مريم .و / محمد . ش / أنيسة.ب / ليلى.ب/ زهية .ب/ بشرى.س ديكورات مسيحية في بلاد إسلامية
ليست العاصمة الجزائرية وحدها من انقلبت رأسا على عقب استعدادا لاستقبال سنة ميلادية جديدة ، تيمنا بعام ملؤه الخير و البركات ، و سنة خير من سابقتها ، و لكن معظم ولايات الوطن تشهد حركية مميزة أياما قبيل توديعهم سنة 2011 التي أزيحت من الآن من الأجندة ، و في هذا ارتأينا أن ننقل الأجواء الإحتفائية التي تطبع الجزائر على كامل ترابها من وهران الباهية التي تعرف أيضا بباريس الصغيرة ، بالنظر إلى الديناميكية الملحوظة التي تشهدها على مدار السنة ، ففي هذه المدينة الجميلة و الزاخرة ، رفعت بعض المحلات التجارية بوسط مدينة وهران راية التأهب القصوى استعدادا لإحياء المناسبة بكل من حي العربي بن مهيدي وحي خميستي والأمير عبد القادر وأحياء أخرى غزتها الألوان الحمراء والبيضاء من كل حدب وصوب ، متخذة أشكال البابانويل من جهة وهدايا عيد الميلاد ، بما فيها ألعاب ما يسموّه بالبابا وشجرة الميلاد التي لا تمت بأي صلة للدين الإسلامي ،على اعتبار المناسبة احتفالية مسيحية بحتة من بدايتها مرورا بطقوس تزيين شجرة عيد الميلاد و تنصيبها قبل المناسبة بعدة أيام .
حالة طوارئ بمحلات الحلوى لصنع "لابيش" تشهد العديد من المحلات الخاصة ببيع الحلويات خاصة المنتشرة منها بوسط مدينة وهران حالة طوارئ، بفعل اقتراب حلول السنة الميلادية الجديدة التي تفرض ثقافة غربية محضة تغزو الولاية ، ويقوم أصحاب المحلات بالتفنن في صنع حلويات لابيش بجميع الأحجام وبكل الأذواق ، بغية خدمة الزبون الذي يعزم عقدة الاحتفال برأس السنة الميلادية الجديدة ، مع تكالب العائلات لاقتناء قطع " القاتو" تحت رداء التقليد الشكلي لا الثقافي ، ومن قلب عاصمة الجزائر ، تحدثنا صليحة عن هذا النوع من الحلوى الذي يعدٌ أكثر طلبا في رأس السنة الميلادية ، إذ تقول أن زوجة شقيقها تفاجأت عند توجهها إلى محل لبيع و إعداد الحلويات مشهور بنواحي الأبيار بالعاصمة ، يرّدٌ طلبها المتعلق بإعداد قطعة " لابيش" من أجل اقتناءها ، مؤكدا أن له طلبيات كانت قد سبقتها ، و ليس في مقدوره القبول بغيرها لأنها فاقت كل التصورات ، يأتي هذا رغم أنه يبيع القطعة الواحدة منها بسعر جنوني لا يقل عن 3500 دج .
تحضيرات ماراطونية للتجار الموسمين لبيع هدايا البابا نويل
انتفض التجار الموسميون غبار النوم العميق الذي لزمهم منذ فترة ، أين شمّروا على سواعدهم لبيع ألعاب البابا نويل ، في طقوس احتفالية بطرق محلية لإثارة الزبائن ، الذين لا يعرفون إلا لغة الشراء وفقط ، أين انتشرت بعض الهدايا مثل قبعة البابا التي تمّ عرضها في السوق بصناعة محلية باللون الأحمر والأبيض ، بينما طغت هذه الألوان حتى على الألبسة العادية بغية إيجاد فضاء لترويح السلع بهذه الخدع ، التي يمكن أن تتحلى لكل مواطن يملك فطنة ونباهة تمكنه من استجلاء الأمر في أماكن عرض السلع ، التي باتت لا تعرض سوى هذين اللونين في باحة المحلات، حتى التي تخص شريحة الأطفال في محلات العربي بن مهيدي وخميستي وحتى وسط المدينةالجديدة ، التي انتقلت إليها عدوى طقوس احتفالات رأس السنة الميلادية ، بعد أن غزتها بعض الألعاب المحلية، مثل القبعة الحمراء ، في انتظار ما ستحيك لنا الأيام القادمة مع الاقتراب الحقيقي للمناسبة المسيحية من انتشار لاذع لبطاقات الأعياد والحلوى والهدايا .
