هنا لابد من الإشارة إلى مفارقة في معنى كلمة التوكل، وكلمة التواكل، فليست الأولى كالثانية، فالتوكل هو الفاعلية والحيوية والعطاء، بينما التواكل يعني التقاعس والخلود إلى الراحة والنوم والجلوس في البيت، ومن هذا التواكل ما يعكسه لنا القران على لسان قوم موسى في قوله: (قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ماداموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون)(9)، وهذا المنطق مرفوض في الإسلام والقرآن، فشتان ما بين المعنيين، التوكل والتواكل. شبهة التوكل والتواكل لقد أثار خصوم الإسلام شبهة أن الإسلام دين يدعو إلى الكسل والتقاعس وعدم العمل، والركون إلى التوكل على الله، وأنه دين يعكس على أتباعه آثاراً سلبية تتمثل في حمل الأفراد على التثاقل والتواكل والكسل والتعلق بأهداب الغيب والعيش في الخيال بعيداً عن الواقع، فهو يقوم على الاعتقاد بأن كل شيء مكتوب في علم الله قبل وقوعه وحدوثه، وأن هذا التصور يجعل المسلم مسلوب الإرادة، منزوع الفعل ينتظر الغيب المحتوم عليه مجبر، فلماذا يعمل؟؟ وهذه الشبهة ليست جديدة وإنما تتجدد مع الزمن لتظهر في كل عصر بثوب جديد. وردُّ هذه الشبهة يكمن في أن من أثارها أساء فهم عقيدة الإيمان بالغيب والقضاء والقدر، وحصل لديه لُبْسٌ بين التوكل والتواكل. فالتواكل يعني الاعتماد على الله تعالى في تحصيل النتائج دون الأخذ بالأسباب خلافاً لمعنى التوكل الذي دعا إليه الإسلام وهو الاعتماد على الله تعالى في حصول النتائج بعد الأخذ بالأسباب في العمل، وهو المعنى الذي حثّت عليه نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ودليل ذلك. أولاً: القرآن الكريم: ربطت الآيات الكريمة الإيمان بالعمل، واعتبرت العمل الصالح شرط للإيمان في أكثر من سبعين موضعا، والعمل كلمة جامعة تشمل كل جهد إنساني تصلح به الدنيا وينتفع به الفرد والمجتمع ومن ذلك قوله تعالى (والعصر إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا وعلموا الصالحات)، وقوله: (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات) وقوله عز وجل: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) وقال أيضاً: (فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه) وغيرها الكثير فالعمل والمشي المطلوب في الآيات الكريمة يُنافي التواكل والتقاعس والقعود. ثانياً: السنة النبوية: أكدت السنة النبوية الشريفة على العمل والأخذ بالأسباب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة والنار، فقيل يا رسول الله: أفلا ندع العمل ونتكل على الكتاب؟، فقال: لا، اعملوا، فكلٌ ميسر لما خُلق له) رواه البخاري. وقال في حديث آخر: (اعقلها وتوكل)، وقال أيضاً: (أطيب الكسب عمل الرجل بيده وكل بيعٍ مبرور) السيوطي، وقال: (تداووا عباد الله، فإن الله تعالى لم يضع داء إلا وضع له دواء..) فالإقبال على الأخذ بالأسباب واجبٌ شرعي، فمن أراد الكسب الشريف سعى له، ومن أراد الذرية تزوج، ومن أراد النجاح درس، ومن أراد الشفاء أخذ الدواء. ثالثاً: إن الإيمان بالغيب والقدر خيره وشره، والاعتقاد بأن كل شيء مُقدَّر ومكتوب لا يتصادم مع وظيفة الإنسان في الحياة من ضرورة الإعمار والاستخلاف، فقد ردَّ الإمام أحمد بن حنبل عندما احتجَّ قوم بالتواكل مستندين على حديث (لو أنكم توكلتم على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدوا خماصاً وتروح بطاناً) رواه أصحاب السنن، فقال: أي شيءٍ هذا غير العمل (تغدو وتروح). وأكدّ هذا المفهوم سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقوله: (لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق يقول اللهم ارزقني وقد علم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة). ألم تر أن الله قال لمريم وهزي إليك الجذع يسَّاقط الرطب ولو شاء أن تجنيه من غير هزه جنته ولكن كل شىء له سبب [ مجلة الإخاء العدد 193 في أبريل 1971 م بقلم محمد على رزم آشين] والموضوع طويل يراجع في (إحياء علوم الدين) للإمام الغزالي ج 4 ص. .... زعيم السنة في إيران يدعو لبث الآذان السني على التلفزيون دعا أحد كبار علماء السنة في إيران الشيخ مولانا عبد الحميد، رئيس الإذاعة والتليفزيون الجديد، محمد سرفراز، إلى السماح لبث الآذان وفق المذهب السني عبر القنوات التلفزيونية التي تبث من مناطق ذات الغالبية السنية. وقال إمام مدينة زاهدان جنوب شرق إيران ذات الغالبية السنية في رسالة بعثها لرئيس هيئة الإذاعة والتليفزيون الذي عينه المرشد الأعلى علي خامنئي الأسبوع الماضي حسب ما جاء بوكالة إرم الاخبارية (نتمنى أن يسمح لنا ببث الآذان السني على التلفزيون). وأضاف زعيم السنة في إيران بأن (التلفزيون ووسائل الإعلام لجميع الإيرانيين بمختلف مذاهبهم ومن هذا المنطلق نطلب بث آذان أهل السنة في المناطق التي يتواجدون فيها بشكل كبير). كما دعا الشيخ مولانا عبد الحميد رئيس الإذاعة والتليفزيون إلى اختيار مستشارين ومعاونين له من أهل السنة. والجدير بالذكر أن أهل السنة تشكل في إيران حسب إحصائيات غير رسمية نحو عشرة ملايين من أصل 78 مليون إيراني.