عرف مجتمعنا في الآونة الأخيرة انتشارا للكثير من الظواهر غير الأخلاقية الخارجة عن نطاق قيمنا الإسلامية وعاداتنا من بينها ارتكاب فاحشة الزنا التي أصبح يعتبرها البعض ممن يمارسها من الأفعال العادية مما ساهم في ولادة أطفال بدون هوية وحتى ارتكاب جرائم من أجل الحفاظ عن الشرف. انتشرت ظاهرة غريبة عن عاداتنا الاجتماعية يرتكب من خلالها شباب وفتيات ممارسات مخلة بالحياء بإرادتهم خارج نطاق قيمنا الإسلامية التي حذرت من ارتكاب أفعال محرمة حثنا الدين بالابتعاد عنها، إلا أن البعض يخرجون عن نطاق التربية والاحترام ومن بينهم أزواج يخونون الرباط المقدس المتين ليرتكبوا المحظور مع فتيات يتخلين عن أخلاقهن بقبولهن تلبية رغبات عابرة بارتكاب أفعال مخلة بالحياء رغم علمهن أن هذا الرجل متزوج فيتسببون في تشريد هذه العائلة بعد انتهاء العلاقة الزوجية بالطلاق ومبررها في ارتكابها لفاحشة الزنا أنها وسيلة سريعة لكسب المال أو أنها أعجبت بهذا الرجل بالرغم من أن لديه زوجة تنتظره في البيت دون أن ترتكب أي ذنب في حق زوجها الذي خانها مع فتاة تخلت عن قيمها، وشباب آخرون يقيمون علاقات عابرة مبنية على الخداع مع فتيات يوهمونهن بالزواج لمجرد قضاء حاجتهم وتلبية رغباتهم الجنسية لاعتبارهم أن الفتاة هي مجرد وسيلة جسدية ليس إلا، لتجد نفسها فاقدة لشرفها ويهتك عرضها بإرادتها وليس رغما عنها، وينتهي الأمر بزيادة ضحايا هذه العلاقات غير الشرعية والناتجة عن ارتكاب فاحشة الزنا، وهم أطفال دون هوية يجدون أنفسهم دون إسم يحملونه أو أب يمنحهم العطف والحنان، وعائلات أخرى تدمر بعد تلقيها صدمة ارتكاب ابنتها للزنا فتنتشر فضيحتها بين الجيران والمعارف، وقد ينتهي الأمر بجرائم شرف وهذا ما جعلنا نقترب من إحدى العائلات التي دمرت بعد ما ارتكب أحد أفرادها فاحشة الزنا، وتحكي لنا السيدة "سميرة" عن أفعال زوجة أخيها والتي استغلت غياب زوجها بإحدى المناطق البعيدة لترتكب الزنا مع أحد أصدقائها، حيث تقول: "اكتشفت ارتكاب زوجة أخي لفاحشة الزنا بعد ما سمعتها تتكلم مع صديقها عبر الهاتف فقررت مراقبة منزلها، وقد تأكدت من شكي بعد ما دخلت فجأة إلى منزلها ووجدتها تمارس الفعل المخل بالحياء مع صديقها، وهذا ما جعلني أتناقش معها عن سبب ارتكابها لهذا الفعل، إلا أنها بررت فعلها أن أخي أهمل واجباته الزوجية تجاهها وهذا ما جعلها تبحث عن شخص آخر يمدها بالحنان الذي فقدته بسبب غياب زوجها لشهور وانشغاله في العمل، وقد قررت إخفاء سرها بالرغم من أني حزينة على أخي المخدوع الذي لم يحرم زوجته من أي شيء سوى أنه انشغل بعمله لتوفير المال لها، ولكني فضلت إخفاء السر خوفا من ضياع مستقبله إذا علم بالأمر فيرتكب جريمة قتل من أجل زوجته التي لم تراعي التضحيات التي قدمها من أجلها ولم يحرمها من أي شيء كانت تطلبه ". قاصرات يخدعن بأكاذيب الشباب ويرتكبن الزنا برفقتهم وقد أصبحت بعض الشابات يقعن في فخ خداع شباب أصبحوا يقيمون علاقات عابرة مع فتيات يثقن في أكاذيبهم ووعودهم بالزواج فيستخدمون طرق الخداع بمجرد أن تقع الفتاة بين أيديهم فيعتبرونها وسيلة