ميناء وهران يترقّب حدوث الكوارث والرقابة الجمركية على أشدّها بالمكان بات أعوان الجمارك بميناء وهران خلال الأيام الأخيرة من الشهر الجاري ، يترقبون في أي لحظة حالات استيراد قد تكون مخالفة لمعايير التصدير والاستيراد ، خاصة لتلك السلع غير المصرّح بها والتي أضحت تعتادها الجهات الجمركية مع كل نهاية سنة ميلادية جديدة ، أين تشهد تهريبا من نوع خاص مع المناسبة ، كتهريب قارورات الكحول مثلما حدث في السنة الفارطة .
الشوكولاطة بمختلف الأنواع و السويسرية مذاق لا يقاوم
بدأ العد التنازلي لنهاية العام و دخول آخر ، و بدأت معه التحضيرات التي تميز هذه المناسبة من ديكورات و حلويات و على وجه الخصوص الشوكولاطة ، التي لا يستطيع أحد أن يقاوم نكهتها و لا تنفع أمامها كلمة "حمية "لأنها من ستربح الرهان ، و تشهد هذه الأخيرة الوفرة في مثل هذه المناسبات ،كما أنها تشهد الإقبال من قبل الناس الذين لا يجدون أفضل من علبة شوكولاطة لمباركة العام الجديد بدايته حلاوة و طعم لذيذ،"الجزائرالجديدة "تنقلت إلى بعض المحلات و نقلت أجواء الاحتفالات برأس السنة .
ارتفاع في أسعار الشوكولاطة و السويسرية لمن استطاع إليها سبيلا
أكيد أن الواحد منا ، لن يجد أفضل من الطعم اللذيذ ليعبّر به عن حبه و تمنياته الخالصة ، فالشوكولاطة قد أثبتت أن الدراسة الحديثة أثبتت بشأنها أنها عدو الاكتئاب ، كون لها مفعول سحري في رفع هيرمونات النشاط و السعادة لدى الفرد ، ولذلك فإن الشخص لن يجد أفضل منها لتقديمها كهدية ، وبالخصوص في الاحتفال بنهاية العام و بداية آخر ،ولكن ما يلاحظ هو غلاء ثمن هذه الأخيرة ، فيما تختلف حسب النوع و البلد المنشأ ، وتبقى الشوكولاطة السويسرية أكثر الأنواع الفاخرة الأكثر غلاء و شهرة في نفس الوقت، و رغم ذلك فإنها تشهد إقبالا كبيرا و بالخصوص في مثل هذه المواعيد و الإحتفلات ، كونها لا تتواجد طوال العام بل تعتبر مناسبتية ، و لذلك فإن الناس تتقدم لشراءها ، دون أن تعطي أدنى أهمية للسعر الذي يفوق 2000 دج ، فيقول أحد الباعة الذين تحدثت إليهم الجزائرالجديدة ،أن العلامات السويسرية هي سيدة السوق في كذا أعياد و مناسبات ، و الناس تبحث عن الأنواع الفاخرة كهدية للأحباب أو حتى لتقاسمها مع العائلة ليلة رأس السنة ، و غالبا ما يكون التوجه للعلامات الفاخرة خاصة و أنها تغلف بطريقة تجذب النظر إليها و تنال الإعجاب قبل تذوقها . لانت ،فيراروشي ،كوت دور ،علامات تستهوي الجزائريين في رأس السنة هي علامات يعرفها الجزائريون و لكن ليس لهم الحظ في تذوقها إلا في المناسبات كونها باهظة الثمن ، فسعرها يختلف باختلاف حجم العلبة و كذا النوع ، فتقول أمينة التي صادفنها في المحل و هي تشتري علبة من الشوكولاطة من نوع فيراروشي لصديقتها التي يصادف رأس السنة عيد ميلادها، و لم تجد أفضل من هذا النوع من الهدايا لتقديمه للاحتفال