رقص.. مجون.. مشروبات كحولية وسهرات حتى بزوغ الفجر حجوز تتهاطل على المطاعم والفنادق لابوش والسابان على واجهات المحلات بالمناطق الراقية أصبح الاحتفال برأس السنة الميلادية تقليدا لا بد منه في المجتمع الجزائري وشجعه بعض الغافلين، فكلما اقتربت هذه المناسبة إلا وتجد الشباب منهمكين في إعداد العدة لهذه الليلة المشهودة، فجل أفكارهم تنحصر في سهرة صاخبة بالترف والمجون، لذلك يتسارع العديد منهم لحجز الأماكن في المطاعم والفنادق بأبهض الأثمان، فيصبح حلم الكثير منهم قضاء ليلة مميزة تباح فيها الموبقات كالاختلاط وتعاطي المسكرات، في حين يفضل أصحاب الجاه الفرار وقضاء الليلة خارج الوطن أين يكثر اللهو والفسق بدون أي قيود. عتيقة مغوفل الماشي في شوارع العاصمة هذه الأيام وخصوصا في بعض الأحياء الراقية من العاصمة يلاحظ بعض مظاهر توديع السنة الحالية والاستعداد لاستقبال السنة الميلادية الجديدة 2015، فأصحاب بعض المحلات كتبوا على الواجهات بعض عبارات التهنئة بالسنة الجديدة ومنهم من زين محله بالمناسبة. تطلب منا الخوض في موضوعنا النزول إلى الشارع وقد حاولنا جس نبض بعض الشباب فطرحنا السؤال (كيف ستحتفل بحلول رأس السنة الميلادية الجديدة 2015؟)، إلا أن الإجابات اختلفت من شخص لآخر وذلك حسب الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها وكذا دخله الشهري. برامج كثيرة وتحضيرات مكثفة من بين الشباب الذين التقتهم (أخبار اليوم) عبد الرحيم شاب في ربيعه32 والذي يفكر في قضاء ليلة رأس السنة رفقة أصدقائه، تحدث إلينا عبد الرحيم فقال: (اتصل بي أحد الأصدقاء صبيحة أول أمس من أجل سؤالي عن المكان الذي سنحتفل فيه هذا العام بليلة رأس السنة، لذلك لم أجد عناء في اتخاذ القرار لأننا متعودون كل مناسبة أن نجتمع في أحد المراقص بضواحي زرالدة، فمنذ أربع سنوات ونحن نتردد على نفس المكان لأن صاحبه أصبح يعرفنا لذلك يحضر لنا أجواء خاصة)، عبارة أجواء خاصة التي استعملها عبد الرحيم أثارت فضولنا لمعرفة ما يقصد بها، فعدنا وطرحنا عليه سؤالا ما يقصد بالأجواء الخاصة فأجابنا عبد الرحيم مبتسما: (الأجواء الخاصة يعني يحجز لنا طاولة كبيرة أمام منصة المغني الذي سيحيي الليلة، بالإضافة إلى تقديم أجود المشروبات وأشهى المأكولات التي يحضرها المحل بالمناسبة). (رمزي) هو الآخر شاب في 23سنة يعمل بأحد محلات بيع الملابس النسوية بشارع العربي بن مهيدي، دخلنا المحل من أجل اقتناء أحد الأغراض من هناك، ولكن (رمزي) كان لبقا جدا في التعامل معنا ما دفعنا لسؤاله عن الكيفية التي سيحتفل بها بليلة (الريفيون) هذه السنة، فأجابنا أنه سيسهر في فنذق بخمس نجوم رفقة شلة من أصدقائه، أين سينظم حفلا فنيا صاخبا فيه رقص وسكر ومجون حتى بزوغ الفجر، عجبنا من جواب رمزي وظننا أنه يمزح فأردنا أن نتأكد مما قاله، إلا أن هذا الأخير رد علينا ضاحكا وقال (ألا يقال اليوم خمر وغدا أمر). (حواء) هي الأخرى مراهقة في 17 سنة من العمر، سألناها مثل سابقيها عن الكيفية التي ستحتفل بها بليلة رأس السنة، فقالت إنها تترك حرية اختيار مكان إمضاء هذه الليلة لحبيب قلبها الذي سترافقه في هذه السهرة المميزة، سألناها هل ستخبر أهلها أنها ستخرج رفقة صديقها هذه الليلة فأجابت (أنها ستخبرهم بأنها ستبيت عند عمها لأنها ليلة وستمضي فمن سيحس بها؟ فهي تحب السهرات والتبياش كثيرا). خيمات ومطاعم بمبالغ خيالية هذه الأفكار الكثيرة حول مكان الاحتفال بليلة رأس السنة الميلادية جعلتنا نقوم بزيارة إلى بعض مطاعم العاصمة التي تنظم مثل هذه السهرات الصاخبة والخاصة، فتوجهنا إلى بعض المطاعم المتواجدة ب(سيدي يحيى) بحيدرة واحد من أهم وأرقى الأحياء بالجزائر العاصمة، والجدير بالذكر أن الكثير من المطاعم أصبحت تشيد على شكل خيمة لما توفره لزبائنها من (قعدة عروبية)، فالزبون فيها يجلس جلسة حضرية على مائدة وزرابي مفروشة، وهي نفس الخيمة التي وجدناها ب (سيدي يحيى) والتي تحضر برنامجا خاصا للاحتفال بليلة رأس السنة الجديدة، كما أن هذه الخيمة تعرف إقبالا كبيرا من طرف الزبائن لذلك يجب على الزبون أن يحجز مكانا مسبقا من أجل الاحتفال فيها بمبالغ خيالية تصل إلى 6000دج للفرد الواحد، حيث توفر لزبونها وجبة العشاء بالإضافة إلى المشروبات، كما تنظم كذلك سهرات فنية حتى الصباح، فالسيد(بوعلام) صاحب إحدى هذه الخيمات روى لنا كيف أنه يحضر هذه السنة للاحتفال (بالريفيون)، فسيأتي بأحد المغنيين الشباب رفقة فرقة من (القرقابو) الصحراوية لإحياء الليلة، وغير بعيد عن خيمة (بوعلام) وجدنا مطعما راقيا مزينا من الخارج ببعض الشرائط الملونة والكرات الذهبية التي توحي باحتفال كبير سيقام في المكان، دخلنا المطعم وجدناه مزركشا بألوان عديدة وأضواء كثيرة تقربنا من صاحبه واستفسرنا هل من حفل سيقام هناك فأجاب أنها تحضيرات لإحياء ليلة (الريفيون) فصاحب المطعم خطط هذه السنة لجعل الحفل 100 بالمائة شبابي، فسيأتي ب(ديجي) لإحياء الليلة، أما عن وجبة العشاء التي سيقدمها المطعم تلك الليلة فستكون عبارة عن (كباش مشوية) على طريقة أولاد نايل، سألناه هل سيقدم خمورا؟ فتبسم ولم يجب. الفنادق ..وجهة رجال المال والأعمال بعيدا عن المطاعم والخيمات هناك فئة أخرى من الناس من يفضلون الاحتفال في أماكن أكثر رقيا وفخامة عن السابقة الذكر، وهنا يتعلق الأمر بكبار رجال المال والأعمال في البلاد، فهذه الطبقة من الناس يحبذون الاحتفال بالريفيون في الفنادق الفخمة، وقد قامت (أخبار اليوم) بربط اتصال هاتفي بإحدى هذه الفنادق وقد رد علينا عامل الاستقبال فيها أن مثل هذه الأماكن تقصد خصيصا من طرف السياح والأجانب، والذين لايحبون في الكثير من الأحيان الاختلاط بعامة الناس، فبهذا الفندق مثلا سينظم حفل فني ساهر لنخبة من فناني الأغنية الرايوية، بالإضافة إلى مغني الراب العالمي (لفوين)، ومثل هذه الحفلات يباح فيها شرب الخمر، خصوصا أن الأجانب سيكونون في الموعد من أجل إحياء هذه الليلة الكبيرة، وقد سألنا عامل الاستقبال عن ثمن الدخول فرد علينا أنه حدد ب 10آلاف دينار للشخص الواحد. وآخرون يفضلون الاحتفال خارج الوطن من جهة أخرى، هناك أشخاص آخرون يرسمون مخططات أخرى للاحتفال بليلة السنَة الميلادية الجديدة، فقد ذهبوا بأفكارهم