جسدية يلبون من خلالها رغباتهم الجنسية، لينتهي بها الأمر في مشاكل وخيمة لا تجد أي مخرج منها بعد ما تفقد أعز ما تملك بمحض إرادتها ألا وهو شرفها أو تقع في المحظور بعد ما تحمل طفلا دون هوية يكون ضحية شاب بدون ضمير هدفه الوحيد هو قضاء نزواته وهذا ما حدث مع "سميرة" التي قبلت بشاب أوهمها أنه سيتقدم لخطبتها إلى أن وقعت في هواه وأصبحت لا تقدر العيش دون رؤيته، وهو ما جعلها تلبي له جميع رغباته الجنسية، وكانت النتيجة أنه أخبرها أنه لا يقبل الزواج بفتاة تقبل ممارسة الزنا قبل الزواج، وهذا ما جعلها تعيش صدمة نفسية أدت إلى إصابتها بانهيار عصبي بعد ما اكتشفت أنها تحمل منه طفلا غير شرعي، وبسبب خوفها من اكتشاف عائلتها المحافظة الأمر قامت بإجهاض الطفل، وكادت أن تفقد حياتها أثناءه، وتضيف أنه لحسن حظها أن عائلتها لم تكتشف أمرها وقد قررت أن لا ترتبط بأي شاب بعد ما مرت بهذه التجربة المريرة التي جعلتها لا تثق في الشباب، وأصبحت ترفض جميع الشباب الذين تقدموا لخطبتها خوفا من أن يكتشفوا فقدانها لعذريتها وتنتشر فضيحتها حسب ما أكدته لنا. وقد أصبح بعض الشباب يستغلون بعض الفتيات القاصرات بالرغم من فارق السن الكبير بينهم، مستغلين جمالهن لإغرائهن وارتكاب فاحشة الزنا معهن، وهذا ما حدثنا عنه "جمال" الذي وجد في حياة العزوبية حرية في ارتكاب الممارسات اير الأخلاقية مع فتيات مازلن في عمر الزهور وهو يعتبر ارتكابه للزنا شيء عادي على حد تعبيره مادامت بعض الفتيات يلبين له طلباته بكل سهولة، وقد أتاح له ذلك الفرصة لإقامة علاقة مع فتاة وتغييرها بأخرى بعد أن يشبع رغبته منها، ثم يرميها بكل سهولة، ويرتكب نفس الفعل مع فتاة أخرى. نساء يعتبرن ارتكاب الزنا وسيلة لكسب الرزق ومن جهة أخرى ترتكب بعض النساء هذه الفاحشة لحاجتهن للمال الذي أصبح شيئا ضروريا بالنسبة لهن مما يجعل البعض منهن يتخلين عن الشرف في سبيل تلبية حاجاتهن اليومية، فبعضهن بررن فعلتهن باضطرارهن لذلك كتضحية منها لمساعدة أطفالها، وأخريات لم يكن لديهن أي مبرر لارتكاب هذه الفاحشة، إلا أنهن وجدن فيها وسيلة سريعة وسهلة لكسب الرزق دون بذل أي مجهود بالبحث عن عمل شريف يبعدهن عن ارتكاب الحرام والوقوع في المحظور، وهذا ما حدثتنا عنه "سلمى" التي قالت أنها اضطرت إلى ارتكاب الفعل المخل بالحياء بعد ما طلقت من زوجها وتخلى عن مسؤوليته في الإنفاق على أولاده، وهو ما جعلها تقبل طلبات أحد الرجال المتزوجين الذي استغل وجودها بمفردها وحاجتها إلى المال، وقام بإغرائها بثرائه وطلب منها أن تقيم معه علاقة جنسية مقابل تقديم المال الكافي لها لعلاج ابنها المريض الذي يحتاج لمبلغ كبير من المال، وهذا ما جعلها تلبي له طلباته بعد ما طرقت جميع الأبواب لطلب المساعدة عن طريق الحلال لتدفعها حاجتها إلى المال لارتكاب الحرام دون إرادتها للتضحية من أجل طفلها خوفا من فقدان فلذة كبدها الوحيدة على حد قولها. وبالرغم من أن هناك من قالت أنها اضطرت إلى ارتكاب فاحشة الزنا رغما عنها من أجل إنقاذ أقرب الناس إليها، إلا أن الغريب في الأمر أن بعض الفتيات يجدن الأمر عاديا