بالمناسبتين ، أما عن الثمن فتراه أمينة أنه مرتفع من قبل و لكن مع بداية رأس السنة زاد ثمنها ، و لكنها لا تملك خيارا آخر فلا يعقل أن تهدي لها شوكولاطة من صنع محلي ،فهذه الأخيرة بنظرها تفتقد للذوق الرفيع و كذا فإنها لا تجلب حتى الناظرين، بداية من طريقة تغليفها التي لا تستجيب لذوق المواطن و لا للمعايير الدولية ، فالناس الآن يبحثون عن الجودة من دون إهمال الشكل الخارجي الذي يعد ضروريا ، فالعين تأكل قبل البطن ، و لذلك فإن طريقة التغليف و العرض مهمان جدا . و يرى محمد الذي أراد أن يشتري علبة شوكولاطة لخطيبته أن ثمنها باهظ ، إذ يغتنم التجار فرصة هذه المواعيد لرفع السعر ليجعل من هذه العلامات مناسباتية ، و يصعب على الناس شراءها في باقي أيام السنة .
أسواق شعبية تنصّب طاولات للشوكولاطة المقلدة إن المتجوّل في سوق ميسوني بالعاصمة ، سيلاحظ أكيد الطاولات المليئة بالحلويات و الشوكولاطة المحلية و المقلدة ، و التي تعرف الإقبال من قبل الناس الذين يستقبلون العام الجديد بكل ما هو لذيذ و طيب و ليس هناك أحلى من الشوكولاطة ،و يقول أحد المواطنين أنه لا يمكنه شراء شوكولاطة فاخرة بثمن يفوق 2000 دج ، و لكن على الفرد أن يهتدي إلى طرق أخرى و المهم الفرحة التي يتشاركها أفراد الأسرة ،فالنوعية لا تهم بقدر ما تهم الالتفاتة التي يقوم بها الشخص . عشاق يتبادلون الهدايا و آخرون يكتفون بوردة حمراء مترجمة للمشاعر
يكاد عيد رأس السنة يتحوّل إلى عيد للحب بين العشاق و المحبين ، فيحرصون على الاحتفال به وإدراجه ضمن جدول المناسبات السنوية التي يخصص لها ما يليق من طقوس وهدايا وحفلات ، و بغض النظر عن موقفهم من الاحتفال به ، يبقى هدفهم في ذلك واحدا، هو بقاء الحب و استمرار مشاعره ، خوفاً من أن يسود الروتين حياتهم ، و تتلاشى مشاعر الود و المحبة التي تجمعهم مع ضغوطات الحياة العصرية و مشاكلها. العشاق يترصدون الاحتفال برأس السنة
محبون وعشاق وأزواج من فئات عمرية مختلفة، يترصدون رأس السنة من كل عام و يعتبرونها مناسبة خاصة تعزز علاقتهم، و تمنحهم نفسا جديدا من أجل الصمود أكثر وقت ممكن بل حتى الممات، فيتبادلها هؤلاء في شكل بطاقات تهنئة ذات طابع رومانسي و رسائل إلكترونية ، أو هدايا خاصة أو دعوات عشاء أو سهر في مطاعم وفنادق تستعد هي الأخرى لهذه المناسبة إرضاء للمحبين. و استعدادا لهذا اليوم "التاريخي" الذي أصبحت تجنى من ورائه الكثير من الأرباح ، تتجند هذه المحلات من أجل وضع برامج خاصة لجلب العشاق.حيث زينت المتاجر بالهدايا والشوكولاطة و غيرها من الهدايا التي يجد فيها المحب طريقة للتعبير عن مشاعره لم تكن بحوزته قبلا ، فحسب رأي لبنة ،23 سنة أ، نها كانت تستعد مسبقا لهذا اليوم و قد اشترت ساعة يد لتهديها لحبيبها بهذه المناسبة التي تراها فرصة لاستعادة علاقتها به ، بعد مشاكل كادت أن تؤثر عليهما .
