يبدو أن مفعول المؤامرات البترولية الخليجية ضد الجزائر قد انقلب عليها، حيث تتوالى التقارير الدولية المنذرة بانهيار المنظومات الاقتصادية للإمارات البترولية بسبب تهاوي أسعار الذهب الأسود، ما جعل (Capitlal Economics) تتوقّع تفوّق اقتصادات دول شمال إفريقيا من بينها الجزائر على دول الخليج الغنية بالنفط آفاق 2016. قال تقرير أصدرته (Capitlal Economics) أمس إن تراجع أسعار النفط في الآونة الأخيرة أدّى إلى تراجع اقتصاد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مشيرا إلى أن الانخفاض الشديد في الخليج كان مبالغا فيه، وهو ما سيؤثّر على مستويات النمو في السنوات المُقبلة. وفي المقابل، فإن التوقّعات بالنّسبة لاقتصاديات شمال إفريقيا (الجزائر - مصر - المغرب - تونس) تبدو مُشرقة. وأشار التقرير إلى أن انخفاض أسعار النفط سوف يُقلّل من العجز في الحساب المالي التي واجهت اقتصادات المنطقة في السنوات الأخيرة، علاوة على ذلك ينبغي على حكومات دول المنطقة أن تقوم بإصلاحات اقتصادية تشجّع الاستثمار الأجنبي وتجذب المزيد منه. وأكّد التقرير على أن عدم الاستقرار السياسي المحيط بالمنطقة والمتجدّد دوما يمثّل خطرا رئيسيا على دول المنطقة واقتصاداتها، لكننا نعتقد أن اقتصادات شمال إفريقيا ستفوق جيرانها الغنية بالنفط في 2015-2016. وليس هذا التقرير الأوّل الذي توقّع انهيار اقتصاد دول الخليج هذه السنة، حيث سبقه تقرير اقتصادي متخصّص حديث نشرته الشركة الكويتية الصينية توقّع أن يكون وضع اقتصاديات الدول الخليجية في عام 2015 أقلّ إيجابية من السنوات الماضية، لا سيّما الدول المرتبطة بالنفط بسبب معاناتها من انخفاض أسعار النفط وقلة جاذبية الأصول فيها. كما قدّر البنك الدولي أن تتكبّد دول مجلس التعاون الخليجي خسائر بنحو 215 مليار دولار في ستّة أشهر إذا استمرّت أسعار النفط في مستويات متدنية قياسية، وتشكّل الخسائر المقدّرة أكثر من 14 بالمائة من إجمالي الناتج المحلّي لدول المجلس. وأضاف تقرير البنك الدولي أنه إذا كان متوسّط سعر برميل النفط 65 دولارا في العام الجاري فإن السعودية ستحقّق عجزا بموازنتها قدره 1.9 بالمائة من ناتجها المحلّي والبحرين 5.3 بالمائة وسلطنة عمان 11.6 بالمائة وقطر 7.4 بالمائة والإمارات 3.7 بالمائة، في حين ستكون الكويت الدول الخليجية الوحيدة التي ستحقّق فائضا ب 3.1 بالمائة. لكن ورغم الخسائر الاقتصادية التي تتكبّدها دول الخليج المعتمدة أساسا على الريع البترولي إلاّ أنها ترفض خفض الإنتاج لرفع الأسعار وتنفي في نفس الوقت نظريات المؤامرة وتواطئها مع الولايات المتّحدة الأمريكية لتصعيب الوضعية الاقتصادية لبعض الدول، حيث عمدت دول الخليج الى الضغط على منظّمة الدول المصدّرة للبترول (أوبك) من أجل تعطيل مسعى جزائري-فنزويلي لعقد اجتماع طارئ في الثلاثي الأوّل من 2015 لبحث الأسعار المتهاوية للذهب الأسود. وقالت كلّ من السعودية والكويت إنهما ليستا بحاجة إلى خفض الإنتاج، وهو ما جعل وزير النفط الإيراني بيغن زنغنه يقول إن استمرار هبوط أسعار النفط (مؤامرة سياسية). ولعلّ هذا ما جعل الأمين العام لجبهة التحرير الوطني عمار سعداني يقول قبل أسابيع إن انخفاض أسعار النفط (مؤامرة من الغرب تنفّذها المملكة العربية السعودية بهدف تركيع 5 دول من بينها الجزائر وتجويع شعوب هذه الدول التي لم يتمكّن الغرب من التدخّل فيها عسكريا)، متسائلا عن (سرّ هذا الانخفاض في أسعار النفط الذي يأتي في وقت كان يجب أن ترتفع فيه بالنظر إلى ما يحدث من حروب في عدّة مناطق حسّاسة).