معتبرات إياها وسيلة سريعة لكسب الرزق، وهذا ما تحكي عنه "ليلى" وهي طالبة تعيش في إحدى الإقامات الجامعية التي أصبحت تقيم علاقات عابرة مع رجال متزوجين ومن طبقة ثرية لتلبي جميع طلباتها وتوفر احتياجاتها من خلال إقامة علاقات جنسية عابرة غير واضعة في عين الاعتبار أنها قد تدمر عائلة هذا الرجل المتزوج، وهمها الوحيد هو كسب المال الذي يقدمه لها هؤلاء الرجال على طبق من ذهب، حيث تقول: "أحتاج إلى طلبات كثيرة ومنحتي الدراسية لا تكفي لشراء أي شيء، وبعد ما أعجب بجمالي أحد الرجال المتزوجين وطلب مني إقامة علاقة معه مقابل أن يوفر لي جميع طلباتي إضافة إلى تقديم المال لي وأنا أجده شيئا عاديا وموضة جديدة عند بعض زميلاتي اللواتي يخترن رجالا من الطبقات الثرية ويقمن علاقات جنسية معهم مقابل أن يوفروا من خلالها جميع ما يحتاجون إضافة إلى أنها وسيلة سهلة لكسب المال". فتاة أخرى وثقت في خطيبها الذي كانت تربطها به علاقة حب متينة، وبعد أن وقعت في فخ ارتكاب الزنا معه، تخلى عنها وقطع علاقته بها وارتبط بفتاة أخرى، وعلمت أنه تزوج بها، وبعد ما واجهته أخبرها أن قيمتها انخفضت بعد ما مارست الزنا معه قبل زواجها به بالرغم من أنه هو من طلب منها ذلك، وهذا ما أثر على حالتها النفسية وقررت وضع نهاية لحياتها بعد ما حاولت الانتحار كونها لم تتقبل ما حدث لها بعد ما تخلى عنها بكل سهولة وتزوج بأخرى. تمارس فاحشة الزنا بعلم زوجها من الغريب أن يتخلى بعض الأشخاص عن رجولتهم، ويتركون زوجاتهم يتخلين عن شرفهن لا لشيء إلا لتلبية حاجياتهم اليومية دون أن يهمهم انتهاك حرماتهم، وهمهم الوحيد هو توفير المال لقضاء حاجاتهم حتى وإن كان هذا الأمر عن طريق ممارسة المحرمات بارتكاب فاحشة الزنا، وهذا ما حدثتنا عنه السيدة "فضيلة" التي اضطرت إلى ممارسة الفعل المخل بالحياء داخل بيتها، والغريب في الأمر أن زوجها لم يكن لديه أي مانع في إدخال رجال غرباء إلى بيته، وقد شجعها على هذا الأمر بعد ما غره المال الكثير الذي يقدمونه لها مقابل أن تقيم علاقة جنسية معهم، والمهم لديه أن يأخذ مصروفه يوميا لشراء السجائر وإدمان المخدرات، وتضيف "أنا اضطررت لممارسة الزنا بعد ما تحملت عبء مصاريف بيتي بمفردي وعجزت عن سد طلبات الحياة اليومية، وبعد ما عرض علي أحد الرجال إقامة علاقة معه مقابل تسديد إيجار بيتي، قبلت طلبه خوفا من تشريد أطفالي وطردهم من المنزل، وقد استغربت أن زوجي قبل بالأمر بكل بساطة"، وتضيف أنها لم تكن تريد أن تلجأ إلى كسب المال عن طريق الحرام، إلا أن ظروفها الاجتماعية السيئة وفقرها دفعاها إلى ارتكاب الزنا إضافة إلى عدم تحمل زوجها أي مسؤولية لتوفير مصاريف بيته وعجزها عن البحث عن عمل شريف. وهناك من ترتكب فاحشة الزنا مع رجال من الطبقة الثرية مستغلة جمالها لإغرائهم، ثم تقوم بسرقة ما تجد أمامها من مجوهرات أو نقود من منازلهم بعد إصابتها بمرض نفسي بسبب فقرها الذي دفعها إلى الانتقام من الطبقات الثرية، وهذا ما تحكي عنه السيدة "سميرة" التي لم تجد أي شخص من أقاربها أمامها ليساعدها بعد وفاة والديها في سن ال17 مما جعلها