خارج حدود الوطن وقاموا بتنظيم رحلات إلى بعض الدول الأجنبية خصيصا من أجل هذه المناسبة، لذلك قامت (أخبار اليوم) بزيارة بعض الوكالات السياحية المتواجدة بالمركز التجاري زمزم الواقع (بسيدي يحيى) بحيدرة، وهناك قابلنا إحدى المشرفات على الوكالة والتي شرحت لنا أنَ اهتمام الجزائريين انصب هذه السَنة على السفر لكل من تونس، المغرب وتركيا وذلك راجع بالدرجة الأولى للأسعار الزهيدة مقارنة بالسفر إلى إحدى البلدان الأوروبية الأخرى، بالإضافة إلى سهولة الإجراءات المتخذة من أجل الحصول على تأشيرة إحدى البلدان السابقة الذكر. فقضاء أسبوع في تونس من أجل الاحتفال بالريفيون يكلَف الزبون 60 ألف دج إذا ما سافر في الطائرة، في حين إذا ما سافر عبر الحافلة فإنه يدفع فقط مبلغ 40 ألف دج، أما إذا اختار السفر إلى المغرب فإنه يدفع 120 ألف دج من أجل قضاء أسبوع كامل، أما تركيا والتي أصبحت تعرف إقبال الكثير من الشبان عليها فقضاء أسبوع فيها يكلف الشخص الواحد 100 ألف دج، وقد أردفت المشرفة أيضا أن الكثير من الشباب يفضلون الاحتفال في تركيا والمغرب، في حين تفضل العائلات تونس بسبب انخفاض أسعارها مقارنة بالبلدان الأخرى، ولكن من جهة أخرى يفضل السياح الأجانب قضاء ليلة رأس السنة في الصحراء الجزائرية بسبب جمال المكان وسحره، وهو ما أصبح يستقطب بعض السيَاح المحليين الذين بدؤوا يهتمون بالسياحة الداخلية، ومن بين أشهر المناطق تيميمون، بوسعادة وتاغيت، فالسفر إلى هناك يكلف صاحبه 6 ملايين سنتيم للأسبوع الواحد، ولكنه سيجد هناك متعة قد لا يجدها خارج الوطن، ومناظر قد لا توجد إلا في الجنوب الجزائري. شجرة السابان و لابوش على واجهات المحلات بحيدرة بعد أن خرجنا من وكالة السياحة والأسفار المتواجدة ب(سيدي يحيى) عدنا وتوجهنا إلى وسط بلدية حيدرة، ما لفت انتباهنا هناك وجود محل مختص في بيع الأزهار وضع صاحبه في أحد أركانه أربع شجيرات يستعملها النصارى في احتفالات نهاية السنة والمعروف عند العام والخاص (بالسابان)، فعلا استغربنا لرؤيتها فدخلنا إلى المحل من أجل الاستفسار عن ثمنها لكننا ذهلنا أكثر فأكثر عندما عرفنا ثمنها الحقيقي، فالشجيرة الصغيرة يقدر ثمنها ب13 ألف دج، في حين الكبيرة فيبلغ ثمنها 15 ألف دينار وهو ما يعادل مرتب أحد موظفي البلدية البسطاء، عدنا وسألنا صاحب محل الأزهار عن إقبال الناس على اقتناء هذه الشجيرات فأجاب أنه هناك من يقبل على شرائها خصوصا في اليومين الأخيرين من السنة. خرجنا من محل بيع الأزهار ونحن نشعر بالاستغراب من منظر شجيرات أعياد الميلاد التي يحتفل بها النصارى تباع في الجزائر العاصمة، إلا أننا شعرنا بالجوع بعد الجولة التي قمنا بها لذلك دخلنا إلى أحد محلات بيع الحلويات من أجل شراء شيء نأكله، وبينما كنا ننظر إلى الحلويات المعروضة حتى نختار إحداها اصطدمنا بحلوى أو كعك (لابوش) معروضة للبيع في ذاك المحل وهي كعكة مشكلة على شكل جدع شجرة السابان، كل واحدة منها مزينة بفاكهة معيَنة، واحدة بالشيكولاطة والأخرى بالليمون والثالثة بالفراولة، منظرها يسيل لعاب كل من ينظر إليها، لكن وازعنا الديني