يُنتظر أن تعطي أول زيارة دولة سيقوم بها الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي للجزائر ابتداء من اليوم الأربعاء بدعوة من رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة دفعا كبيرا للعلاقات الثنائية تجسيدا للرغبة الملحة لقادة البلدين في النهوض بها خدمة لمصلحة الشعبين الشقيقين. هذه الزيارة التي تدوم يومين، وتأتي وسط تحديات أمنية ورهانات اقتصادية كبيرة، يُرتقب أن تسمح لبحث سبل تعزيز علاقات الأخوة والتضامن الفعال التاريخية التي تربط الشعبين الجزائريوالتونسي وتنشيط التعاون بين البلدين بما يخدم تنميتهما المشتركة وتعزيز بناء اتحاد المغرب العربي. كما ستسمح بمواصلة التشاور والتنسيق بين الجزائروتونس حول المسائل ذات الاهتمام المشترك لاسيما على مستوى منطقتي المغرب العربي والساحل والأمة العربية. وكان الرئيس التونسي السبسي قد صرّح عقب إنتخابه في شهر ديسمبر الماضي رئيسا للجمهورية التونسية بنسبة 86.55 بالمائة لوكالة الأنباء الجزائرية أن أول زيارة له إلى الخارج ستكون الجزائر من أجل تعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين مستقبلا. ولم تكن زيارة السبسي هذه إلى الجزائر الأولى من نوعها حيث سبقتها زيارة عندما تولى رئاسة الحكومة التونسية المؤقتة في شهر مارس 2011 بعد الثورة في بلاده ليبرهن من خلالها على أواصر حسن الجوار والاحترام المتبادل بين بلاده والجزائر. وقد أشاد السيد السبسي آنذاك بنتائج زيارته هذه حيث ثمن عاليا الدعم المعنوي والمادي الذي قدمته الجزائر إلى تونس . وتحصلت تونس خلال هذه الزيارة على مساعدة مالية ب100 مليون دولار بقرار من رئيس الجمهورية لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي أعقبت سقوط نظام حكم بن علي. وبالفعل فقد وقفت الجزائر بقوة إلى جانب تونس في جهودها الرامية للخروج من المرحلة الانتقالية التي دامت أربع سنوات وترسيخ الممارسة الديمقراطية التي ما أنفكت تتطلع إليها حيث سمحت الزيارات المتبادلة للرسميين في البلدين بتعزيز التعاون على جميع الأصعدة وكذا تقديم (النصيحة) لتونس بشأن عملية الانتقال السياسي لما بعد الثورة. وفي هذا السياق أكد الرئيس بوتفليقة في برقية بعثها إلى الرئيس السبسي بمناسبة الذكرى الرابعة للثورة التونسية على وقوف الجزائر الدائم إلى جانب شقيقتها تونس في مغالبة كل التحديات المشتركة وحرصها على تعميق أواصر الأخوة والتضامن بين البلدين والارتقاء بتعاونهما إلى مستويات أعلى من الشراكة والتكامل تحقيقا لطموحات الشعبين. وعقب الإعلان عن فوز السيد السبسي برئاسة الجمهورية أكد رئيس الجمهورية أيضا أن الجزائر مستعدة للدخول مع تونس في مرحلة تؤسس لشراكة شاملة ودائمة تستجيب لطموحات وتطلعات الشعبين. وكان الوزير الاول عبد المالك سلال قد أعلن من قبل خلال مشاركته في قمة الايليزي حول إفريقيا سنة 2013 أن الجزائر (ترفض) التدخل في الشؤون الداخلية لتونس وجددت الجزائر هذا الموقف لمرات عديدة والذي ثمنته تونس عاليا. وقد تأكدت قناعة الجزائروتونس أمام تنامي ظاهرة الإرهاب العابرة للحدود أن مصير وأمن وإستقرار البلدين (أمر واحد لا يستحق أي مساومة أو مماطلة) وهذا ما دفع بمسؤولي الدولتين إلى تكثيف اللقاءات بينهما من أجل تنسيق الجهود والوقوف بحزم أمام هذا الخطر الداهم الذي يعبر حدود الأوطان بغية حماية البلدين. وفي هذا الإطار ذهب الرئيس السبسي في حوار صحفي عقب إنتخابه رئيسا لبلاده الى التنويه بمستوى التعاون بين الجزائروتونس في مجال مكافحة الإرهاب مُعربا في نفس الوقت عن أمله في توسيع مجالات التعاون لتحقيق التنمية المشتركة. وتعرف العلاقات الاقتصادية بين الجزائروتونس تطورا لم يسبق له من قبل مثيلا رغبة من قادة الدولتين في النهوض بقدراتهما خدمة لتطلعات شعبيهما نحو الرقي والازدهار. وفي هذا المسعى صادقت الدورة ال19 للجنة المشتركة الكبرى التي انعقدت بتونس في شهر فيفري 2014 على حزمة من القرارات تشكل لبنة جديدة في مسار التعاون الثنائي في المجال الاقتصادي. وفي هذا الإطار حددت اللجنة أول مارس 2014 لدخول الاتفاق التجاري التفاضلي الموقع بين البلدين حيز التنفيذ وهو الإجراء الذي من شأنه إعطاء دفعا للمبادلات التجارية ودعم الشراكة والتكامل الاقتصادي بين الجزائروتونس إلى جانب الاتفاق على تعزيز التعاون بين المؤسسات المالية. كما توصل الطرفان إلى الاتفاق حول تزويد الحدود بالغاز الطبيعي الجزائري لاسيما ساقية سيدي يوسف وطبرقة وعين دراهم كمرحلة أولى إلى جانب إمكانية الاستغلال المشترك لبعض الخطوط الجوية بين بعض المدن الشرقية للجزائر ومدن تونسية وكذا إمكانية إعادة تشغيل خط السكة الحديدية بين عنابةوتونس.