تصاب بعقدة نفسية جعلتها تنتقم من الأشخاص الأثرياء لتنهب أموالهم، مستغلة جمالها الذي يغريهم، حيث تقول: "بعد وفاة والدي وأنا في سن صغيرة لم أجد أي شخص يقف إلى جانبي، ويساعدني في توفير المصاريف الكافية لتوفير حاجياتي اليومية، إضافة إلى أن عقدة فقري التي أدت إلى حرماني من الأشياء التي تملكها بعض الفتيات من الطبقات الثرية زرعت لدي عقدة نفسية تدفعني لاإراديا إلى الانتقام من رجال من الطبقات الثرية بارتكابي لفاحشة الزنا معهم مقابل إعطائي مبلغ كبير من المال، كما أني أقوم باستغلال هذا الأمر لأقوم بسرقة منازلهم دون علمهم بعد ما أعرف فترة غيابهم وأقوم باستنساخ المفاتيح منهم بعد إغرائهم وأسلب جميع ما يملكونه بداخلها انتقاما منهم". لقد أصبحت فاحشة الزنا ترتكب بين أفراد من عائلة واحدة وتنتهك الحرمات بين أفرادها بكل سهولة لمجرد قضاء نزوات عابرة لقضاء غرائز جنسية دون أن يضع مرتكبوها أي اعتبار للقرابة بين الأسر، وهذا ما حدث في بعض العائلات التي صدمت بعد اكتشاف أن أقرب الناس إليها يرتكب زنا المحارم، وهذا ما حدث بإحدى العائلات التي دمرت وتفككت بعد ما حدثت فاحشة الزنا بين أفراد منها، والتي أدت إلى ارتكاب جريمة قتل تسببت في تفكيك عائلة بأكملها وانتشار الفضيحة بين الجيران وهذا ما تحكي عنه السيدة "مليكة" التي كانت عائلتها متماسكة وسعيدة إلى أن انقلبت حياتهم رأسا على عقب بعد ما قرر ابنها الزواج من إحدى الفتيات والتي كانت تحاول إغراء ابنها الصغير إلى أن أوقعته في فخ ارتكاب الزنا معها، وبالرغم من أنها لاحظت تصرفاتها غير اللائقة وتقربها من ابنها، إلا أنها قررت إخفاء الأمر خوفا من إثارة المشاكل داخل أسرتها، وبعد ما غادرت لزيارة أقاربها استغلت زوجة ابنها انشغال ابنها في عمله وغيابها عن المنزل، ومارست الفعل المخل بالحياء مع الإبن الصغير، وقد كشف أمرها بعد ما عاد زوجها فجأة من عمله دون علمها فوجدها متلبسة برفقة أخيه، وما زاد من صدمته أن أخاه هو من قام بخداعه، وهذا ما أثار غضبه ودفعه إلى قتلهما معا حسب قولها، وتضيف أنها تعيش في حالة نفسية سيئة بعد ما ضاع مستقبل ابنها بسبب قضائه عقوبة السجن مدى الحياة إضافة إلى فقدانها لابنها الصغير وانتشار الفضيحة بين جيرانها. الشرطة تكثف من دورياتها للقضاء على ظاهرة ارتكاب الزنا يقول "كمال.س" ضابط بالشرطة القضائية: "إن الشرطة تقوم بدوريات في المناطق التي يقصدها بعض الأشخاص برفقة صديقاتهم كالغابات أو حدائق التسلية أو حتى شواطئ البحر لممارسة أفعالهم المخلة بالحياء في الخفاء، ويتم إلقاء القبض عليهم، في حالة ما إذا كانوا في وضع حرج يرتكبون جريمة الزنا، ومن جهتها تتكفل الشرطة الخاصة بالآداب بإجراء تحريات عن الوضعية الخاصة بالفتاة أو المرأة المرتكبة للزنا فإذا كانت قاصرا يتم استدعاء أفراد من عائلتها، أما إذا كانت متزوجة فيتم استدعاء زوجها بعد التحقيق معها ومعرفة جميع المعلومات الشخصية، ويتم إثبات الوضعية المخلة بالحياء التي وجدت عليها عند القبض عليها كدليل أو إثبات على إدانتها على ارتكابها الزنا، ويتم تحويل ملفها إلى