صعّد الإرهاب ضرباته في ليبيا في تحدّ للجهود الدولية المبذولة لإيجاد حلّ سياسي للأزمة هناك، وبعد أيّام على نشر (داعش) فيديو تبنّى فيه ذبح 21 قبطيا مصريا في سرت (وسط) شنّ التنظيم سلسلة تفجيرات انتحارية في مدينة القبّة (شرق) أسفرت عن سقوط ما لا يقلّ عن 31 قتيلا و40 جريحا، غالبيتهم الساحقة من المدنيين الذين كانوا يستعدّون للتوجّه إلى صلاة الجمعة. أتى ذلك في وقت ما يزال فيه المجتمع الدولي يتدارس كيفية الردّ على مذبحة سرت. واستهدفت ثلاثة تفجيرات بسيّارات مفخّخة مقرّ مديرية الأمن (الشرطة) في القبّة ومحطة وقود مزدحمة ومنزل رئيس مجلس النوّاب (البرلمان) الليبي عقيلة صالح الذي كان نقل مقرّ إقامته إلى طبرق المجاورة، كما أبلغت (الحياة) مصادر في المدينة. غير أن الفرع الليبي ل (داعش) تبنّى تفجيرين فقط ادّعى أنهما استهدفا غرفة عمليات اللّواء خليفة حفتر الذي تشنّ قوّاته حملة ضد الإرهاب في بنغازي وشرق البلاد المعروف تاريخيا بولاية برقة. وتجاهل التنظيم التفجير الثالث في محطة الوقود، والذي أودى بحياة العدد الأكبر من المدنيين الأبرياء. وأوردت حسابات في خدمة (تويتر) على صلة بما يعرف بفرع (داعش في ولاية برقة) أن (فارسين من فوارس الخلافة قاما بتنفيذ عمليتين استشهاديتين بسيّارتين مفخّختين استهدفتا غرفة عمليات الطاغوت حفتر في المنطقة الشرقية والجبل الأخضر في منطقة القبّة). وأرفقت تلك الحسابات تبنّي الاعتداءين بصور ل (منفّذيهما) ولحظة وقوعهما، مع الإشارة إلى (قتل وجرح العشرات ثأرا لدماء أهلنا المسلمين في مدينة درنة وانتقاما من حكومة طبرق المتآمرة ورسالة لكلّ من تسوّل له نفسه الاعتداء على جند الخلافة وعامة المسلمين)، في إشارة إلى الغارات التي شنّها سلاح الجوّ المصري على مقار للتنظيم الإرهابي في درنة ردّا على مذبحة المصريين في سرت. ونشر التنظيم على (تويتر) صورتين لمسلّحين ملثّمين أعلن أنهما ل (منفّذ العملية الأولى أبو عبد اللّه الجزراوي ومنفّذ العملية الثانية بتّار الليبي). ولم يتسنّ للأجهزة الأمنية الليبية التحقّق من هوية صاحبي الصورة. وهزّ دوي الانفجارات الثلاثة أنحاء المدينة الآمنة نسبيا، والتي تبعد نحو 50 كلم شرق البيضاء، حيث مقرّ الحكومة الليبية المعترف بها دوليا والتابعة للبرلمان الذي اتّخذ من طبرق المجاورة مقرّا له منذ سيطرة ميليشيات متحالفة مع الإسلاميين على العاصمة طرابلس وأجزاء من مدينة بنغازي. وأبلغ شهود (الحياة) بأن العدد الأكبر من الضحايا سقط في محطة (بو جميلة) للوقود التي كانت تشهد ازدحاما وفي مقهى مجاور لها مزدحم أيضا ونفوا وجود أيّ هدف عسكري في الأماكن التي استهدفها التفجيران الآخران، ما عدا مقرّ الأمن المحلّي الذي سقط داخله قتلى وجرحى من رجال الشرطة خلال آداء واجبهم. ونقل معظم الجرحى إلى مستشفى مدينة البيضاء القريبة، فيما توقّعت مصادر طبّية أن يناهز عدد الضحايا ال 40 قتيلا و120 جريح إثر توافر حصيلة دقيقة للاعتداءات. * أسلحة كيماوية قالت مصادر عسكرية ليبية إن ميليشيات مسلّحة استولت على أسلحة كيماوية من بقايا مخازن معمّر القذافي. وأكّدت المصادر أن المخازن تقع في الصحراء بجنوب وجنوب وسط، وأضافت أن لديها مخاوف من أن تصل مواد فتّاكة مثل غاز (الخردل) و(السارين) إلى تنظيم (داعش) الذي يطمح إلى لفت الأنظار إليه بعد عملية ذبح المصريين ال 21 في ليبيا قبل أيّام، وفي مقابلة صحفية مع مسؤول عسكري ليبي بشأن كمّية الأسلحة الكيماوية قال: (للأسف، موجودة في أماكن أصبحت معلومة للميليشيات، لقد استولت على كمّيات منها لاستخدامها في حربها مع الجيش، سواء بشكل مباشر، أي باستخدامها ضد القوّات العسكرية، أو بشكل غير مباشر من خلال التهديد باستخدامها لتحقيق مكاسب سياسية).