يعتبر الزواج واحدا من أكثر العلاقات الإنسانية قداسة على وجه الأرض، لما فيه من أواصل المودة والحب بين الزوجين، وقد أحل الله للرجل أن ينكح أكثر من زوجة بل له الحق في أربعة شريطة أن يعدل بينهنَ، إلا أن التعدد بالنسبة للمرأة يعني دوس كرامتها وإهانتها لذلك تفضل الكثيرات الطلاق من الرجل على أن يأتيها بزوجة ثانية وثالثة، إلى هنا تبدو الأمور عادية لأن هذه الفكرة معروفة عند العام والخاص منذ القدم، لكن الجديد في الأمر أن تقود بعض الأطراف السياسية حملات فايسبوكية تناشد النساء أن يسمحنَ لأزواجهن بتعدد الزوجات. عتيقة مغوفل قامت مؤخرا السيدة نعيمة صالحي، رئيسة حزب العمل والبيان، بشنَ حملة على الفايس بوك تحث فيها النساء على السماح لأزواجهنَ بتعداد الزوجات مثنى وثلاث ورباع لأنَها رخصة من رخص الله عزوجل التي خص بها الرجل، وقد لقيت هذه الحملة ردود أفعال كثيرة ما بين المرحّبة للفكرة والرافضة لها. نعيمة صالحي تفتح باب الجدل.. نشرت السيدة نعيمة صالحي في الأيام القليلة الماضية بيانا على صفحتها عبر شبكة التواصل الاجتماعي الفايسبوك، تحث فيه الرجال على ضرورة تعدد الزوجات من جهة وتقنع النساء من جهة أخرى على ضرورة قبول الأمر، معتبرة ذلك حقا من حقوق الرجل التي شرعها الله له، فحسبها أجازت الشريعة تعدد الزوجات عندما يكون للزوج مطلب ملح لا يستطيع أن يؤديه أو يحصل عليه من زوجة واحدة. لكن التعدد أوجب شروط على الزوج أولى هذه الشروط أن يحقق العدالة بين الزوجة الأولى والثانية والثالثة وبين كل زوجاته، وأن يكون له المقدرة المالية على الإنفاق بمعنى إذا أنفق على زوجته الأولى ألف دينار ينبغي ألا ينقص سنتيما واحدا في حق الثانية، وهكذا بالنسبة للأخريات إذا كان متزوجا بأكثر من اثنتين، لذلك فإن تعدد الزوجات هو الرخصة وليس حقا، وهذه الرخصة لا تمارس إلا إذا توفرت ضوابطها وشروطها، ومن الملاحظ أن شرط العدالة من الشروط المتعذر تحقيقها، إذا الواقع يكشف على أن الزوج قد يميل في الغالب إلى إحدى الزوجات على حساب الأخرى، والقرآن الكريم أشار إلى أن العدل مطلب صعب بل يصل إلى درجة الاستحالة في ظل تراجع الوازع الديني، وهو ما دل عليه قوله تعالى _ ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم _، والمقصود ب (لن)صعوبة تحقيق العدالة في الحال والمستقبل، الأمر الذي يكشف أن الزواج في الإسلام ليس الأصل فيه التعدد وإنما هو رخصة تستخدم في حالة عدم توافر بعض الشروط في الزوجة الأولى. وقد رأت السيدة صالحي أن الأمر يحتاج إلى توعية الشباب بشروط التعدد وليس إصدار قانون يجرم هذا الأمر، وأن تقنن عملية التعدد بأن تتم مثلا عن طريق القضاء، وأن يتم وفق شروط وضوابط تحدد هذا الأمر، كالعدالة بين الزوجات وتحقيق مستوى معيشة متساوي فيما بينهن. فتعدد الزوجات بالنسبة لنعيمة صالحي تطبيق لشرع الله أولا، وثانيا حل لمشاكل كثيرة ظهرت بمجتمعنا، فبالتعدد تفتح بيوتا للنساء الأرامل وللمطلقات، ولا نحرم العوانس من تكوين أسرة وتحقيق حلم الأمومة، وحتى بعض الشابات الصغيرات يفضلن الارتباط بمتزوج، وتجدر الإشارة أن نعيمة صالحي من أنصار التعدد منذ 2005 وطرحت أسئلة في البرلمان، ورفضت قانون الأسرة الجديد الذي قيد الرجل في الزواج بأخرى. سيدات يرفضن بشدة.. ولكن على ما يبدو أن هناك بعض الأطراف السياسية التي رفضت بيان السيدة نعيمة صالحي رئيسة حزب العدل والبيان، جملة وتفصيلا، وعلى رأسهم السيد أحمد قوراية رئيس حزب جبهة الشباب الديمقراطي، فحسبه رغم أن الإسلام أباح ذلك إلا أنه لا توجد امرأة تقبل أن تشارك زوجها مرأة أخرى إلا إذا كانت تعاني من مشاكل صحية أو نفسية، فحسب السيد قوراية من يتحدث عن تعدد الزوجات يجب أن يبدأ بنفسه، لأن مثل هذه المواضيع من شأنها أن تحدث مشكلا اجتماعيا عويصا، قد تكون له آثار وخيمة حتى على الصعيد الاقتصادي. لم يكن أحمد قوراية رئيس حزب جبهة الشباب الديمراقراطي الوحيد الذي رفض الفكرة، فقد قامت (أخبار اليوم( بجس نبض بعض المواطنين الجزائريين حول البيان الذي نشرته السيدة نعيمة صالحي على صفحتها في الفايس بوك، وقد كانت أول من قابلناها السيدة (نورهان) صاحبة32 ربيعا متزوجة منذ 6 سنوات وأم لطفلين التي رفضت الفكرة التي جاءت بها نعيمة صالحي رفضا قاطعا، معتبرة اقتراحها مساسا بكرامة المرأة وإهانة لها، لأن الله عزوجل سمح للرجل بتعداد الزوجات في حالات خاصة وليس التعداد من أجل تلبية غريزته الجنسية فقط. ولم تكن السيدة نورهان الوحيدة التي عارضت فكرة السيدة صالحي فحتى العنصر الرجالي أيضا عارض فكرتها، وهو حال السيد (حميد) صاحب 54 ربيعا، معتبرا أن حثها على تعداد الزوجات يعني خراب العديد من البيوت الجزائرية، فالنساء ناقصات دين وعقل بالفطرة ولن يقتنعن بهذه الفكرة أبدا إلا إذا كانت للرجل أسباب مقنعة كمرض الزوجة أو وفاتها، غير ذلك كل زوج يعرض على زوجته الزواج من ثانية فسيلقى منها طلب الطلاق بسبب غيرتها عليه، وبالتالي فإنه سيخرب بيتا قبل أن يعمر آخر.