المحكمة التي تضع جلسة يقرر من خلالها القاضي جلسة تحاكم فيها الزوجة، وحتى صديقها الذي ارتكب الزنا معها، وتكون غالبا عقوبة المرأة المتزوجة أشد من الفتاة العزباء، لأنها تدخل في نطاق الخيانة الزوجية، وغالبا ما يقرر الأزواج الطلاق من زوجاتهم، وتحرص الشرطة على حماية الزوجة، لأن أغلب الأزواج ينتابهم الغضب ويحاولون الاعتداء بالضرب على زوجاتهم داخل مركز الشرطة، وأغلب الحالات التي تم إلقاء القبض عليها هن فتيات قاصرات برفقة أصدقائهن، وهناك نسبة قليلة من المتزوجات اللواتي تم إلقاء القبض عليهن في وضعية مخلة بالحياء. وخلال سنة 2011 بلغ عدد النساء اللواتي تم إلقاء القبض عليهن متلبسات واللواتي ارتكبن فاحشة الزنا حوالي 170 في الجزائر العاصمة، والمناطق المجاورة بمساعدة فرقة الدرك الوطني التي تعمل على مداهمة المناطق المعروفة التي يقصدها بعض الشباب في استغلال الفتيات القاصرات لممارسة جريمة الزنا ويتم حتى إبلاغ عائلة الشاب الذي مارس فاحشة الزنا، وإذا لم تكن لديه عائلة يوضع رهن الحبس الاحتياطي إلى حين محاكمته". ديننا الحنيف يعتبر فاحشة الزنا من الكبائر يقول الدكتور "عبد الله بن عالية" أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الخروبة: "إن فاحشة الزنا من الظواهر غير الأخلاقية التي أصبحت منتشرة بشكل كبير في مجتمعنا، والسبب الرئيسي في تفشيها هو غياب الوازع الديني، إضافة إلى ابتعاد الشخص عن تعاليم دينه وقيمه الإسلامية. وبالرغم من أن الإسلام حث على الابتعاد عن المحرمات، إلا أنهم يتخلون عن قيمهم ويقعون في المحظور بارتكاب علاقات غير شرعية خارج نطاق الزواج، وتعتبر فاحشة الزنا من المحرمات وهي من الكبائر، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى عقوبة مرتكبي الزنا: "ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا". الإسراء 32. وقال تعالى "والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما". الفرقان. وقال: "الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين". النور. وقد بدأت الآية بالزانية قبل الزاني، لأن ارتكاب فاحشة الزنا من المرأة عقوبته في الإسلام أكثر من الرجل، لأن في ذلك انتهاك للحرمات واختلاط للأنساب، خاصة بعد ما ينتج عن العلاقة طفل غير شرعي بدون هوية يكون ضحية لأخطاء الكبار الذين أصبح همهم الوحيد هو قضاء رغباتهم الجنسية أو كسب المال دون احترامهم لعاداتهم أو دينهم الإسلامي، وقد تسببت هذه الفاحشة في خراب البيوت وتشريد العائلات، إضافة إلى انتشار الأمراض وارتكاب جرائم الدفاع عن الشرف مما يؤدي إلى انتشار الفساد داخل مجتمعنا. فارتكاب فاحشة الزنا هي إثم ومعصية وانحراف عن القيمة السليمة، وفي حالة ارتكاب أحد الزوجين لفاحشة الزنا مع علم أحدهما وبقاء أحدهما مع الزوج الزاني أو العكس، فإن ذلك محفوف بخطر تحول الزوج إلى ديوث يرضى بالدياثة وانتشار الفاحشة بين أهله، وإن كان الزاني هو الزوج فبقاء زوجته معه محفوف بتحولها إلى ديوثة توافق بالحياة مع زوج زان، والإجراء الأمثل هنا بعد ثبوت جريمة الزنا هو الملاعنة، كما