يمنعنا من اقتنائها لأنه معلوم عند العام والخاص أنها شبيهة بجذع الشجرة التي صلب فيها سيدنا عيسى عليه السلام. وخالفوا اليهود والنصارى حثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على مخالفة اليهود والنصارى في عاداتهم وأعرافهم وهيئتهم، وحرم التشبه بالمشركين، بحيث خصّ الدين الإسلامي الحنيف المسلمين بأوامر وضوابط شرعية لا يمكن الخروج عنها، ومن خرج عنها فقد خرج عن ملة الإسلام، فالاحتفال بعيد النصارى لم يأت به ديننا الإسلامي، وأعياد المسلمين هي ظاهرة وواضحة وضوحا جليا ويكفي المسلمين الاحتفال بها، إلا أن التقليد الغربي أعمى بصر وبصيرة البعض وراحوا إلى تقليد النصارى من باب التحضر - حسبهم- إلا أنه تخلّفٌ بعينه، ومن يمتلك عزة الإسلام لا تسول له نفسه الاقتداء بالكفار ومجاراتهم في أعيادهم التي تبتعد عن المسلمين. نسيمة خباجة عيد مبتدع لا علاقة للمسلمين به الشيخ جلول قسول: الاحتفال بليلة الريفيون حرام يعتبر دخول السنة الميلادية الجديدة حدثا في العديد من دول العالم والجزائر أيضا، على اعتبار الاعتماد الكبير على التقويم الميلادي في الحياة العملية، فالسنة الجديدة تحل على جميع الأمم والديانات لا تخص أمة دون أخرى، لذلك يتسارع الكثيرون للتحضير للاحتفال بهذه المناسبة، وهو الأمر الذي يبالغ فيه العديد من الجزائريين الذي يبذلون قصارى جهدهم في إحياء ليلة (الريفيون) من خلال صرف أموال طائلة في شراء الحلويات الخاصة بالمناسبة مع إعداد وجبات عشاء خاصة، في حين يذهب البعض إلى ما هو أبعد من ذلك من خلال السفر إلى الخارج خصيصا من أجل المناسبة. ولكثرة ما سمعناه عن طريقة التحضير لإحياء ليلة (الريفيون) والمصاريف الكثيرة التي ستصرف بالمناسبة، ربطت (أخبار اليوم) اتصالا هاتفيا بالشيخ (جلول قسول) إمام بمسجد القدس بحيدرة، والذي شرح لنا بدوره أن أعياد المسلمين معروفة لدى العام والخاص ولا يجوز الاحتفال بغيرها باعتبارها دخيلة على المجتمع الجزائري على غرار الاحتفال برأس السنة الميلادية، وأي مصروف يصرف فيها يدخل في إطار التبذير وهو غير جائز بل أبعد من ذلك يعتبر بدعة و كل بدعة ضلالة وكل ضلالة وصاحبها في النار. لذلك فإن العديد من الأئمة مجبرون على توعية الناس من مغبة الاحتفال بهذه المناسبة الخارجة عن ديننا وتقاليدنا، فالأمور التي ليست من دين الله كالاحتفال بأعياد، ومواسم، لم يأمر بها ديننا الحنيف، إنما هي لمجرد التشبه بأعياد الكفار ومناسباتهم أو من باب الابتداع في دين الله، ونحن المسلمين لنا ديننا وعقيدتنا ويجب علينا مخالفة الكفار وعدم التشبه بهم، فقد ثبت عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من تشبه بقوم فهو منهم). كما أضاف الشيخ جلول أن الكثير من الأئمة في العديد من مساجد الجمهورية قاموا بإطلاق حملة واسعة دعوا من خلالها جموع المصلين إلى ضرورة التقيد بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف والعزوف عن الاحتفال بليلة رأس السنة الميلادية، التي هي ليست من عادات وتقاليد المسلمين، والتخلي عن كل ما من شأنه المساس بعقيدة الدين الإسلامي.