هدايا بسيطة لكنها معبّرة
اكتسحت أجواء خاصة شوارع العاصمة وزينت واجهات المحلاتبالهدايا التي يفضلها العشاق والأزواج من ذوي الدخل المهم أو غيرهم ، ممن لم يعد يكفيهم التعبير عن حبهم بمجرّد باقة ورد أو بطاقة تهنئة ، لتصبح عادة حميدة لدى العشاق إلى أن ترسخت في ثقافتهم في السنوات الأخيرة، خاصة في أوساط الشباب، و لم تعد لابوش مكانة لها بينهم باعتبارها طقوس لا تمدنا بصلة ، فعلى حدّ قول أمين 26 سنة ،أنه يعترض أن يحتفل بلابوش مع حبيبته كونها عادة دخيلة على مجتمعنا ، لكنه بالمقابل لا يمانع أن يجعل هذه المناسبة فرصة لاستعادة الذكريات الجميلة التي جمعتهما معا واستدراك كل ما فاتهم ، أما حنان 23 سنة، فقد صرّحت لنا أنها مدعوة من طرف حبيبها إلى مطعم بأحد الفنادق الفاخرة ،و التي لها برنامجا خاصا بهذه المناسبة ، و هي بمثابة هدية رأس السنة، لأنها لم يسبق لها الدخول برفقته مثل هذه الأماكن .
المتزوجون :عيد "رأس السنة " يبعدنا عن روتين الحياة اليومية
أما بالنسبة للمتزوجين و لمن يحتفلون بهذه المناسبة ، لا يتعدى حدود كسر الروتين و إضفاء أجواء المرح و الدفء العائلي و تحريك المشاعر الدفينة التي يتقاسمونها مع أزواجهم وأولادهم مثل الحب في عيد للعشاق، والعطاء في عيد الأم ، والحنان في عيد الطفل والواجب في عيد المرأة ، و كذا الابتعاد عن ضغوطات الحياة اليومية ، يقول أحمد 40 سنة ، أنني أحتفل بعيد رأس السنة مع زوجتي و أولادي من أجل أن أضفي جوا حميميا في عائلتي ، رغم أنني لا أقتنع بشرعية هذه المناسبة التي تضل دخيلة على مجتمعنا ، وأضاف أحمد أن "مستلزمات الحياة السريعة والعمل المتواصل لتأمين متطلباتها ، قلّص من قدرتنا على التعبير عن مشاعرنا، وجعلنا كالآلات مجردين منها ، و هذا ما يجعل المرء يستغل أي فرصة للتعبير عن مشاعره المكبوتة ، و يعبر عنها بالطريقة التي يجد فيها ميوله و رغباته و التي تتوافق مع مبادئه و معتقداته ، فهو يرفض أن يحتفل بلابوش ، و إنما يكتفي بسهرة حميمية مع أولاده ، و جلسة رومانسية مع زوجته يستوقف فيها ذكرياته الجميلة معها ، و يتمنى أن يجمعهما أطول عمر معا . أما بالنسبة ل "أمال" فإن لهذه المناسبة معنى آخر عندها ، و صرحت قائلة "أنا أحب أولادي وعائلتي كل يوم ، ولا أنتظر هذا اليوم لأعبّر عن حبي لهم فيه، فالحب جمعنا معاً، كما أني لا أرغب بهدية قد تكلف زوجي راتبه خاصة وأن الأسعار خيالية في هذه المناسبة" ، كما أنها ليست بمناسبة مهمة بالنسبة لي مقابل أعيادنا الدينية التي تمتعنا بخصوصية أكبر " ، ولكن برأي رشيد ، 33 سنة أن الاحتفال برأس السنة يختلف قبل الزواج عن بعده ، يقول ، في السابق كنت أحضر لهذه المناسبة قبل نحو شهر ، وأفكر جدّيا بالهدية التي سأحضرها وغيرها ، وأين سنلتقي أما اليوم فأعتقد أن هذا الموضوع أصبح أقل إلحاحا بسبب اختلاف الظروف وتغير طبيعة العلاقة ".
