شهدت مدينة غرداية، في الأسابيع الأخيرة، عودة الهدوء إلى أحيائها بعد مرور سنة على الأحداث الأليمة التي عاشتها المنطقة، خصوصا في أحياء سهل وادي ميزاب وبريان والفرارة. استأنفت وسائل النقل الحضري وسيّارات الأجرة حركتها العادية عبر مختلف الأحياء، ممّا يؤشّر إلى عودة تدريجية لحركة المرور التي عادت إلى ازدحامها واختناقها المعهود، كما لوحظ في هذه الأسابيع الأخيرة على مستوى بعض الطرقات وسط غرداية. واستأنف النشاط الاقتصادي والتجاري بشكل عادي، حسب ما لوحظ، لكن الأمر ما يزال يتطلّب بضعة أيّام أخرى إن لم نقل أسابيع حتى يعود التجّار والحرفيون لينشطوا بوتيرتهم المعهودة عبر سوق الساحة المركزية لغرداية التي لا يتوانى أيّ زائر تطأ قدمه غرداية في زيارتها، كما أوضح الحاج عمر أحد أعيان غرداية، كما زاول تلاميذ المدارس الابتدائية والمتوسّطات والثانويات دراستهم بشكل عادي خلال الثلاثي. وقد تدخّلت السلطات لإرساء السلام في هذه المنطقة وتقرّر توزيع بشكل (عادل ومتساوي) ل 30 ألف قطعة أرض موجّهة للبناء الذاتي عبر مجمل بلديات الولاية، وقرّرت السلطات العمومية كذلك التكفّل بإعادة تأهيل السكنات والمحلاّت التجارية التي تمّ إحراقها من خلال منح إعانة من أجل التخفيف عن الضحايا المتضرّرين من أعمال العنف، وكذلك إعادة تأهيل أكثر من 500 سكن بتكلفة تقارب ال 475 مليون دج ببلديات كلّ من الفرارة وبريان وغرداية، وما تزال العملية جارية لمحو بشكل نهائي مخلّفات تلك الأحداث الأليمة، حسب ما أوضح المدير المحلّي للصندوق الوطني للسكن دهبي قريشي. وقد خصّصت الدولة مبالغ مالية معتبرة من أجل محو بشكل نهائي مخلّفات تلك الأحداث الأليمة وطيّ صفحة الماضي من أجل التوجّه نحو المستقبل من خلال الاهتمام بتنمية المنطقة وذلك بإطلاق مشاريع منشأة للثروات وموفّرة لمناصب الشغل. ويرى أحد الصناعيين ممّن قام بتحويل نشاطه إلى مدن الشمال عقب أحداث غرداية أن (استئناف النشاط الاقتصادي بشكل مكثّف وقوي سيشجّعه على العودة للاستقرار مجدّدا في غرداية، ممّا سيعطي ذلك أملا جديدا للغرداويين). وقد تحسّنت الظروف الأمنية بشكل ملفت حسب ما لوحظ، حيث يتنقّل السكان بين مختلف الأحياء في أمن بفضل تجنيد وحدات مكافحة الشغب والدوريات المتنقّلة للشرطة ووحدات الدرك الوطني المدعّمة، إلى جانب استخدام وسائل تكنولوجية حديثة. على غرار كاميرات المراقبة بقيمة تتجاوز الملياري دج من أجل وضع حدّ لأعمال العنف في المنطقة.ففي السابق لم يكن في استطاعة السكان التجوّل عبر بعض محاور الطرقات خوفا من أن تستهدفهم الحجارة التي يتراشق بها الشباب المتخاصمون فيما بينهم، والذين يستهدفون خاصّة الحافلات والسيّارات، ممّا تسبّب في عرقلة النشاط الاقتصادي والسياحي الذي يمثّل محرّك الاقتصاد المحلّي، والذي تضرّر بشكل كبير جرّاء أحداث غرداية، لذلك فإن عودته إلى حالته العادية تبدو (محتشمة)، حسب آراء بعض المتعاملين السياحيين، فقد تسبّب الأحداث العنيفة التي شهدتها غرداية في تشويه صورة السياحة بها، كما ذكر السيّد عبد الحميد بن خليفة، مسيّر فندق، والذي يرى أن الاضطرابات الأخيرة أضرّت كثيرا بالمنطقة التي تعدّ مركزا سياحيا، وينتظر بشغف كبير تجّار المقتنيات الحرفية ومنتجات الصناعة التقليدية عودة السياح، لا سيّما الوطنيون منهم.