كشفت مصادر محايدة عن بوادر أزمة تلوح في أفق العلاقات الجزائرية السعودية بعد سنوات من الهدوء الذي أعقب أزمة التسعينات، والسبب انزعاج الرياض من حقائق أوردها الأمين العام للافلان عمار سعداني لا تخفى على احد في مجال الطاقة البترولية، هذا الأخير اتهم السعودية بالتأمر على دول في الأوبك من بينها الجزائر والتسبب في تهاوي أسعار النفط الذي يعتبر مصدر قوت الجزائريين. وكشفت صحيفة الأخبار اللبنانية نقلا عن مسؤول مقرب من رئاسة الجمهورية أن وزير الدولة مدير ديوان الرئاسة، أحمد أويحيى، التقى السفير السعودي لدى الجزائر، محمود بن حسين قطان، في مقر الرئاسة لأكثر من ساعة، للاستفسار عن تصريحات الأمين العام للافلان. ولفت المصدر إلى أنه رغم أن الحادثة لم تصل إلى مستوى أزمة ديبلوماسية بين الجزائروالرياض، باعتبار أنها صدرت عن مسؤول سياسي لا يشغل أي منصب رسمي، إلا أنها حركت الدبلوماسية السعودية بقوة، التي احتجت على الجزائر سراً ، مبرزاً أن السفير السعودي في الجزائر لم يقتنع بتبريرات مدير ديوان الرئاسة احمد أويحيى . وأضافت الصحيفة اليسارية اللبنانية الواسعة الانتشار نقلا عن مصادر مسؤولة أن السلطات السعودية طلبت من مصالحها الدبلوماسية في الجزائر الحصول على توضيحات وتفاصيل تتصل بهذه الاتهامات الصادرة عن المسؤول الأول في حزب يمثل الواجهة السياسية للسلطة ، مشيراً إلى أن هذه الاتهامات تشكل حالة من الالتباس السياسي في المواقف الرسمية للجزائر إزاء السعودية، ويشوش على مواقف الاحترام المتبادل بين البلدين، ويطرح أكثر من سؤال، خاصة أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة حريص على العلاقة الجيدة مع السعودية بالنظر إلى ثقلها السياسي والاقتصادي العربي. و في السياق تساءلت وسائل اعلام سعودية عن مدى تأثير اتهامات سعداني على اقتصاد البلدين، على اعتبار أن وزير التجارة والصناعة السعودي، توفيق بن فوزان الرابية، لدى زيارته للجزائر أخيراً، قال إن رجال الأعمال السعوديين مستعدون لاستثمار أكثر من ملياري دولار خلال أربعة أشهر في الجزائر، مؤكدا أن الطرف السعودي يتطلع لرفع حجم المبادلات التجارية بين البلدين. وقابله حينها وزير المالية محمد جلاب، بالقول إن البلدين عازمان على تنويع علاقاتهما الاقتصادية عبر تطوير الاستثمارات السعودية في الجزائر، وتمتين العلاقات بين رجال الأعمال السعوديين والجزائريين، مشيراً في خصوص تراجع أسعار النفط، إلى أن الاقتصاد الجزائري تمكن خلال السنوات الماضية من تكوين آليات قادرة على التصدي للصدمات الخارجية، إلا أن انعكاسات هذه الأوضاع على السوق تبقى قائمة. هكذا رد الآفلان على الادعاءات السعودية هذا ونفى الناطق الرسمي للافلان، السعيد بوحجة، في تصريح لذات الصحيفة التي أوردت الخبر أمس ما جرى تداوله أخيراً بشأن تلقي المكتب السياسي للحزب مراسلة واستفسار من طرف السعودية، على خلفية التصريحات التي أدلى بها سعيداني. وشدد بوحجة على أن موقف سعداني سياسي وليس موقف دولة، ولفت إلى أن الخطاب لم يكن بقصد توجيه اتهامات للسعودية بقدر ما كان تنبيهاً صريحاً للشعب حول الأخطار التي تحيط بالجزائر، بعد أن عرفت أسعار البترول تراجعاً، وهو الأمر الذي من شأنه أن يقود إلى حالة من الغليان، في ظل الحديث عن احتمال تخلي الحكومة عن المشاريع الكبرى، والتقليل من الرواتب. وأشار إلى أن الجزائر تربطها علاقات أكثر من طيبة مع السعودية، بحكم المشاريع المجسدة بين البلدين، وأكد أنه لا داعي لخلق أزمة بين البلدين . للإشارة دعا سعداني، في كلمة له في تجمع شعبي نهاية الأسبوع الماضي، كل الأحزاب السياسية والشعب الجزائري إلى حماية الوطن من مؤامرة غربية تنفذها السعودية، وذلك بخفض أسعار النفط لتجويع شعوب هذه الدول، التي لم يتمكن الغرب من التدخل فيها عسكرياً ، وتابع متسائلاً عن سر هذا الانخفاض، في وقت كان يجب أن ترتفع فيه، بالنظر إلى ما يحدث من حروب في عدة مناطق حساسة .