الشكولاطة و الوردة الحمراء هدايا العشاق في رأس السنة و من أهم الهدايا التي تقدم بين العشاق في هذا اليوم تضل الشكولاطة تكتسح الأولية في قائمة الهدايا ، إضافة إلى الوردة الحمراء التي يضل مدلولها خاصا و أبدي لا تنافسه في ذلك أي هدية أخرى، في هذا الصدد قمنا بزيارة محل لبيع الورود بالعاصمة ، حيث لاحظنا من الوهلة الأولى أنه قد أعدّ عدة خاصة بالمناسبة ، ليستقبل بها زبائنه العشاق ، حيث ذكر لنا صاحبه أن الورود أكثر الهدايا مبيعاً في هذا العيد ، باعتبار الوردة تعبر عن ألف كلمة يمكن للمحب أن يقولها لمحبوبه في هذا اليوم، فيما يرى أن المتزوجين غير مكترثين بهذه المناسبة ، و يضيف أن أغلب الزبائن الذين يشترون الهدايا هم من العشاق ومن النادر وجود المتزوجين ضمن زبائنه .
.. و تبقى مشاعر الحب أغلى وتبقى معاني الحب الحقيقية غائبة عن وعي أغلبية المحتفلين بهذه المناسبة أو غيرهم ، فالحب الحقيقي أسمى أن يحتفل به في فندق فاخر أو بتقديم هدية ثمينة أو حتى كلمة أحبك ، بل إنه مشاعر نبيلة يشعر بها الواحد منا بمجرد همسة صغيرة تترجمها الأخلاق الكريمة و المودة و الرحمة بين المحبين ، فليس المهم هو التباهي بقيمة الهدايا وثمنها أو بحجز طاولة في هذا المطعم أو ذاك من أجل الاحتفال بين شريكين قد تجمعهما أشياء كثيرة ، لكن الأهم هو أن تنتصر قيم التفاهم والتسامح والمودة بين الحبيبين، ويسمو الحب الحقيقي النابع من القلب، دون حاجة إلى هدايا أو غيرها، لأن مشاعر الحب أغلى من كل شيء "و كل عام والعشاق الحقيقيون بخير.
الشارع الجزائري انقسم بين مؤيد ومعارض للاحتفال ليلة رأس السنة تقضى بين البيت والفنادق والخيمات وخارج تراب الوطن
في جولة "للجزائر الجديدة "بالعاصمة بغرض معرفة وجهة فئات المجتمع ليلة رأس السنة الميلادية 2012 ،استقينا بعض الآراء و فيها انقسم الشارع الجزائري بين مؤيد و محتفل بليلة دخول رأس السنة ، و معارض لاحتفال يعتبره حكرا على الغرب وبعيدا عن أصول ديننا الحنيف . تختلف كيفية الاحتفال بهذه المناسبة بين أوساط المجتمع الجزائري ، الذي يجد أن هذا اليوم خاص حتى ولو لم يحتفل به ظاهريا ، لكن الكثيرين لا يستطيعون تجاهله ،كون للسنة الميلادية مكانتها في المجتمع الجزائري ، لكل طريقته في الاحتفاء ، من البيت العائلي إلى ما وراء الضفة الأخرى . الاحتفال بالبيت بإقامة عشاء وشراء المكسرات تختلف كيفية الاحتفال برأس السنة من شخص إلى آخر، حيث نجد العائلات الجزائرية تحضر عشاء خاص بالمناسبات ، ناهيك عن تحضيرها لسهرة عائلية بحضور المكسرات وأنواع من الشكولاطة ، وكذا شراء أو تحضير قالب من الحلوة من نوع "لابوش " في انتظار الساعات الأخيرة لدخول السنة الجديدة ، أين يتم بعث الرسائل القصيرة إلى العائلة والأحباب و تبادل التهاني، وهذا ما أكدته لنا زهرة ، وهي طالبة جامعية من منطقة تيزى وزو العاملة بالعاصمة في محل لبيع الملابس بشارع ديدوش مراد ، تقول أن ليلة رأس السنة تحتفل بها مع عائلتها بتيزي وزو، أين تأتى خالاتها وأبنائهم إلى