تحدثت سورة النور، والملاعنة تؤدي إلى طلاق مؤبد ويحرم العودة بعد الملاعنة. والإجراء الآخر هو البقاء واستمرار العلاقة إذا حدثت التوبة النصوح والاعتذار مع وضع الشروط للآخر لتحقيق هذه التوبة، وبما يضمن عدم العودة إلى هذه الكبيرة المنكرة مع الوضع في الحسبان أنه إذا تمت الملاعنة والفراق، وكان هناك أولاد فإنهم سيعانون أشد المعاناة، حيث أن المجتمع يعير هؤلاء الأولاد بخطيئة الأب أو الأم فيصبح كيان الأسرة في طريقه للضياع، كما أن ضعف الإيمان هو السبب في ارتكاب الشخص للمحرمات والشبهات بكل سهولة، ولذلك فلا بد من تمسك الإنسان بدينه ومعرفة تعاليمه الإسلامية إضافة إلى تزكية النفس وضبطها والابتعاد عن الشبهات في الفعل واحترام المرأة والحفاظ على كرامتها وشرفها". القضايا المتداولة بالمحاكم وقوانين خاصة بارتكاب جريمة الزنا يقول الأستاذ "محمد.ب" محام لدى مجلس قضاء الجزائر: "أصبحت جريمة الزنا ترتكب بشكل كبير بسبب قانون تقييد زواج الرجل مرة أخرى بموافقة الزوجة الأولى حتى وإن كانت لديه مشاكل مع زوجته، وهذا ما ساهم في ارتكاب بعض الرجال لأفعال غير أخلاقية بطريقة غير شرعية بارتكابهم لفاحشة الزنا، وقد تسبب ارتكاب الزنا في ظهور العديد من المشاكل ومن بينها ارتفاع قضايا الأطفال بدون نسب، وزيادة نسب الطلاق بعد ما تعلم الزوجة أن زوجها يرتكب الزنا مع أخرى، أو أن الزوج يكتشف أن زوجته ترتكب الفعل المخل بالحياء مع شخص آخر، إضافة إلى ارتفاع نسبة جرائم الشرف، ومن بين القضايا التي ترافعت فيها في محكمة حسين داي وتعود أحداثها بعد أن قامت إحدى الزوجات برفع قضية على زوجها بعد ما وجدته مع جارتها المطلقة يرتكب فاحشة الزنا داخل بيتها، وقد كان لديها شهود من جيرانها قاموا بتأكيد الأمر للقاضي مما جعله يحكم عليهما بالسجن لمدة سنتين بعد ما طالب وكيل الجمهورية بتسليط أقصى العقوبة عليهما". قضية أخرى تعود وقائعها إلى قيام شخص بارتكاب جريمة دفاعا عن الشرف بعد ما استغلت زوجته غيابه في العمل، وقامت بارتكاب الزنا مع أحد أصدقائه، وعندما عاد فجأة من عمله دون علمها وجدها برفقة صديقه متلبسة في بيته ترتكب الفعل المخل بالحياء معه، وبعد ما ثار قتل زوجته وصديقه معا ودفع الثمن بقضائه سنوات عمره خلف القضبان، حيث حكم عليه ب20 سنة سجنا". واقعة أخرى جرت أحداثها في إحدى العائلات بعد ما قامت إحدى الزوجات بارتكاب زنا المحارم، وتسببت في وقوع جريمة قتل بسببها، وقد حدثت بأحد الأحياء الشعبية بعد ما قامت زوجة بارتكاب الفعل المخل بالحياء مع الأخ الصغير لزوجها، مستغلة غيابه عن المنزل، وبعد ما عاد زوجها فجأة وجد زوجته متلبسة ترتكب الزنا برفقة أخيه فقام بارتكاب جريمة شرف وقتل زوجته وأخيه وقد حكم عليه القاضي بالسجن لمدة عشرين سنة". قضية أخرى ارتكب فيها أحد الإخوة جريمة دفاع عن الشرف في منطقة تيبازة وجرت وقائعها بعد ما وجد شخص أخته ترتكب فاحشة الزنا مع أحد أبناء حيه، وهذا ما جعله يقوم بتوجيه عدة طعنات له إضافة إلى أنه قام بوضع نهاية لحياة أخته وقد حكم عليه القاضي بالسجن لمدة عشرين سنة. أما بالنسبة للقوانين