عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: [لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن علمه ماذا عمل به وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن جسمه فيم أبلاه] رواه الترمذي والطبراني. لقد أخبرنا النبي الحبيب أنه ما من عبد يوم القيامة إلا وسيسأل عن أربعة أسئلة وسيكون هذا بعد السؤال عن الصلاة فإذا كانت أجابتك صحيحة فلحت وكنت من أصحاب الجنان العلى فهما أسئلة تفتح لك أبواب السعادة في الآخرة أما إن قصرت في هذه الأسئلة الأربعة فيا له من هلاك وخسارة وهذه الأسئلة هي : 1 - عن عمره فيما أفناه: يسألك الله يوم القيامة عن عمرك فيما أفنيته وماذا أعددت لأخرتك وماذا قدمت لحياتك فيقول سبحانه وتعالى :{ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه}..[الزلزلة:7-8] كما قال تعالى {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}..[الحجر:92-93]. فكل حسنة وكل معصية أنت جنيتها تكتب لك في كتابك وتأتي يوم القيامة تتلو عليك كما قال رب العزه: {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا، اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا}..[الأسراء:12-14]. وقال الحسن البصري رحمه الله: يا أبن آدم إنما أنت أيام مجموعة، فإن مضى يوم مضى بعضك، وإن مضى بعضك مضى كلك. وقال أيضاً : (ما من يوم تطلع فيه الشمس إلا وينادي بلسان الحال ويقول: يا ابن آدم أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فاغتنمني فإني لا أعود إلى يوم القيامة. فاتقو الله وحافظوا على الصلوات الخمس والسنن وافعلو الخيرات وأكثرو من ذكر الله وتصدقو على الفقراء وأفنو عمركم فى سبيل الله حتى تفوزون الفوز العظيم يوم القيامة. 2- عن علمه ماذا عمل به: سوف يسأل الإنسان عن العلم الديني وماذا تعلم عن أصول دينه وما أُحل له وفرضه الله وما حُرم عليه فإذا تعلمه وأداه على الوجه الصحيح فقد فاز وربح وكان من أصحاب الجنة أما إذا تعلمه ولم يعمل به إذاً فهو من الخاسرين وحتى إن لم يتعلمه فهو من الهالكين كما ورد في بعض الأحاديث: (وَيْلٌ لِمَنْ لَا يَعْلَمُ، وَوَيْلٌ لِمَنْ عَلِمَ ثُمَّ لَا يَعْمَلُ). والويلُ هو الهلاكُ الشّديدُ). 3 - عن ماله من أين أكتسبه وفيما أنفقه: يقصد بهذا الكلام أن الإنسان يُسأل يوم القيامة عن المال الذى يمتلكه في الدنيا فإن كان جناه من طريق الحلال وصرفه في أمر أباحه الشرع فلا يكون مواخذةٌ عليه فالناس في أمر المال ثلاثة أصناف اثنان هالكان وواحد ناج فالهالكان أحدهما الذي يجمع المال من طريق حرام والآخر الذى يجمعه من طريق حلال ويصرفه فى الحرام. 4 - عن جسمه فيم أبلاه: سوف تسأل عن هذا البدن، وعن هذا الجسد فيما أبليته، هل أبليت جسمك فى عمل الدنيا والآخرة، أم في عمل الدنيا فحسب وسوف ينطق كل عضو فى جسدك عما فعلت به يقول عز وجل {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}..[يس:65]. وقال الله جل وعلا:{ وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }..[فصلت:19-21].