مع بدء العام الدراسي يتوجه التلاميذ إلى مدارسهم وهم يحملون حقائبهم وأحلام أهاليهم في مستقبل واعد، وهي أحلام لن تتحقق إلا بتمتع فلذات الأكباد بصحة جيدة تعطيهم القدرة على الدرس والتحصيل، وهنا يبرز دور غذاء الطفل في المدرسة وانعكاساته على الطفل التي تمتد إلى شتى جوانب حياته. ويشكل انتشار الوجبات السريعة وتوافرها للأطفال مشكلة غذائية كبيرة، كما أن الأطعمة الفارغة وغير المغذية أيضا والتي أصبحت متاحة في المدارس تضطلع بدور سلبي آخر، ومن شأن ذلك أن يزيد من مخاطر تعرض الطفل لتسوس الأسنان، كما قد تشمل المخاطر زيادة الوزن والبدانة. ويحاول الكثيرون من الأهل التعبير عن حبهم لأبنائهم عبر ملء صندوق غذائه بشتى أنواع البسكويتات والفطائر والعصير، وأيضا من خلال إعطائهم مصروفا سخيا يمكنهم من شراء ما يشتهون في المدرسة، إلا أن ذلك قد لا يكون مفيدا لصحتهم، إذ قد يضر الأهل أبناءهم من حيث لا يشعرون، فالطريق إلى قلب الابن ليس عبر معدته، فالمعدة بيت الداء، سواء كان الأمر متعلقا بالأبناء أو بآبائهم. ويشرح الأستاذ المساعد في كلية طب وايل كورنيل في قطر الدكتور محمد فيرجي بأن هنالك العديد من العوامل التي تؤدي لبدانة الأطفال، تشمل تناول كميات كبيرة من السعرات الحرارية تتجاوز حاجة الجسم مما يؤدي لتكدس الفرق على شكل وزن زائد، واتخاذ خيارات غذائية خاطئة مثل شرب الكثير من العصائر المحتوية على السكر، وتناول الشيبس والأطعمة المقلية، لافتا إلى أن هذه الأطعمة أصبحت في متناول يد الأطفال وخاصة في بعض المدارس. ويؤكد الدكتور فيرجي في حديثه، أن ضعف التركيز على النشاطات البدنية في المدارس يجعل الأطفال خاملين جسديا ولا يمارسون المقدار الكافي من الرياضة، وهذا يزيد من مخاطر إصابة الطفل بالبدانة، كما أن طبيعة الجو والبيئة المحيطة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، قد يعيق خروج الطفل ولعبه في الهواء الطلق ويبقيه لفترة أطول في المنزل. ويلفت فيرجي -وهو استشاري طب الأسرة في مؤسسة حمد الطبية- إلى أن تناول الطفل للأكل بسرعة يشكل عامل خطورة آخر لزيادة الوزن، إذ إن الدماغ يحتاج عادة إلى عشرين دقيقة ليبدأ بإرسال إشارات الإحساس بالشبع، وهذا يتطلب أن يأكل الطفل ببطء حتى لا يفرط في تناول كمية كبيرة من الطعام قبل أن يبدأ دماغه بإرسال إشارات الشبع. الغذاء الصحي ينعكس إيجابا على صحة الطفل وينصح الاستشاري الأهل بتعويد الأطفال على عادات غذائية صحية، تبدأ بأن يكونوا هم قدوة لهم في الأكل والنشاط، وذلك عبر اختيار الفواكه مثلا كوجبات يومية وشرب الحليب والابتعاد عن المشروبات الغازية والسكرية. بالإضافة إلى التحكم في حجم الحصص المقدمة للطفل وخاصة عندما يتعلق الأمر بالأغذية التي تحتوي على مقدار كبير من السعرات الحرارية كالكعك والشوكلاتة مثلا. كما يؤكد فيرجي على ضرورة مراقبة الغذاء في المدرسة والانتباه لما يقدم للطفل عبر الفصول الدراسية في إطار ما يسمى بالإطعام المدرسي، وهنا يفضل أن يتم تحضير وجبة المدرسة في البيت من قبل الأهل، بحيث تكون وجبة صحية ومغذية، مما يغني الطفل عن شراء الأغذية غير المناسبة في المدرسة، وينبه فيرجي إلى أمرين متعلقين بسلوك الطفل، الأول هو ضرورة عدم استعمال الطعام أو الشراب كوسيلة تحفيز أو جائزة، وفي نفس الوقت يجب عدم إجبار الطفل على تناول الطعام عنوة. والثاني ضرورة مراقبة مصروف الجيب والتعامل معه بذكاء، إذ قد يصرفه الطفل على الغذاء غير الصحي كالشيبس والشوكلاطة والعصير، خاصة مع ضغط الترويج الإعلاني لهذه الأغذية والتي يدمن عليها الطفل كسموم تهتك بالصحة.