الخاصة باقتراف جريمة الزنا التي تعني كل اتصال جنسي أو معاشرة جنسية بين شخص متزوج وشخص آخر أيا كان هذا الشخص، وأيا كان نوع هذا الاتصال الجنسي، فالقانون يجرمه ويوقعه تحت طائلة جناية، فقانون العقوبات يشترط لاكتمال أركان جريمة الزنا أن يتم ضبطها في حالة تلبس أو اعتراف أو ثبوت مع واقع شهادة الشهود والمعاينة والفحص والتحليل في حالة عدم التلبس أو الاعتراف، أما إذا لم يحدث ضبط تلبس الجريمة ولم يعترف المتهم أو المتهمة وسقط أحد أركان دعوى الزنا فلا يكون هناك جريمة يحاسب عليها الجاني قانونا، كما يستطيع الزوج أو الزوجة المجني عليه أو عليها أن يتنازل عن حقه في مقاضاة الطرف الجاني حفاظا على الأولاد والسمعة ودرءا للفضائح بشرط أن تستأنف الحياة الزوجية بينهما مرة أخرى سواء تم هذا التنازل في بداية إجراءات التقاضي، أم أثناء السير في دعوى الزنا، كما يستطيع الطرف المجني عليه أن يرفع العقوبة على الطرف الجاني حتى ولو صدر حكم نهائي في الدعوى إذا قدم ما يثبت قيامهما بالمصالحة وهو استئناف الحياة الزوجية، وقد وردت في القانون الجزائري مادة تقضي بالحبس من سنة إلى سنتين على كل امرأة متزوجة يثبت ارتكابها جريمة الزنا، وتطبيق العقوبة ذاتها على كل من ارتكب جريمة الزنا مع امرأة يعلم أنها متزوجة وفي هذا الصدد فالقانون يعاقب الزوج الذي ارتكب الجريمة بالحبس سنة أو سنتين، وتطبق العقوبة ذاتها على شريكته، في حين لا تحدد الإجراءات إلا بناء على شكوى الزوج المتضرر". أسباب اجتماعية ونفسية ساهمت في انتشار فاحشة الزنا تقول الدكتورة "نبيلة صابونجي" مختصة في علم النفس الاجتماعي: "إن مجتمعنا عرف انتشارا كبيرا للظواهر غير الأخلاقية بعد ما أصبح المال يطغى على القيم، وأصبح بعض الأشخاص يتخلون عن عاداتهم وقيمهم الاجتماعية بكل سهولة من أجل الحصول على المال، إضافة إلى هشاشة التربية والقيم الأخلاقية، وتتمثل أسباب ارتكاب فاحشة الزنا في ضعف التنشئة الاجتماعية وتقليد العادات الغربية الخارجة عن معتقداتنا الإسلامية إضافة إلى انتشار الفقر الذي يدفع ببعض النساء إلى ارتكاب فاحشة الزنا مقابل الكسب السريع للمال، وقد ساهمت هذه الفاحشة في انتشار جرائم القتل إضافة إلى إهمال أحد الزوجين للآخر وانشغاله في العمل يتسبب في وجود فراغ عاطفي عند أحدهما مما يجعله يبحث عن الحنان خارج إطار الزواج لسد الفراغ الكبير لديه في إطار علاقة غير شرعية، وارتكابهم للزنا، كما أن بعض الأشخاص يجدون ارتكابهم للزنا مع أصدقائهم هو موضة تتماشى مع العصرنة يقلدون من خلال أفعالهم العادات الغربية، إضافة إلى أن تأخر الزواج دفع بعض الشباب إلى إقامة علاقات عابرة يقضون من خلالها غرائزهم الجنسية بعد ما تسبب تأخرهم في حدوث نقص كبير لديهم من الناحية العاطفية، كما أن انتشار المواقع والقنوات الإباحية يساهم في إثارة الشهوات إضافة إلى أن هذه الظاهرة تتسبب في انتشار مشاكل اجتماعية أخرى كتشريد الأسر بعد انتهاء العلاقة الزوجية بالطلاق وانتشار الفضائح الأخلاقية، كما أنها ساهمت في انتشار الأطفال اللقطاء الذين يكونون ضحايا أخطاء