قلّما نعرف عن واقع حال المسلمين الإيغور في الصّين، أو ما يُعرف بأهل تركستان الشرقيّة، ولكنَّ البعض من الحقوقيّين، ومن على منابر عديدة في العالم، يتحدَّث عن ممارساتٍ تقوم بها السّلطات الصينيَّة، من أجل طمس الهويَّة الدينيّة والعرقيَّة والثقافيَّة للمسلمين. والإيغور قوميَّة من آسيا الوسطى، اعتنقت الإسلام منذ القرن العاشر الميلادي، ويعيش أغلبها في إقليم سنغيانغ ، الَّذي كان يسمّى تركستان الشرقيّة قبل ضمّه إلى الصّين. وهي أقلّية تمكّنت من إقامة دولةٍ بقيت صامدةً على مدى عشرة قرون، قبل أن تنهار أمام الغزو الصيني في العام 1759، ثم العام 1876، وتُلحق نهائيّاً بالصّين في العام 1950. ويطالب المسلمون في الصّين بحريّتهم الدينيّة والثقافيّة، ويرفضون أيّ ممارسات تضغط عليهم، وتحرمهم من هذه الحقوق، في حين أنّ السلطات لا تجدّ للسير في هذا المنحى، وتتّبع سياسات صارمة تعكس بتردّداتها تشنّجاً في الواقع، ويظهر ذلك من خلال حملات مسيئة إلى المسلمين بين الحين والآخر؛ حملات يتمنّى المسلمون ألا تكون موجودة، وأن ينعم الجميع بفضاءٍ من الحرية، ويمارسوا شعائرهم بعيداً عن التّضييق والملاحقة. وآخر صيحات هذه الحملات ضدّ المسلمين، تعليق صور ولافتات فيها كلمات وعبارات تسيء إليهم، وتبرزهم على أنهم إرهابيون، وهذه الصور لا تبرز البتّة أياً من روحيّة الإسلام وسلوكيّات المسلمين المتأصِّلة. وبات الإرهاب تهمةً جاهزةً تلصق بمسلمين لا دخل لهم بإرهاب بعيدٍ وغريب عن دينهم؛ دين السّلام والمحبّة والاحترام، حتى إنّ هذه الحملات خلّفت صدمة لدى الصينيّين الذين ينشطون على مواقع الأنترنت . وفي الأمس القريب، منعت السّلطات المسلمين من ممارسة الصّيام. واليوم، يطلق العنان للمخيّلة في الإساءة إلى مسلمين لهم حضورهم وتاريخهم في إغناء الحضارة الصينيّة، وكان لهم المساهمة الفعّالة في بنائها. البعض يتمنّى أن يتمَّ التركيز على مساهمات المسلمين الحضاريّة في التراث الصّيني، بدل الإساءة إليهم، فذلك لا يخدم أحداً، بل يعمل على خلق مناخات التفرقة والتمييز والعنصرية التي لا يتمنّاها في أيّ إنسان يؤمن بالتّلاقي والأخوّة والتعايش السلمي والحضاري بين الناس.