منزلهم لتقاسم بهجة الاحتفال، و تضيف بشأن مبيعات المحل الذي تشتغل فيه ، أنها شهدت تزايدا ملحوظا هذه الأيام ، إذ تقتني الفتيات وحتى النساء المتزوجات فساتين السهرة الخاصة بالحفلات ، وعن ليلة رأس السنة ، تقول أنهم يتعمدون غلق أبواب محلهم بسبب بعض الشباب المتهورين ، الذين يفتتحون رأس السنة بشرب الكحول إلى أن يفقدوا وعيهم ، ومن باب الحرص والأمان يغلق المحل ،أما فيما يخص صديقتها فهي تقول أنها تفضل البقاء في المنزل ، و بهذا تدخل السنة الجديدة عليهما ككل الأيام العادية . شباب يقطعون البحار وآخرون يفضلون الاحتفال في البلد الأم مما رصدناه في جولتنا أن هناك بعض الشباب الذين يفضلون قطع البحار من أجل الاحتفال بالعام الجديد ، تاجر يدعى جمال واحد منهم ، يقول أنه سيقصد فرنسا هذه السنة رفقة أصدقائه لوجود خصومات في مصاريف الرحلة بهذه المناسبة ، دون أن يفوت الحفلات التي ستقام هناك ، وعن العام الفارط قال أنه قضى ليلة رأس السنة في تونس ، أما بعض الشباب الذين وجدناهم بشارع ديدوش ، قالوا أنهم يقضون هذه الليلة خارج المنزل مع الأصدقاء بقصد أحد الفنادق سواء بالعاصمة أو وهران أو غير هذه المدن، أين تقام حفلات خاصة بهذه المناسبة ، لا يغيب عنها تناولهم المشروبات الكحولية ، إذ قالوا بصريح العبارة "حلاوتها في الشرب". أما أمين الذي التقيناه على متن الحافلة رفقة أصدقائه الذين قصدوا تيميمون بصحراءنا الواسعة من أجل تمضية حفل السنة ، أنه كان محضوضا لأن صاحب المحل التجاري كافأه بعد جهده و عنائه طوال السنة بتذكرة إلى البلد الجميل تركيا ، أين سيحتفل بهذه المناسبة بالعاصمة اسطنبول دون أن يدفع دينارا واحدا . الملاهي الليلية والخيمات الوجهة المفضلة للشباب عند الاستقصاء عن وجهة الشباب الجزائري المحتفل بليلة رأس السنة ، لاحظنا اختلاف وجهاتهم لكن الأكثرية أكدوا أن وجهتهم المفضلة هي الملاهي الليلية ، ففيها يكون الشاب أكثر طلاقة وبعيد عن كل الرسميات ويتصرف بكل حرية ، وما استغربناه أن حتى شابات في مقتبل العمر تقصدها ، والسؤال يكمن فيما إذا كانت عائلاتهم تدري بوجهاتهم أم لا. تخفيضات السفريات إلى الخارج وعروض بالجملة لقضاء ليلة رأس السنة إلى جانب ما سبق ذكره ، فقد أتحفت بعض الجهات التي تحمل الطابع السياحي بولاية وهران شريحة الشباب بعروض و بجملة واحدة خاصة بعد أن صادفت أيام العطلة ، لتجتاح أماكن العرض بواسطة الملصقات وحتى العروض الشفهية التي تداولت بين الشباب بغية قضاء ليلة رأس السنة في دول المغرب العربي أو دول أوربية بتخفيضات ساحرة ومغرية ، أثارت جدلا واسعا بين هذه الشريحة فارغة المحتوى ، ناهيك عن العروض الالكترونية التي تلقى رواجا واسعا في المواقع ، وحتى في ولايات الجزائر والصحراوية منها ، هذا وأشهرت بعض الهياكل السياحية بوهران سيف العروض المغرية لقضاء ليلة رأس السنة الميلادية بعاصمة الغرب الجزائري . عمال مجندون في المناسبة للسهر على أمن وسلامة المواطنين إن قصد الكثيرون المطاعم والفنادق للاستمتاع برأس