( إن ربك لبالمرصاد وإنه أعدل العادلين) (من زنى زنى به) بالبناء لما لم يسم فاعله (ولو بحيطان داره) يشير إلى أن من عقوبة الزاني ما لا بد أن يعجل في الدنيا وهو أن يقع في الزنا بعض أهل داره حتما مقضيا. وذلك لأن الزنا يوجب هتك العرض مع قطع النظر عن لزوم الحد في الدنيا والعذاب في الآخرة فيكون سيئة {وجزاء سيئة سيئة مثلها} فيلزم أن يسلط على الزاني من يزني به بنحو حليلته {والله عزيز ذو انتقام} فإن لم يكن للزاني من يزني به أو يلاط به من نحو حليلة أو قريب عوقب بوجه آخر. وعلم مما تقرر أن المراد من الزنا في قوله زني به مكافأة الزاني بهتك عرضه بالزنا هبه لنفسه أو لشخص من أتباعه والظاهر أن المرأة كالرجل فإذا زنت عوقبت بزنا زوجها وحصول الغيرة لها ووقوع الزنا في أبويها ونحوهما. وفي هذه الأحاديث أن من زنى دخل في هذا الوعيد هبه بكرا أو محصنا سواء كان المزني بها أجنبية أو محرمة بل المحرم أفحش وهبه أعزب أم متزوج لكن المتزوج أعظم ولا يدخل فيه ما يطلق عليه اسم الزنا من نظر وقبلة ومباشرة فيما دون الفرج ومس محرم لأنها من اللمم. فائدة قال الألباني في (السلسلة الضعيفة والموضوعة) (2 / 154) : ما زنى عبد قط فأدمن على الزنا إلا ابتلي في أهل بيته). قصص حقيقية نبدأ بالقصة الأولى ((دقة بدقة وإن زدت زاد السقاء)) كان تاجراً كبيرا، وكانت تجارته بين العراق وسورية يبيع الحبوب في سورية، ويستورد منها الصابون والأقمشة وكان رجلاً مستقيما في خلقه، قوي التدين، يزكي ماله ويغدق على الفقراء مما أفاء الله به عليه من خير. وكان يقضي حاجات الناس، لايكاد يرد سائلاً وكان يقول: ((زكاة المال من المال وزكاة الجاه قضاء الحاجات)). وكان يعود مرضى محلته ويتفقدهم كل يوم تقريبا، وكان يصلي المغرب والعشاء في مسجد قرب داره فلا يتخلف عن الصلاة أحد من جيرانه إلا ويسأل عنه فإذا كان مريضاً عاده، وإذا كان محتاجا إلى المال أعطاه من ماله وإذا كان مسافراً خلفه في عياله. وكان له ولدُ وابنة واحدة بلغا عمر الشباب. وفي يوم من الأيام، سأل ولده الوحيد أن يسافر إلى سورية بتجارته قائلاً له: ((لقد كبرت ياولدي، فلا أقوى على السفر. وقد أصبحت رجلاً والحمد لله فسافر على بركة الله مع قافلة الحبوب إلى حلب فبع مامعك، واشتر بها صابوناً وقماشا ثم عد إلينا، ولكنني أوصيك بتقوى الله، وأطلب منك أن تحافظ على شرف أختك)). وكان ذلك قبل الحرب العالمية الأولى، يوم لم يكن حينئذ قطارات ولا سيارات... وسافر الشاب بتجارة أبيه من مرحلة إلى مرحلة: يسهر على إدارت القافلة، ويحرص على حماية ماله، ويقوم على شؤون رجاله. وفي حلب الشهباء، باع حبوبه، واشترى بثمنها من صابونها الممتاز وقماشها الفاخر، ثم تجهز للعودة أدراجه إلى الموصل الحدباء. وفي يوم من الأيام قبيل عودته من حلب رأى شابة جميلة تخطر بغلالة من اللاذ في طريق مقفر بعد غروب الشمس اختطف منها قبلة ثم هرب على وجهه وهربت الفتاة وما كاد يستقر به المقام في مستقره إلا وأخذ يؤنب نفسه وندم على فعلته ولا ساعة مندم. وكتم أمره عن أصحابه، ولم يبح بسره لأحد، وبعد أيام عاد إلى بلده. وكان والده الشيخ في غرفته يطل منها على حوش الدار حين طرق الباب السٌقاء، فهرعت ابنته إلى الباب تفتحه له وحمل السقاء قربته وصبها في الوعاء وأخت الفتى تنتظره على الباب لتغلقه بعد مغادرة السقاء الدار. وعاد السقاء بقربته الفارغة، فلما مر بالفتاة قبلها، ثم هرب لا يلوي على شيء. ولمح أبوها من نافذة غرفته ماحدث، فردد من صميم قلبه: ((لاحول ولا قوة إلا بالله)). ولم يقل الأب شيئاً ، ولم تقل الفتاة شيئاً . وعاد السقاء في اليوم الثاني إلى دار الرجل كالمعتاد، وكان مطأطىء الرأس خجلا، وفتحت له الفتاة الباب ولكنه لم يعد إلى فعلته مرة أخرى. لقد كان السقاء يزود الدار بالماء منذ سنين، كما كان يزود دور المحلة كلها بالماء، ولم يكن في يوم من الأيام موضع ريبة، ولم يحدث له أن ينظر إلى محارم الناس نظرة سوء، وكان في العقد الخامس من عمره وقد ولٌى عنه عهد الشباب وما قد يصحبه من تهور وطيش وغرور .. وقدم الفتى الموصل، موفور الصحة، وافر المال. ولم يفرح والده بالصحة ولا بالمال، لم يسأل والده عن تجارته ولا عن سفره، ولا عن أصحابه التجار في حلب. لقد سأل ولده أول ما سأله: ماذا فعلت منذ غادرت الموصل إلى أن عدت اليها ؟ وابتدأ الفتى يسرد قصة تجارته، فقاطعه أبوه متسائلا : ((هل قبلت فتاة، ومن متى وأين)) فسقط في يد الشاب، ثم أنكر.. واحمرُ وجه الفتى وتلعثم، وأطرق برأسه إلى الأرض في صمت مطبق كأنه صخرة من صخور الجبال لايتحرك ولا يريم. وكان الصمت فترة قصيرة من عمر الزمن، ولكنه كان كأنه الدهر. وأخيراً قال له أبوه: لقد أوصيتك أن تصون عرض أختك في سفرك ، ولكنك لم تفعل. وقص عليه قصة أخته وكيف قبلها السقاء، فلا بد أن تلك بتلك القبلة وفاء لدين عليك .. وانهار الفتى، واعترف بالحقيقة. وقال له أبوه مشفقا عليه وعلى أخته وعلى نفسه: ((أنني لم أكشف ذيلي في حرام، وكنت أصون عرضي حين كنت أصون أعراض الناس)). ولا أذكر أن لي خيانة في عرض أو سقطة من فاحشة، أرجو ألا أكون مدينا لله بشيء من ذلك. وحين قبل السقاء أختك تيقنت أنك قبلت فتاة ما، فأدت أختك عنك دينك، لقد كانت دقة بدقة، وإن زدت زاد السقاء !!. وكانت يمامة تتغنى فوق الدار، ومما ردًدته: من خاف على عقبه وعقب عقبه، فليتق الله .. ومن تعقب عورات الناس، تعقب الله عورته. ومن تعقب الله عورته، فضحه ولو كان في جوف رحم. ومن كان يحرص على عرضه، فليحرص على أعراض الناس .. ومن أراد أن يهتك عرضه، فليهتك أعراض الناس .. لذة ساعة غصة إلى قيام الساعة.. وكل دين لابد له من وفاء . ودين الأعراض وفاؤه بالأعراض .. والمرء يهتك عرضه، حين يهتك أعراض الناس. والذين يفرحون باللذة الحرام قليلاً، سيبكون على ماجنت أيديهم كثيرا. والذين يخنون حرمات الناس ، يخنون حرماتهم أولا . ولكنهم غافلون عن أمرهم، لأنهم آخر من يعلمون .. ولو علمو الحق، لتواروا عن البشر خجلا وعارا .. قال تعالى: (إن ربك لبالمرصاد، وإنه أعدل العادلين) * القصة السابقة لها رواية آخرى تذكر كتب العلم قصة من عالم الواقع عن رجل كان يعمل صائغا وكان رجلا عفيفا لم تمتد يده يوما إلى امرأة لم تحل له طول حياته ولم يرفع بصره إلى امرأة لا تحل له، وفي يوم من الأيام جاءته امرأة طاهرة شريفة تعرف بأنه طاهر وشريف وطلبت منه أن يصنع لها إسورة من ذهب ومدت يدها لأخذ المقاس وهي واثقة أن الرجل كما علمته وعهدته عفيفا وأمينا ولكن الشيطان نزغه حينما مدت يدها فغمزها في يدها غمزة مريبة أحست منها بالخيانة فسحبت يدها وتفلت في وجهه وقالت: قاتلك الله كنا نظنك طاهرا وعفيفا ثم خرجت وتركته وبعد أن خرجت المرأة لام الرجل نفسه وعاتبها على هذا الفعل وعاد إلى بيته حزينا مهموما، فلما دخل إلى بيته وجد امرأته في غاية القلق والاضطراب وهي تبكي قال لها: ما الذي حدث قالت: حدث شيء هذا اليوم لم يحدث من قبل قال لها: وما الذي حدث ؟؟؟؟ قالت : السقا الرجل الذي نأمنه ونثق فيه ويدخل بيتنا ويصب لنا من الماء من عشرات السنين ما رفع بصره يوما من الأيام إلي وفي هذا اليوم نقض عهده وقام بإيصال الماء وفي طريقه وهو ينزل مر بي وغمزني في يدي، فقال الرجل: دقة بدقة ولو زدنا زاد السقا. قال الشافعي: عفوا تعف نساؤكم في المحرم ..... وتجنبوا ما لا يليق بمسلم إن الزنا دين فإن أقرضته ..... كان الوفا من أهل بيتك فاعلم يا هاتكا حرم الرجال وقاطعا ..... سبل المودة عشت غير مكرم لو كنت حرا من سلالة ماجد ..... ما كنت هتاكا لحرمة مسلم من يزن يزن به ولو بجداره ..... إن كنت يا هذا لبيبا فافهم من يزن في قوم بألفي درهم ..... يزن في أهل بيته ولو بالدرهم