مساس بالإبداع في نظر لعبيدي. لكن هذه الغرابة تزول حين تستمع إلى مخرج هذا الفيلم المدعو إلياس سالم وهو يتحدث بكل جرأة عن ثقته في أن وزارة الثقافة لن تمس الفيلم بسوء، بل بالعكس كان لها فضل كبير في تدعيم العمل، حسب ما نُقل عن المخرج الذي أعطى المجاهدين الغاضبين على إهانتهم في الفيلم دليلا على تواطؤ وزارة الثقافة في إهانتهم دون أن تتحرك وزارة المجاهدين لإنصافهم وهي التي لها حق مراقبة الأعمال الفنية التي تتحدث عن تاريخ الجزائر وثورتها، ودون أن تتحرك وزارة الشؤون الدينية لوقف عرض فيله فيه سبّ الدين جهارا. ويشغل (الوهراني) حاليا حيزا مهما من النقاش على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث التقت مجمل ردود الأفعال حول إلزامية وضع حد لهذا الفيلم ومحاسبة كل من ساهم في السماح بعرضه، حيث توجهت أصابع اتهام الفايسبوكيين إلى وزيرة الثقافة السابقة خليدة تومي التي دعمت الفيلم خلال عهدتها. لكن في المقابل ظهرت فئة قليلة مكونة خصوصا من صحفيين وناشطين تؤكد أنه لا يجب بأي حال محاكمة الأعمال الإبداعية وأن الحرية والتعبير الحر عن الرأي يجب أن تبقى في منأى عن أي توظيف للإيديولوجية أو السياسة. وقال أحد المدافعين عن الفيلم قائلا: (أندد بالتلفيق الذي يطال فيلم الوهراني لمخرجه إلياس سالم من خلال الحملة التي أطلقها المفتي شمس الدين عبر قناة النهار تي في، وتحريضه على العنف بحجة أن الفيلم يهين المجاهدين). وشدد الشخص نفسه على أنه يجب التنديد بالتحريض الذي قام به الشيخ شمس الدين، محذرا من مغبة السكوت عن هذه الانتهاكات التي قال: (إننا سندفع ثمنها غاليا فيما بعد). وكتبت إحدى الإعلاميات: (قد يكون مخرج فيلم الوهراني مخطئا بتركيزه على ارتياد المجاهدين للحانات وللمراقص، لكن هذا أيضا جانب حقيقي عاشه المجاهدون، واستغلوا كل السبل للقيام بواجبهم المقدس، ولم لا الحانات إذا ما كانت آمنة ولا تجلب إليها الشكوك)).