السنة الجديدة، فهناك من العمال من مختلف القطاعات من يسهرون على سلامة وأمن المواطنين في هذه المناسبة ، هذا ما أكدته لنا شرطية تقول أن في هذا اليوم تجند أكبر عدد من الشرطيين في مختلف شوارع العاصمة ، أين تكثر الحركة ويتم التنسيق فيما بينهم للتدخل بسرعة ، لأن بعض الشباب يستغل الفرصة في شن اعتداءات على بعض المحلات ، ناهيك أن بعضهم يكون غير واعي لشربهم أكبر قدر من الكحول وكل أنواع المخدرات ،هذا علاوة على قطاع الصحة أين يكون الجميع مهيأ للإسعاف السريع، إذ تكثر حوادث المرور للسياقة في حالة سكر أو السرعة المفرطة . جزائريون يرون عيدهم في السنة الهجرية في جولتنا هذه صادفا أناسا يحتفلون ويقدرون هذا اليوم حتى لو لم يضعوا برنامجا خاصا بهذا اليوم ، فهم غير معارضون لها لكن هناك الكثير من شرائح المجتمع من تعارض هذه الفكرة ، إذ أن السنة الميلادية لا تخصنا فهي تخص الغرب ، وبعيدة عن تقاليدنا وديننا الحنيف ، كما إن طريقة الاحتفال بالشرب لا تروق للكثير لأن الله حرم شرب الخمر ، وأبدى محدثونا تذمرهم من نسيان عيد المسلمين المربوط بالسنة الهجرية .
الشارع الجزائري يودع الذكريات و يجدد الآمال و الطموحات
تمر الأيام و الشهور لنبدأ سنة جديدة و نطوي سنة مرت بكل ما فيها و بكل ذكرياتها ، المؤلمة منها و الجميلة ، حيث يعتبر العام الجديد بالنسبة لكل فرد محطة للوقوف على أهم الإنجازات التي حققها ، و مناسبة لاستدراك الإخفاقات التي عاشها خلال السنة الماضية . الأحداث لا تتوقف و ليس لها نهاية، و بداية العد التنازلي لنهاية سنة و دخول السنة الجديدة ، دفعنا لجس النبض و محاولة معرفة آراء الناس و انطباعاتهم عن السنة الفارطة التي مضت ، بحلوها و مرّها ، بفرحها و حزنها . فكيف ودّع الجزائريون عامهم المنقضي ؟ ذكريات مؤلمة و أخرى جميلة هناك الكثير من الأشخاص من يتذكر من السنة الماضية كل ما هو جميل ، و في المقابل هناك من يتذكر كل ما هو سيئ و ذلك بغية معالجته و إجتيازه ، الجزائرالجديدة خرجت إلى الشارع و حاورت بعض الأشخاص عن أجمل الذكريات و أحزن الأوقات التي مرّت عليهم هذه السنة ، فكانت البداية مع الطالبة الجامعية كاميليا ، أخبرتنا أن هذه السنة محزنة بالنسبة لها لأنها فقدت جدّها الذي تعتبره أب ثاني لها ، لكن بالمقابل نجاحها في البكالوريا بعد ثلاث سنوات من الإخفاق كان فرحة كبيرة لم تعش مثلها طوال حياتها ، محمود هو الآخر شاب جزائري، سألناه عن أجمل و أسوء الأوقات التي مرت عليه في هذه السنة و عايشها فأجابنا قائلا، مرّت هذه السنة عادية مثل كل السنوات لكن عشت أوقات محزنة جدا عند وفاة أعز أصدقائي في حادث سيارة ، و مازلت لم أنسه إلى يومنا هذا إضافة إلى هشام الذي أخبرنا أن هذه السنة كانت كلها أفراح بالنسبة له ، كانت البداية بنجاحه في البكالوريا و زواج أخته التي يحبها كثيرا ، و يضيف قائلا : الحمد لله لأني لم أعش أجمل من هذه السنة ، و عند دخولنا إلى إحدى المحلات سألنا إحدى البائعات عن الأحداث التي عاشتها في هذه السنة فأخبرتنا