من يدخل مستشفى مصطفى باشا الجامعي بالعاصمة، في أية ساعة كانت، وخاصة في الفترة الصباحية، قد يعتقد انه داخل إلى احد الأسواق الخاصة ببيع السيارات، نظرا للعدد الهائل من المركبات الداخلة إليه والخارجة منه، مما يتسبب في حالة اختناق كبيرة، تصعِّب على أصحاب السيارات والراجلين معا، مهمة السير والتنقل في ساحة المستشفى والتوجه إلى مختلف الأقسام والمصالح، وفي كافة الأحوال، فانه من غير المعقول أن تكون كل تلك السيارات المركونة والسائرة، والتي يحاول أصحابها إيجاد مكان ما لركنها، سواء التي تعود ملكيتها للأطباء والعاملين بالمستشفى المذكور، أو التي تحمل مواطنين مرضى من شتى المناطق والولايات، أو التي تنتظر خروج بعض المرضى من الأقسام المتعددة التي يحتويها المستشفى، يضاف إليها سيارات الإسعاف، وباقي المركبات التابعة للقطاع الصحي، فانه يمكن لنا أن نتخيل المشهد العام الذي يصبح عليه اكبر وأقدم مستشفى بالعاصمة والذي يستقبل يوميا آلاف المواطنين، كما يعلم الكثيرون الحالة التي يعيشها مدخل المستشفى بصفة يومية تقريبا، نظرا للعدد الهائل من السيارات الداخلة إليه، لاسيما مع الانسداد الذي تعرفه ساحة أول ماي عموما، باعتبارها مفترق طرق للعديد من الاتجاهات، وهو ما ينعكس في الأول والأخير على المرضى بالدرجة الأولى، الذين يكونون محمولين على سيارات خاصة أو على سيارات الإسعاف، كونهم يضطرون إلى الانتظار دقائق يمكن أن تمتد طويلا، رغم أن حالات بعضهم قد لا تحتمل ذلك. وبغض النظر عن السيارات والمركبات الكثيرة المتجولة داخل المستشفى نفسه، والمنتظرة عند مخرجه ومدخله، فان الأعداد الكبيرة من المواطنين المتواجدين فيه أيضا تجعلنا نطرح الكثير من التساؤلات، فهل من المعقول أن يكون جميعُهم محتاجين للتوجه إلى إحدى المصالح، أو مرافقين لبعض المرضى؟ ولعل الجواب ينكشف لنا سريعا إذا ما لاحظنا العشرات منهم، يتجهون إلى جهة شارع "بيشا" حيث تتواجد مصلحة طب وجراحة واستعجالات العظام، وحيث توجد أيضا البوابة المؤدية إلى سوق وشارع ميسونيي، وعدد من الأحياء الأخرى، حيث يفضل العديد من المواطنين المتجهين إلى السوق أو العاملين ببعض المصالح والمرافق المتواجدة في الحي السالف الذكر، أو الذين لديهم أي مشوار أو مصلحة أخرى، التوجه إليه عبر مستشفى مصطفى باشا، عوض القيام بدورة كاملة عبر أول ماي، أو عبر شارع حسيبة بن بوعلي، ورغم أن للبوابة أوقات معينة تفتح فيها أبوابها، إلا أن ذلك لم يمنع وجود اكتظاظ يومي، ساهم في زيادة الضغط على المستشفى، وعلى المواطنين المحتاجين فعليا إلى التردد على مختلف مصالحه، وهو ما يدفع البعض منهم إلى الندم ألف مرة على قراره التوجه إلى المستشفى مهما كانت حالته الصحية، فقط لأنه قد لا يجد متسعا من المكان يضع فيه قدميه، بسبب الخناق الذي يفرضه عليه الراجلون من جهة، وأصحاب السيارات من جهة أخرى. هذا دون الحديث عن الصراخ والأصوات المرتفعة، المنبعثة من حناجر المواطنين تارة، ومن حناجر أعوان الأمن والحراسة المكلفين بمراقبة المواقف، وتوجيه المواطنين، وأبواق ومنبهات السيارات، وحالة الفوضى العارمة التي يعيشها مستشفى مصطفى باشا الجامعي، الذي يبدو انه هو نفسه بحاجة إلى مساعدة استعجالية لانتشاله من الوضع الكارثي الذي آل إليه، وإنقاذه من هذه الوضعية الصعبة، بعد أن تحول من مستشفى، يلجأ الناس إليه طلبا لبعض الصحة والراحة والهدوء، إلى اكبر مكان يتعرض فيه المرء لكافة أشكال التوتر والضغط وشد الأعصاب، فالمتجول في محيط مستشفى مصطفى باشا، عليه أن يذكِّر نفسه في كل مرة انه داخل حرم مستشفى جامعي هو الأكبر في ارض الوطن، وليس في الشارع أو في إحدى الطرق السريعة، لأنه من الممكن أن ينسى المرء ذلك، لولا وجود عدد من الأشخاص المرتدين لمآزر بيضاء، تكشف – لحسن الحظ - عن مهنتهم وعن المكان الذين نحن متواجدين فيه.