تتوالى ردود الأفعال المناوئة ل(عدم عدل) قانون حماية المرأة من العنف الذي صادق عليه نواب البرلمان أول أمس، ولعل أبرز المطالب (الجديدة- القديمة) التي حملها التيار المعاكس للقانون، ضرورة (تجريم) تبرج النساء في الأماكن العمومية، على اعتبار أن هذه الظاهرة (المسكوت عنها) هي (أم خبائث) العنف والتحرش الجنسي ضد الجنس اللطيف، فإذا كان من الواجب حماية المرأة من عنف الرجل وتحرشه بها، فمن الواجب أيضا حماية المجتمع من تبعات سفور وعري كثير من النساء المتبرجات. وأقر البرلمان تعديلات جديدة تشدد العقوبة على الرجل الذي يمارس العنف الجسدي والمعنوي ضد المرأة ويحمي ممتلكاتها، وسط معارضة الإسلاميين الذين اعتبروه مخالفا (للنص القرآني).وأكد وزير العدل الطيب لوح ان المواد الجديدة في قانون العقوبات تندرج في إطار رؤية شاملة للحكومة لمحاربة كل أنواع العنف ضد المرأة (...) مع مراعاة خصوصيات المجتمع الدينية والثقافية . ونص التعديل الجديد لقانون العقوبات على ان كل من احدث عمدا جرحا أو ضربا بزوجه يعاقب بالسجن من سنة إلى 20 سنة بحسب درجة خطورة الإصابة. أما في حالة الوفاة فالعقوبة هي السجن المؤبد. كما نص التشريع الجديد على معاقبة الزوج بالسجن من ستة اشهر إلى سنتين لكل من يمارس على زوجته أي شكل من أشكال الإكراه أو التخويف ليتصرف في ممتلكاتها أو مواردها المالية . وللمرة الأولى، تم إدراج التحرش بالنساء ضمن قانون العقوبات ونص على السجن بين شهرين إلى ستة أشهر أو الغرامة المالية ضد كل من ضايق امرأة في مكان عمومي بكل فعل أو قول أو إشارة تخدش حياءها . برلمانيون: القانون معارض للنص القرآني شهدت جلسات مناقشة القانون جدلا واسعا داخل قبة المجلس الشعبي الوطني خصوصا من النواب الإسلاميين الذي اعتبروا القانون تدخلا في العلاقات الزوجية وان القانون مستورد ومستنسخ من قوانين الدول الغربية . وبالنسبة للنائب عبد العزيز بلقايد من كتلة تحالف الجزائر الخضراء فإن دور المرأة في الأسرة خط أحمر لا يمكن تجاوزه ، بينما اشار زميله نعمان بلعور إلى ان القانون يتعارض مع النص القرآني ويهدف إلى تفكيك الاسرة . وذهب نواب حزب جبهة العدالة والتنمية الإسلامي إلى حد المطالبة بقانون يمنع التعري والتبرج للنساء في الأماكن العمومية لأنه السبب الأول للتحرش بهن -حسب- قولهم. أما النائب المستقل احمد خليف فاعتبر ان هذا القانون يقيد حرية الرجل ويساهم في انتشار العلاقات خارج الزواج . وقال في هذا السياق من الأفضل ربط علاقة خارج الزواج على الزواج نفسه والمخاطرة بالمتابعة القضائية لأي سبب . رجال دين: نطالب أيضا بتجريم التبرج في الشوارع يعتبر رجال الدين من بينهم الداعية الإسلامي فيزازي بغدادي إمام مسجد الرحمة بوهران، تبرج النساء في الشارع جريمة في حق المجتمع، يحرمها الشرع ويعاقب عليها القانون، وبالنسبة للقانون الجديد الذي يجرم التحرش في الشارع دعا المتحدث إلى تعميمه بتجريم التبرج أيضا، (لأن المرأة المتبرجة والتي تخرج من بيتها شبه عارية هي تتحرش بالشباب وتستفز غرائزهم وشهواتهم، وكان الأجدر على القانون أن يفرض على المرأة لباسا محترما قبل أن يجرّم المتحرشين بها)، وأضاف المتحدث أن الله لم يحرم التبرج لذاته بل حرمه لتأثيره على الرجال، وربط غض البصر بحفظ الفرج لقوله تعالى {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم}. قانونيون: تبرج المرأة جريمة مسكوت عنها ! يؤكد قانونيون من بينهم المحامي حسان براهيمي ، أن القانون الجزائري يعاقب على التبرج الفادح في الشوارع، وذالك بتجريم النساء اللواتي يخرجن للشارع شبه عاريات ، حيث تعاقب المادة 347 بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وبغرامة من 1000 إلى 20 ألف دج كل من قام علنا بإغراء أشخاص من أي من الجنسين بقصد تحريضهم على الفسق، وذلك بالإشارة والأقوال أو الكتابات أو بأي وسيلة أخرى. وأضاف أن المادة 333 تعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين وبغرامة من 500 إلى 2000 دج كل من ارتكب فعلا علانيا مخلا بالحياء. علماء اجتماع: محاربة التحرش يكون بالاحتكام للإسلام يرى علماء اجتماع أن عوامل التحرش الجنسي هي سياسية في المقام الأول وتحتاج إلى نظام كامل متكامل من جميع النواحي الاقتصادية والتعليمية والقضائية، وحل هذه المشكلة - بل وغيرها -، بتشريع الدولة للقوانين، ولكن دون أن تكون هذه القوانين قائمة على تطبيق أحكام الله وأنظمة الإسلام السياسية، اقتصادية كانت أو تعليمية أم اجتماعية أم قضائية، فإنه لا يكون حل! ويضيف هؤلاء أن الدولة التي تقوم بذلك حتماً لا بد أن تحتكم للاسلام، وليس دولة علمانية تحكم بنظام يجعل الحرية الشخصية أحد مقدساته المسماة الحريات العامة، حرية الرأي والحرية الشخصية وحرية العقيدة وحرية الملكية، والتي ثبت فشلها الذريع واستحالة وجودها على إطلاقها وإلا كانت الفوضى عارمة، فكان لا بد من صرامة القانون وقوة الدولة في هذه الدول التي تتعدى التقديس لهذه الحريات وتقيده مما أفرغ هذه الحريات من مضمونها المزعوم، وأصبح النظام والتقيد بالنظام هو السمة الغالبة على هذه الدول المدعية!..