الكبار الذين يقيمون علاقة غير شرعية بعد ارتكاب أحد والديه لفاحشة الزنا وتؤدي إلى ولادة أطفال بدون هوية. ومن جهة أخرى هناك عوامل نفسية تؤدي إلى ارتكاب فاحشة الزنا. فهناك أشخاص يعانون من عقد نفسية ناتجة عن تنشئة خاطئة داخل أسرته فبعضهم يعانون من حرمان عاطفي داخل أسرهم نتيجة عدم الإشباع العاطفي فيحاولون البحث عنه بطريقة غير شرعية ومحرمة خارج نطاق العادات الاجتماعية، كما أن هناك من يعاني من عقدة نفسية اجاه النساء فيحاول الانتقام منهن بإقامة علاقات عابرة، ثم ارتكاب الزنا ليفقدهن أغلى شيء يمتلكنه وهو شرفهن لمجرد إخراج الحقد والضغينة التي يخفيها بداخله لمجرد الإساءة للمرأة، كما أن ارتكاب الشخص للزنا يتسبب في شعوره بعدم الثقة في النفس وقلق شديد إضافة إلى شعوره بالخوف من انتشار فضيحته بين المحيطين به، وشعوره أنه لا قيمة له بسبب ارتكابه أفعال خارجة عن عاداته، كما أنه يشعر باضطراب نفسي نتيجة شعوره بعدم الاستقرار النفسي، وتصاب الفتيات اللواتي يقمن علاقات عابرة ويقعن في فخ ارتكاب الزنا بعد ما يتلقين وعودا كاذبة بالزواج من بعض الشباب، ثم يخدعن بحالة نفسية سيئة، خاصة بعد ما يفقدن شرفهن بإرادتهن فيشعرن أنهن دون قيمة وأن حياتهن معرضة للخطر في أية لحظة لخوفهن من علم أحد أقاربهن بارتكابهن لفاحشة الزنا ويقمن بتحقير ذواتهن مما قد يجعلهن يعانين من حالة اكتئاب وإحباط شديد قد يؤدي إلى انتحارهن لفقدانهن الأمل في الحياة، وقد يكون السبب في ارتكاب فاحشة الزنا هو اضطراب الشخصية نتيجة وجود خلل نفسي مثل الأشخاص الذين تكون لديهم شخصية مضادة للمجتمع والتي لا تتورع عن القيام بمختلف الأعمال المضادة للقانون والأخلاق والتي يمكن لها أن ترتكب الزنا بشكل متكرر، كما أن هناك بعض الشباب يمتلكون نظرة سلبية عن المرأة ويعتقدون أنها سهلة المنال، وهو ما يجعلهم يقيمون علاقات مع فتاة، ثم يغيرونها بأخرى بعد ما يستعملون وسيلة الخداع بإيهامهن أن علاقتهم ستنتهي بالزواج، ثم يغيرها بأخرى بعد إفراغ مكبوتاته الجنسية في جسدها لاعتبارها مجرد وسيلة جسدية يلبي من خلالها رغباته، كما أن هناك بعض الرجال المتزوجين يحاولون إقامة علاقات جديدة مع مراهقات للإحساس بأنهم مازالوا في ريعان شبابهم ويمكنهم الاستمرار دوما في ربط علاقات غرامية بفتيات أخريات دون زوجته ويرتكبون فاحشة الزنا معهن، وهناك من يستغل ثراءه مستخدما إياه كوسيلة للإغراء، حيث تعتبر هذه الحالات مرضية تستوجب المعالجة النفسية، كما أن الإصابة باضطراب نفسي شديد يمكن أن يؤدي إلى سلوك جنسي غريب وغير متناسب مع طبيعة الشخص، كما أن هناك أشخاصا يحملون عقدا خاصة مرتبطة بالجنس أو العدوانية، أو من تعرضوا للإيذاء الجسدي أو الإهمال أو نقص في الرعاية في طفولتهم يمكن أن يتورطوا في سلوك جنسي خاطئ بسبب ضعف في شخصيتهم أو التهميش ونقص في الحنان، كما أن ممارسة المرأة لفاحشة الزنا أمام أولادها من شأنها أن تترك آثارا سلبية وخللا في التربية عليهم، وقد تقلد ابنتها أفعالها المخلة بالحياء وتسير على منوالها بارتكابها الزنا عندما تكبر معتقدة أنه شيء عادي".