أن السئ المحزن لها هو إعادتها للسنة الدراسية ، و ذلك بسبب انشغالها بالعمل و أجمل شيئ أنها ستصبح عمة عن قريب . نسيان المشاكل و تجديد العلاقات طبيعة الحياة تفرض على الشخص مواجهة المشاكل و الصراعات اليومية التي تحصر الإنسان من جميع الجوانب ، لكن الطبيعة الإنسانية للأشخاص تدفعهم لاجتياز هذه الصراعات و التسامح مع الغير، و نسيان الماضي، فاستقبال السنة الجديدة بتصفية الأجواء و تجديد العلاقات بين الأفراد و نشر التسامح من شأنه تحسين الأوضاع و تجديد الآمال ، هذا ما لمسناه عند محاورتنا لبعض الأشخاص في محاولة منهم لنسيان الماضي و فتح صفحة بيضاء بينهم و بين أصدقائهم ، على حسب ما أكدته مروى قائلة ، مع نهاية هذه السنة و استقبالنا لسنة جديدة أحاول أن أجعل حياتي هي الأخرى جديدة ، كما أسعى لإصلاح علاقاتي مع أصدقائي بعد المشاكل التي جمعتنا ، سأسامح الكل و أتمنى من الكل مسامحتي لتكون السنة الجديدة فاتحة خير إن شاء الله ، يونس هو الآخر حدثنا في نفس السياق و أخبرنا أنه نسي كل المشاكل التي مرت عليه هذه السنة و أضاف قائلا، سأحاول أن تكون هذه السنة الجديدة سنة حب و خير و سعادة على الجميع . آمال و طموحات الألفين و إثنى عشر تمر من العمر سنة ميلادية و نستقبل سنة جديدة ، الكثيرون عقدوا العزم على تجديد آمالهم و مواصلة طموحاتهم التي عجزوا على تحقيقها العام الفارط ، إضافة إلى تحقيق الأحلام التي لم ترى النور في العام الماضي ، كشراء سكن وولوج عالم الشغل و التخلص من شبح العنوسة و دخول القفص الذهبي، الجزائرالجديدة رصدت انطباعات بعض المواطنين بمناسبة العام الجديد ،حيث تمنى هؤلاء أن تكون السنة المقبلة سنة خير يحققون فيها آمالهم المختلفة ، من نجاح في الدراسة و الحصول على السكن الذي هو حلم كل الجزائريين ، كانت البداية مع عمي عمر الذي حدثنا قائلا، أنا أتمنى أن تكون هذه السنة بركة و خير على الجميع ، و أن نحقق كل ما لم نستطع تحقيقه هذه السنة، و عن سؤالنا له عن الحلم الذي يريد تحقيقه هذه السنة، أخبرنا أنه يريد أن يحصل على سكن ليزوج ابنه الأكبر و يرى أحفاده قبل موته، فتيات عديدات هن الأخريات يأملن دخول القفص الذهبي مع حلول السنة الجديدة، و يأملن أن تكون هذه السنة فال خير عليهن .
تحذيرات شرعية من الاحتفال ب "الكريسمس" عبر خطب الجمعة هاجم بعض مشايخة عاصمة الغرب الجزائري مظاهر الفرح و الابتهاج وما يلمسونه في مختلِفِ فئات المجتمع ، من تأهبٍ واستعدادٍ لاستقبال عيد الميلاد المسيح ، والاحتفال برأس السنة الجديدة ، و مشاركة وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمكتوبة في مظاهر الحفاوة هذه ، حتى يكاد يكذبُ ما كان يسمعه عن بلاد المسلمين ، تشبث شعوبها بدينهمِ الحنيفِ على جميع الأصعدة ، هذا وأكد بعض الأئمة عبر خطب الجمعة بأنه لا يجوز لأحد من المسلمين مشاركة أهل الكتاب في الاحتفال بعيد "الكريسمس" ، أول السنة الميلادية ، ولا تهنئتهم بهذه المناسبة، لأن العيد من جنس أعمالهم التي هي دينهم الخاص بهم.