يعتبر فوز عبد العزيز بوتفليقة بعهدة رئاسية رابعة في الانتخابات الرئاسية هو الحدَث السياسي الأبرز لعام 2014، حيث يعدّ هذا العام لبِنة أخرى على طريق التعدّدية الديمقراطية، والتي كرّستها الانتخابات الرئاسية بامتياز، وعرف 2014 كذلك العديد من الأحداث السياسية التي شدّت انتباه المختصّين داخل وخارج الوطن، ولعلّ من أهمّها المبادرات التي أطلقتها بعض الأحزاب. شهدت الساحة الوطنية في أفريل 2014 استحقاقا رئاسيا تنافس فيه 6 مرشّحين على كرسيّ الرئاسة كانوا يتطلّعون إلى الاستمرار في بناء الدولة بما يضمن الأمن ويستكمل الإصلاح ومشاريع التنمية، ومع العلم تمّت الانتخابات في موعدها المحدّد دستوريا، وهذا يعني أنه كان هناك احترام للأجندة الانتخابية، حسب ما صرّح به بعض المختصّين السياسيين، مضيفين أن هذه الانتخابات جاءت في سياق الإصلاحات التي تمّت مباشرتها في الجزائر، والتي شملت العديد من النصوص القانونية. وجدّد الشعب الجزائري الثقة في الرئيس عبد العزيز بوتفليقة رئيسا لخمس سنوات من خلال انتخابات أعطى فيها صوته مجدّدا له، ومن هذا المنطلق قال متتبّعون إن إعادة انتخاب الرئيس يعتبر تأكيدا من طرف الشعب على رغبته وإرادته في تمكينه من الاستمرارية في مواصلة مشواره الذي بدأه منذ 1999 حتى يتمكّن من مواصلة المسار الذي يأتي ليدعّم ويعزّز الاستقرار والتنمية في البلاد بشكل عامّ. تعديل حكومي ودستوي في الأفق تجديد الثقة كان تجديدا للعهد من بوتفليقة وفي ذلك عزم على استكمال جميع البرامج التنموية تحت حكومة فتية يرأسها عبد المالك سلاّل ضمّت لأول مرة 7 حقائب وزارية للمرأة الجزائرية، في قرار وصف بالجريء مع إعطاء الأولوية للاهتمام بالشباب بحقيبة وزارية خاصّة بهم، ومن هنا أردف المختصّون بشأن تنصيب وزارة الشباب وفصلها عن الرياضة أن هذا يأتي في سياق الإصلاحات القانونية التي باشرها رئيس الجمهورية وخاصّة ما يتّصل بتوسيع نطاق مشاركة المرأة بشكل عامّ في مجال السياسي. وأردف المختصّون أن الشيء الآخر الذي يأتي كدلالة عقب تنصيب 7 نساء في الوفد الوزاري هو إدخال بعض الوزراء الذين كانوا منتسبين إلى الإدارة المحلّية في الطاقم الوزاري. كما شكّل قرار تعديل الدستور عقب الانتخابات الرئاسية المنعرج الحاسم في الساحة السياسية الجزائرية، أين أكّد وزير الدولة مدير ديوان رئاسة الجمهورية أحمد أويحيى أن (الإجماع) حول تعديل الدستور (ممكن)، مذكّرا بأن هدف السلطة هو لَمّ شمل كلّ الجزائريين في إطار الدستور والقوانين، وسجّل أن المشاورات حول تعديل الدستور عرفت مشاركة 75 شريكا قبل أن يؤكّد أن (باب رئاسة الجمهورية مفتوح أمام الأطراف المقاطعة) التي بإمكانها المشاركة متى ما أرادت لتقديم مقترحاتها. من جهته، أكّد أويحيى أن الجزائر اليوم دولة مؤسسات وليست بحاجة إلى مرحلة انتقالية، مذكّرا بأنها دفعت ثمن التلاعبات السياسية التي جعلتها تعيش شللا رهيبا لسنوات عدّة. واعتبر أويحيى أن خيار بعض المقاطعين لهذه المشاورات للذهاب إلى مرحلة انتقالية يندرج ضمن (أخطر الخلافات التي تحملها نظرة هؤلاء اتجاه دعوة رئاسة الجمهورية إلى المساهمة في مسار الحوار الخاص بتعديل الدستور). ومن جانب آخر، رفض أحمد أويحيى (الحملة) التي قام بها بعض من أسماهم (تجّار السياسة) الذين (جعلوا من الوضع الصحّي السابق لرئيس الجمهورية مادة لتغذية نشاطهم السياسي)، مؤكّدا أن نتائج حملتهم هذه (جاءت معاكسة ألف بالمائة) لأهدافهم من خلال تصويت الشعب الجزائري لصالح الرئيس بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية ليوم 17 أفريل الماضي. المعارضة تتحرّك عرفت سنة 2014 تحرّك المعارضة في الساحة السياسية الجزائرية مباشرة عقب الانتخابات الرئاسية، والتي أعلنت تمسّكها بضرورة تحقيق الانتقال الديمقراطي السلس والهادئ، رافضة رفضا قاطعا تدخّل المؤسسة العسكرية في القضايا السياسية، قائلة إن دورها محدّد دستوريا ويتمثّل في حماية أمن البلاد دون دور سياسي مباشر. وعبّرت أحزاب المعارضة في الجزائر عن رفضها الزجّ بالجيش في الشؤون السياسية، مستبعدة أن تكون سببا في ضرب استقرار البلاد، حيث قالت إن زرع الفوضى ليس في أجندة المعارضة وإنما هدفها البحث عن حلّ لإخراج البلاد من الأزمة السياسية التي تعصف بها -على حدّ تعبيرها- عبر انتقال ديمقراطي سلمي وسلس، وهي تنبذ العنف بكلّ أشكاله. وقالت أحزاب المعارضة من خلال الدعوات لتدخّل الجيش في حلّ الأزمة السياسية إن مهمّة الجيش محدّدة في الدستور وهي الدفاع عن الوطن وحماية السيادة الوطنية، مبرزة أنه من أجل أن تكون هذه المؤسسة رائدة في مهامها الدستورية فإنه على الجميع عدم استغلالها في الشأن السياسي. 10 ماي 2014.. ميلاد مبادرة تنسيقية الانتقال الديمقراطي أفرجت التنسيقية من أجل الحرّيات والانتقال الديمقراطي عن مشروع أرضية الندوة الأولى للحرّيات والانتقال الديمقراطي التي عقدت في ال 10 من شهر ماي 2014، حيث ركّز أصحاب المشروع على الجانب الاقتصادي والسياسي لشرح دواعي الانتقال الديمقراطي، محدّدين سبعة أهداف وأربع آليات لتحقيق أهدافهم. واعتمدت التنسيقية على أربع آليات لتحقيق الانتقال الديمقراطي، أهمّها حكومة (توافقية) تسهر على تجسيد الانتقال وتتولّى مهام إدارة الشؤون العادية وإرساء السلم الاجتماعي في 15 نقطة أساسية تستدعي الانتقال الديمقراطي، أغلبها أسباب اقتصادية وسياسية تتمثّل -حسبهم- في غياب مجموعة من الشروط مثل ديمقراطية المشاركة في نظام الحكم، عدم احترام مبادئ العدالة القانونية في الإدارة والقضاء، غياب الشروط الدستورية من أجل تنظيم انتخابات حرّة قانونية ونزيهة، غياب مؤسسات الرقابة على أعمال السلطة، غياب معنى المواطنة وتفكّك النسيج الاجتماعي وتواصل الاضطرابات والإضرابات الاجتماعية في مختلف أنحاء الوطن، مع انتشار الفساد وتعميمه، الاعتماد على تصدير المحروقات لتمويل ميزان المدفوعات، ارتباط التشغيل بأوضاع اقتصادية هشّة وورشات مؤقّتة وبرامج موجّهة للشباب غير مدروسة وعدم تناسب النتائج الاقتصادية مع الأموال المرصودة للتنمية الاقتصادية رغم إنفاق ما يقارب ال 700 مليار دولار في 15 سنة، ناهيك عن الاضطرابات الجيوسياسية إقليما ودوليا وتأثيراتها السلبية على البلاد. وحدّدت التنسيقية سبعة أهداف لتحقيقها من خلال تنظيم هذه الندوة وتتمثّل في تجسيد ديمقراطية فعلية كآلية لتسيير وتنظيم الدولة، تكريس مبدأ المواطنة والمساواة أمام القانون والعدالة الاجتماعية، ضمان حقوق الإنسان والحرّيات الفردية والجماعية، تجسيد دولة القانون والتقيّد بمبدأ الفصل بين السلطات. الأفافاس تطلق مبادرة الإجماع الوطني في 2014 كما عرف 2014 طرح مشروع حزب جبهة القوى الاشتراكية الذي يركّز على 20 نقطة تتضمّنها اللاّئحة المقدّمة لبعض الأحزاب والشخصيات التي تمّ الاِلتقاء بها أو الاجتماع معها، وهي كلّها تصبّ في خانة توحيد صفوف الجزائريين ووضع مصلحة البلاد فوق كلّ اعتبار، كما أنها تهدف أساسا إلى تجميع الأحزاب السياسية لقواها في الجزائر مهما كانت صفتها وتوجّهاتها السياسية، إضافة إلى محاولة من هذا المشروع تعزيز أطر الديمقراطية وتحقيق البديل الديمقراطي السلمي عبر عمل توافقي بين التشكيلات السياسية والبحث مع النظام عن الحلول والسبل الكفيلة بتطبيق كلّ هذه النقاط المدرجة في لائحة الأفافاس، والتي سيذهب بها إلى الندوة الوطنية. ودون شكّ فإن هذه النقاط المطروحة وحدها كافية لإقناع بعض التشكيلات السياسية بالانضمام إلى مسعى الحزب، خاصّة وأنه يهدف إلى إعطاء صورة أخرى للجزائر من الجانب السياسي وحتى الاجتماعي والاقتصادي والبحث عن الحلول الناجعة والاستعجالية لمعالجة كلّ المشاكل المتعلّقة بالتنمية في الجزائر باعتبار أن السياسة جزء كبير من التنمية وتطوير البلد يمرّ حتما على التفاهم والمشاورات وتسليط الضوء على كلّ المشاكل التي يعاني منها الجزائريون، والطبقة السياسية مدعوة للالتحاق بهذه المبادرة التي تأتي لإعادة الاعتبار للجزائر بوضع استراتيجية إيجابية لتحقيق الهدف المرجو من هذا المشروع السياسي الذي يعدّ الأول من نوعه في الجزائر منذ الاستقلال.